الخطة البائسة التي أعلنها ترامب لمستقبل فلسطين والخارطة المسخ التي أبرزها "لدولة فلسطين" المستقبلية وضعت النقاط على حروف كل ما تسرب لنا في الفترة الماضية حول تسليم الأراضي الفلسطينية المحتلة و تقديم أراض متفرقة قليلة للفلسطينيين تربطها أنفاق أو جسور تمول دول عربية إنشاءها بخمسين مليار دولار و يبقي الاحتلال في هذه الأراضي جيوبا سكانية له " شرعنة المستوطنات " بتعداد هو الأكبر في تاريخه حيث يناهز عدد المستوطنين نصف مليون، مع تفاصبل أخرى خلاصتها حديث عن دولة بلا أرض أو شعب أو ميناء أو مطار.
ويمنّ ترامب والاحتلال على من سرقوا بلادهم بالسماح لمن بقي منهم داخل هذه الأراضي المحتلة بالبقاء فيها! بينما لا حديث مطلقا عن عودة الملايين الذين هجرهم الاحتلال وجعلهم شتاتا في بقاع الأرض.
وفي ذات الوقت يناقض نفسه عندما تحدث عن القدس غير المقسمة عاصمة للاحتلال ليعود ويذكر إقامة عاصمة فلسطينية في القدس الشرقية؛ عاصمة تحدثت تسريبات بأنها بلدة "شعفاط " القريبة من مدينة القدس.
ورغم كل التفاصيل الجائرة على فلسطين وقضيتها والمخالفة لكل المواثيق الدولية السابقة حولها إلا أن هذه الصفقة نجحت من حيث لم يرد واضعوها بتوحيد موقف الفرقاء الفلسطينيين ضدها وتذكير الرئيس محمود عباس بأهمية التئام الشمل مع حماس والجهاد وباقي الفصائل في مواجهتها، بل ويسجل بالإيجاب لها أنها قامت بتعرية الدول العربية المتواطئة مع الاحتلال فهذه دول الإمارات وعمان والبحرين أرسلت سفرائها لحضور الإعلان المشؤوم و الخارجية المصرية باركت الخطوة ورأتها فرصة للسلام فيما فضلت دول أخرى الصمت أو التصريح بتحفظ و لم ترفض ما جرى بشكل صريح كما فعلت تركيا و إيران.
من إيجابيات هذا الإعلان المشؤوم أنه وضع الرئيس محمود عباس أمام اختبار حقيقي لترجمة تهديداته المعتادة مثل وقف التنسيق الأمني والتراجع عن أوسلو على أرض الواقع.
وشكل إعلان ترامب لخطته حرجا للمسؤولين العرب الذين يزاودون على الفلسطينيين من مواقعهم المختلفة بخطابات جياشة بالمشاعر أو مليئة بالشتائم للطرف الأخر.
أحد النواب في الأردن قدم في خطابه الناقد لترامب وخطته إيحاءات بذيئة وشتائم كثيرة ضد ترامب والسؤال: ماذا بعد، وماذا تستفيد فلسطين وقضيتها من كلماتك السوقية؟!
الأهم أن يشتغل كل من موقعه على فضح الاحتلال وعملائه و إلغاء أي اتفاقيات معه و دعم المقاومة المشروعة لطرده وإعادة الحق المغتصب لأصحابه.
وفي المقابل على خصوم محمود عباس وفريقه منحهم فرصة لترجمة ما يهددون به وعدم المسارعة لتكذيب أي تصريح لهم حول ذلك، وترك المصادر العبرية و شائعاتها حولهم ولو قليلا.
أتفهم تماما خيبات الأمل الكثيرة التي تعرض لها الفلسطينيون إثر التهديدات السابقة الكثيرة للاحتلال وداعميه والتي أطلقها عباس وذهبت كلها أدراج الرياح ولذلك يتوجس كثيرا خيفة من تكرار ذلك وتجريب المجرب؛ ولكن ما بيد الحيلة و نحن نحلم صباح مساء بتوافق فلسطيني وإنهاء الانقسام والتوحد ولو لمرة واحدة في مجابهة الاحتلال وغطرسته.
بين يدي الرئيس المحترم " قيس سعيّد"!