قررت الإسبانية "كلارا غريما" شق طريقها في عالم ترويج الرياضيات بين الأطفال عام 2011، عندما سألها ابنها الأصغر، فنتورا، الذي كان في السادسة من عمره، عن الرمز المرسوم على قميصها، "هل هو طاولة أم مرمى كرة القدم؟". حقيقة لم يكن أيا منهما، بل كان الرمز اللاتيني (بي).
وينقل موقع قناة "بي بي سي" عن "غريما"، التي تحمل درجة الدكتوراة في الرياضيات، قولها: "الشيء الجميل في الرياضيات هو التفكير، والقيام بشيء لا تعرف الآلات كيفية القيام به".
وفي كتابها الأخير، بعنوان "هلا أبقيت الرياضيات برفقتك!" (2018)، تشير "غريما" إلى مجموعة متنوعة من المواقف اليومية، التي يمكن العثور فيها على جانب له علاقة بالرياضيات، بدءا من اللقاح وانتهاء بالفيسبوك.
وتقول: "بقدر ما يؤلمني ذلك، يجب أن أعترف أن الرياضيات لا تزال تحمل سمعة سيئة، وهو أمر لا تستحقه".
وتضيف: "أنا باحثة وأستاذة جامعية منذ عام 1995. أعمل من أجل الترويج للرياضيات بين الأطفال منذ عام 2011.. وهكذا، قابلت أطفالا في الخامسة أو السادسة من أعمارهم أخبروني أنهم لا يحبون الرياضيات. ودائما ما كنت أوجه لهم نفس السؤال: "كيف تكرهونها دون أن تجربوها؟".
وتوضح أنها أدركت بذلك "أن الأطفال يكتسبون كره الرياضيات قبل دراستها، لأن هذا الموقف منتشر في كل مكان حولهم. كما انتشر التباهي بعدم القدرة على استيعاب الرياضيات أو العمل بها بين المشاهير على شاشات التلفزيون وبين بعض نجوم موقع يوتيوب، الأمر الذي خفض، رويدا رويدا، من اهتمام وحب الناس للرياضيات".
اقرأ أيضا: تاريخ نادر بشباط الجاري لفت انتباه العالم
"الأميّة الرياضية"
تشير العالمة الإسبانية إلى استحضارها كثيرا مصطلح "الأمية الرياضية"، الذي صاغه "دوغلاس هوفستادتر"، وأشاعه "جون ألن بولوس" في كتابه "الأمية الرياضية وآثارها" (1988).
وتوضح أن تلك الأمية "تنطوي على عدة مستويات من الخطورة، والتي تشمل عدم معرفة كيفية حساب النسبة المئوية أو فهم الرسم البياني".
وتضيف: "على سبيل المثال شراء تذاكر اليانصيب في إسبانيا أمر شائع جدا في فترة عيد الميلاد. وهناك أشخاص يصطفون في طوابير لشرائها من مكان معين، ظنا منهم أن الشراء من ذلك المكان سيجعل حظهم في الفوز أوفر. وهذا مثال واضح على الجهل بما يجري.. وفي هذه الحالة، أنت تضيع وقتك فقط. وهذا لا يؤثر على حياتك مباشرة. لكن الأمر يصبح أكثر خطورة إذا تعرضت للخداع من قبل مصرف يروج لعرض ما أو منتج مالي، أو لدى البحث عن وظيفة ما".
ولدى سؤالها عن "خداع الأغلبية"، الذي تفاقم مع نمو شبكات التواصل الاجتماعي، كما جاء في كتابها الأخير، تقول: "إنه أمر أكثر تعقيدا، ويحدث عندما يكون الأمر غير قابل للإحصاء. وهذا ما يسمونه بالفقاعة.. يحدث هذا عندما تكون ضمن مجموعة اجتماعية معينة، حقيقية كانت أو افتراضية".
وتوضح: "ما يحدث، الآن، هو أن شبكات التواصل الاجتماعي لديها القدرة على نقل الأخبار المزيفة أو شائعات خطيرة لا أساس لها بسرعة. والمشكلة أنه من الصعب، للغاية، الخروج من الأمية الرياضية وهذا يؤثر علينا جميعا".
وتضيف: "إن الخروج من فقاعة المعلومات الخاصة بك جهد شخصي يتعين علينا، جميعا، القيام به. من ناحية أخرى، يجب أن نكون أكثر إصرارا على ذلك، إذ أنه من السهل جداً القول إن المجموعة التي لا تنتمي إليها تتخذ قرارات غبية. لكنهم قد لا يرون ذلك بسبب وقوعهم تحت تأثير الوهم. لذلك، فإن أفضل طريقة لإخراج شخص ما من فقاعته هي عبر تقديم البيانات له والتعاطف معه".