تحاول الأحزاب الإسرائيلية الخروج من مأزق تشكيل الحكومة المتعثر منذ أبريل/نيسان 2019، عبر خوض انتخابات الجولة الثالثة من خلال تشكيل تحالفات جديدة توصلها إلى جمع 61 مقعدا، وتؤهلها لتشكيل الحكومة بأريحية.
الأربعاء الماضي، أعلنت ثلاثة أحزاب يمينية
(اليمين الجديد، والبيت اليهودي، والاتحاد القومي) تشكيل قائمة واحدة لتخوض بها انتخابات
الكنيست الـ23، والمقررة في 2 آذار/مارس القادم.
وجاء قرار اتحاد الأحزاب اليمينية بعدما مارس
رئيس حكومة الاحتلال المنتهية ولايته بنيامين نتنياهو الضغط على زعماء الأحزاب
اليمينية لتوحيد صفوفهم، وفق ما ذكر موقع i24 الإسرائيلي.
ومن جانبها، قدمت
"القائمة المشتركة" التي تمثل العرب في "إسرائيل" بمركباتها
الأربعة (الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، والقائمة العربية الموحدة، والتجمع
الوطني الديمقراطي، والحركة العربية للتغيير)، قائمة موحدة للانتخابات، وذلك على الشاكلة نفسها التي خاضت بها الجولتين السابقتين.
وسبق أن أُعلن، مساء الاثنين الماضي،
عن تشكيل تحالف لمعسكر "العمل- جيشر" (وسط -يسار)، و(اليسار) الذي يمثله "المعسكر الديمقراطي وينضوي تحته حزبا (ميرتس وإسرائيل ديمقراطية)".
اقرأ أيضا: 3 أحزاب يمينية بقائمة موحدة لخوض الانتخابات الإسرائيلية
وفي آخر استطلاع للرأي، نشرته القناة 11 الإسرائيلية، الجمعة، حصلت
كتلة الوسط- يسار مع القائمة المشتركة على 58 مقعدا، وكتلة اليمين على 55 مقعدا،
فيما بقي حزب "إسرائيل بيتنا"، الذي حصل على 7 مقاعد، يشكل الكفة
الراجحة.
وعليه لا يمكن لأي معسكر تشكيل حكومة دون إشراك "ليبرمان"، ما يشير إلى أن الأزمة
لن تحلها التحالفات الجديدة، كما يرجح محللون أن تلجأ "إسرائيل" لخوض
جولة انتخابات رابعة.
أسباب التحالف
ويرى الكاتب المختص في الشؤون الإسرائيلية،
محمود مرداوي، أن هذه التحالفات سيكون لها مكاسب عامة على مستوى المعسكر (التكتل)
وعلى مستوى الأحزاب، معتبرا أنها "محاولة لمنع إضاعة الأصوات من كل طرف".
وفي حديثه لـ"عربي21" يقول
مرداوي: "اليمين كان يعتقد أنه إن لم يكن ضمن عملية اصطفاف فسيُضيع عددا من الأصوات هدرا، وكذلك اليسار تكتل من أجل منع تسريب الأصوات".
وحول دوافع تشكيل هذه التحالفات، أوضح
"الأحزاب الصغيرة خشيت أن تدفع ثمن حالة الازدحام الانتخابي ما بين الحزبين
الكبيرين (الليكود، وأزرق أبيض)، نظرا لأن الانتخابات الثالثة تخيف الجمهور مما يضطره لإعطاء أصواته
للأحزاب كبيرة، حتى لا يعود إلى انتخابات رابعة".
ومن جانب الأحزاب الكبيرة، فإنها
"دُفعت باتجاه التحالف، لاعتبار أن نجاحها في الانتخابات لن يكون كافيا للحصول على ما فوق
الستين مقعدا التي تؤهلها لتشكيل الحكومة، فأرادت أن تحصل على ذلك من خلال الأحزاب
الموالية لها".
وأشار إلى أن الأحزاب الكبيرة، في السابق،
كانت توظف جُل دعايتها لأن ينتخبها الناخب دون الاهتمام برصيد شركائها، لكنها بعد
الأزمة السياسة "تحاول أن تدفع الجمهور لكي ينتخب كل المعسكر الموالي لها".
تأثير التحالف
وحول تأثير هذه التحالفات على نتائج
الانتخابات، يعتقد مرداوي أن "المجتمع الصهيوني منقسم بصورة متساوية بين اليمين
والوسط واليسار، وذلك بعد اعتبارات مست بمكانة اليمين، خاصة شخص نتنياهو الذي كان
يشكل عمودا فقريا فيه، على وقع الفشل الأمني والفساد وتدخلات عائلته في
الحكم".
ويرى بأن العامل الذي سيؤثر على نتائج الانتخابات
باتجاه اليمين أو الوسط هو "الظروف الموضوعية"، موضحا "أي تأثير
خارجي سيشكل دعما لاتجاه ضد اتجاه".
ودلل
على ذلك بالقول: "أي توتر أمني شديد سيؤثر لصالح اليمين، لأن المجتمع
الإسرائيلي يلجأ لإعطاء اليمين عند الأزمات الأمنية ولا يثق في اليسار والوسط".
وأوضح أن "البعد الموضوعي يتعلق بالعلاقة بالتصعيد في جبهة الجنوب بقطاع غزة أو جبهة الشمال حزب الله أو مع إيران أو في الضفة الغربية المحتلة".
وأضاف: "أما إذا كان الجو هادئا، فربما
نكون أمام إعادة انتخابات مرة أخرى، لأن الاستطلاعات لا تعطي أفضلية لمعسكر على
آخر".
اقرأ أيضا: حزبا "العمل" و"ميرتس" بقائمة واحدة ضد نتنياهو
ونوه إلى أن "الاستطلاعات في أول مرة وكسابقة
تعطي تساوي بين بيني غانتس زعيم "أزرق أبيض"، وبنيامين نتنياهو زعيم
"الليكود"، في حظوظهم لتولي منصب رئاسة الوزراء.
ورغم أن المعسكر اليميني يعلو على حساب معسكر
اليسار والوسط، لكن الاستطلاعات تشير إلى حصول حزب "أزرق أبيض" على 34
مقعدا، و"الليكود" 31 مقعدا. بحسب ما ذكر المختص في الشؤون الإسرائيلية.
أزمة لا مثيل لها
ومن جهته، يرى الأكاديمي والخبير في الشؤون
الإسرائيلية، مأمون أبو عامر، أن حالة الاستقطاب داخل المجتمع الإسرائيلي لم يسبق لها مثيل من قبل.
وفي حديثه
لـ"عربي21" أوضح أن "تحالف الأحزاب اليسارية هدفه ضمان وجودها في
الكنيست القادم، لأن استطلاعات الرأي تضع على الأقل حزب ميرتس على حافة الهاوية،
وهناك استطلاعات تشير إلى سقوطه وهو مضطر إلى الانضمام لحزب العمل، الذي هو الآخر
كاد أن يواجه المصير نفسه لولا تحالفه مع حزب جيشر".
أما هدف تحالف
اليمين فهو "ضمان تمثيل قوى اليمين، وعدم تضييع أصواته في كتل وأحزاب هامشية؛ لأنها
ستخسر أصوات من حصة اليمين".
وعن رأيه حول ما سيؤول إليه المشهد بعد هذه التحالفات، يقول أبو عامر: "من غير المتوقع أن يحسم
طرف المشهد لصالحه، وأستبعد أن ينجح اليمين بتجاوز عتبة 61 مقعدا الضرورية لتشكيل
الحكومة".
وأرجع السبب إلى
أن "ليبرمان المحسوب على اليمين لا يمكن أن يدخل في حكومة يقودها نتنياهو".
ويعتبر
الأكاديمي أبو عامر بأن السيناريو الوحيد لينجح اليمين في تشكل الحكومة هو "تراجع
قوة ليبرمان لصالح اليمين"، أو أن "يقبل ليبرمان بالدخول في هذه الحكومة، وهذا يتطلب
صفقة معقدة لإرضائه، لأن المشكلة بين
ليبرمان ونتنياهو خرجت من الإطار الحزبي إلى الإطار الشخصي".
تجدر الإشارة إلى أن "إسرائيل" تشهد أزمة سياسية، بعد فشل نتنياهو وغانتس بالحصول على أغلبية 61 نائبا لتشكيل الحكومة لمرتين متتاليتين بعد انتخابات في أبريل/ نيسان 2019، تلتها أخرى في أيلول/ سبتمبر من العام ذاته.
قصف إسرائيلي يستهدف موقعا للمقاومة شمال قطاع غزة
البرلمان المصري يوجه أول استجواب للحكومة منذ انتخابه.. لماذا؟
لماذا يتفوق الاحتلال الإسرائيلي على العرب في صناعة السلاح؟