طالب حقوقيون وصحفيون
السلطات المصرية بالسماح للمنظمات الحقوقية الدولية، مثل منظمة العفو، وهيومن
رايتس ووتش، والصليب الأحمر، بالإضافة للقنوات الفضائية الدولية المحايدة، بزيارة
السجون المصرية، كما جرى مع عدد من القنوات الأجنبية المنتقاة، التي قامت بزيارة
لسجني عنبر الزراعة وليمان طرة.
وأكد المختصون الذين تحدثوا
لـ"عربي21"، أن الزيارة التي سمحت بها الداخلية المصرية لمراسلي قنوات
"العربية، وروسيا اليوم، وسكاي نيوز، والإذاعة الألمانية، ووكالة الأنباء
الفرنسية"، بالقاهرة، لسجون عنبر الزراعة ومستشفى ليمان طرة، لا تختلف عن
الزيارة التي جرت قبل شهرين لنفس السجنين، وعرفت وقتها بزيارة "الكباب
والكفتة".
وكانت الداخلية المصرية
أعلنت، في بيان رسمي مصور، أنها استقبلت الأربعاء 21 شباط/ فبراير 2020، مراسلي
عدد من القنوات العربية والأجنبية العاملة بمصر، بالتنسيق مع الهيئة العامة
للاستعلامات؛ للوقوف على حقيقة الأوضاع بالسجون المصرية.
ونقل البيان لقاءات أجرتها
القنوات الفضائية مع مراسل قناة الجزيرة المعتقل، محمود حسين، أثناء تلقيه العلاج
في مستشفى ليمان طرة، وقالت مراسلة قناة العربية بالقاهرة "راندا أبو
العزم"، إن الزيارة تأتي للرد على كل الاتهامات التي وجهتها قنوات ودول
معادية لمصر، بأن هناك انتهاكات لحقوق الإنسان بالسجون المصرية.
المنظمات
الدولية
وفي تعليقه
لـ"عربي21"، أكد المدير التنفيذي لمنظمة السلام لحماية حقوق الإنسان،
علاء عبد المنصف، أن الزيارة لم تختلف عن الزيارات الديكورية السابقة لممثلي حقوق
الإنسان بالبرلمان المصري، وكذلك وفد المجلس القومي لحقوق الإنسان، وغيرها من
الزيارات التي يتم التجهيز لها بشكل مسبق، وفي بعض الأحيان تتم الاستعانة بشخصيات
من خارج السجون؛ لتمثيل دور المعتقلين.
ويطالب عبد المنصف السلطات
المصرية بالتعبير عن جديتها في كشف الوضع الحقيقي للسجون، من خلال السماح للمنظمات
الدولية الرسمية وغير الحكومية، كالأمم المتحدة، ومنظمة العفو الدولية، والصليب
الأحمر، وهيومن رايتس ووتش، وغيرها من المنظمات المعترف بحياديتها، لزيارة السجون
المصرية، والوقوف على حقيقة الوضع، دون تجميل أو ترتيب مسبق.
اقرأ أيضا: انتقادات لقناة العربية بعد تصوير صحفي مصري داخل محبسه
كما دعا الحقوقي المصري
للسماح لهذه المنظمات للتحقيق المحايد في الشكاوى التي تقدم بها أهالي المعتقلين
السياسيين بسجون العقرب، وشديد الحراسة 2، ووادي النطرون، وبرج العرب، والمنيا
الجديد، والوادي الجديد، وغيرها من السجون التي تشهد انتهاكات شبه يومية للمعتقلين
السياسيين.
شاهد عيان
ويصف الناشط المصري في مجال
المجتمع المدني، المعتقل السابق حسام الوكيل، في حديثه لـ"عربي21"،
القنوات والوكالات التي شاركت في الزيارة بأنها وسائل إعلام داعمة للنظام المصري،
ما يجعل الزيارة مسرحية هزلية مفضوحة، تحاول من خلالها وزارة الداخلية غسل سمعتها،
بعد ارتفاع عدد المعتقلين الذين يموتون بشكل شبه يومي في السجون نتيجة الإهمال
الطبي والأوضاع السيئة داخل كل أماكن الاحتجاز المصرية.
وأضاف الوكيل قائلا:
"عندما كنت معتقلا بسجن برج العرب، كنت أرى التجهيزات التي تقوم بها مصلحة
السجون قبل أي زيارة خارجية، وهو ما يشبه لحد كبير الصورة التي نقلها فيلم البريء
للراحل أحمد زكي، وإلا كان من باب أولى أن تسمج الداخلية بزيارة سجن العقرب
والوادي الجديد، على وجه التحديد، والالتقاء بالسجناء داخل الزنازين والعنابر، التي
تؤكد أن الأوضاع كارثية، وليست وردية مزيفة".
ووفق الوكيل، فإن السر وراء
الزيارة هو محاولة النظام المصري التصدي للحملات التي أطلقتها أسر المعتقلين
السياسيين، وكان آخرها "لبرد قرصة عقرب"، وكذلك "مؤتمر دعم قضايا
المعتقلين والمختفين قسريا في مصر"، الذي استضافته مدينة إسطنبول قبل أيام،
بحضور حقوقيين دوليين؛ لكشف انتهاكات الداخلية بحق المعتقلين.
وتوقع الوكيل فشل محاولات
غسل سمعة الأمن المصري، موضحا أن كل هذه التمثيلات تنهار مع أول خبر لوفاة أحد
المعتقلين نتيجة الإهمال الطبي المتعمد، وهي الأخبار التي أصبحت شبه يومية منذ
وفاة الرئيس الراحل محمد مرسي داخل قفص محاكمته؛ نتيجة الإهمال الطبي، والقتل
البطيء، كما أقر تقرير لجنة الخبراء بالأمم المتحدة.
وحسب الوكيل، فإن القنوات
والوكالات التي قامت بالزيارة معروفة علاقة مراسليها القوية بالأجهزة الأمنية؛
لذلك لم تخاطر السلطات بدعوة قنوات وشبكات دولية مثل BBC، أو رويترز، أو CNN؛ لأنها لن تستطيع
السيطرة على المعلومات أو الصور التي ستنقلها للعالم.
مأزق دولي
ويعلق الكاتب الصحفي سليم
عزوز على اختيار وسائل إعلام بعينها، بأنها محاولة فاشلة لمخاطبة الإعلام الخارجي،
باعتبار أن هذه القنوات والوكالات ليست تابعة للنظام المصري، وإنما إعلام مستقل
ينقل الحقيقة، وهو ما يترجم النظرة التقليدية التي يتعامل بها النظام المصري مع
القضايا التي يكون الإعلام الخارجي طرفا فيها.
ويؤكد عزوز
لـ"عربي21"، أن عدم سماح نظام السيسي للمنظمات الحقوقية الدولية بزيارات
مماثلة؛ لأنه يدرك أنها ليست تحت سيطرته، مثل القنوات التلفزيونية التي يتم السماح
لمراسليها للعمل في القاهرة، من خلال اعتماد أمني ومخابراتي، ما يجعل هذه القنوات
غير بعيدة عن التوجيه الأمني، وإلا فإن السلطات المصرية لن تقوم بتجديد التراخيص
لها.
ووفق الكاتب الصحفي، فإن
الزيارة تعكس المأزق الحقوقي الذي يعاني منه نظام السيسي، وأن سمعته بمجال حقوق
الإنسان تزداد كل يوم سوءا؛ لذلك يحاول جاهدا تقديم صورة معاكسة، كلما اشتد
التنديد الغربي لملف حقوق الإنسان، موضحا أن هذه الزيارات والأداء الدرامي
للداخلية المصرية لن تساعد في تبيض وجه النظام.
البرادعي: لا يوجد حد أدنى من الإنسانية في السجون المصرية
غموض حول مصير مشروعات عاصمة السيسي بعد تعثر التمويل الصيني
ما دلالات توقيع مصر منفردة على الورقة الأمريكية لسد النهضة؟