صحافة دولية

NYT: لم تعد معركتنا مع الجهاديين وهؤلاء هم أعداؤنا الآن

نيويورك تايمز: كنا نقاتل الجهاديين لكن أصبحت معركتنا الآن مع العنصريين البيض- تويتر

نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" مقالا لكل من عميل مكتب التحقيقات الفيدرالي السابق علي صوفان، والعسكري السابق وعضو الكونغرس حاليا، ماكس روز، يقولان فيه إنهما غامرا بحياتهما من أجل مكافحة تنظيم القاعدة.

 

ويشير الكاتبان في مقالهما، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن "التهديد الذي نواجهه حاليا ليس التهديد الجهادي، لكن تهديد العنصريين البيض، في الولايات المتحدة والخارج". 

 

ويقول الكاتبان إن "مجموعة أمريكية، تطلق على نفسها اسم The Base (القاعدة) قامت بنشر فيديو تجنيد تتكرر فيه صورتينا، تتخللها صور رجال ملثمين يستخدمون بنادق رشاشة لإطلاق النار على نجمة داود مرسومة بالدهان المرشوش، أما حركة المقاومة الشمالية الموجودة في إسكندينافيا، فأشارت إلينا بالاسم، وقالت في بيان مؤخرا: (اليهودي ماكس روز) و(عميل مكتب التحقيقات العربي علي صوفان)، أما المدافعون عن كتيبة أزوف الأوكرانية، التي يقول عنها مكتب التحقيقات الفيدرالي بأنها (وحدة شبه عسكرية)، يعرف عنها (ارتباطها بأيديولوجية النازيين الجدد)، فيتهموننا بأننا جزء من حملة الكرملين لشيطنة المجموعة".

ويتساءل الكاتبان قائلين: "لماذا هذا الاهتمام المفاجئ؟ لأننا، مع بعض الزملاء من ألوان الطيف السياسي كلها، نسعى لفضح الحقيقة حول ما يسمى الإرهاب المحلي: فلا شيء محليا حوله".

 

ويلفت الكاتبان إلى أنه "على مدى الأشهر القليلة الماضية -في جلسات الكونغرس وفي تقرير من مركز صوفان ورسالة إلى وزارة الخارجية موقعة من 40 عضوا في الكونغرس- قمنا بتوثيق وجود شبكة عالمية من العنصريين البيض المتطرفين تمتد عبر أمريكا الشمالية وأوروبا وأستراليا، فالمنظمات العنصرية البيضاء تقوم اليوم بتنظيم نفسها بشكل شبيه بالمنظمات الإرهابية الجهادية، مثل تنظيم القاعدة في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، فهي تتجاوز الحدود القومية بأساليب تجنيدها ونشر دعايتها، وكما أن الجهاديين استغلوا الصراعات في أفغانستان والبلقان وسوريا، فإن العنصريين البيض يستغلون الصراع في أوكرانيا كمختبر وأرض للتدريب".

 

ويستدرك الكاتبان بأنه "بالرغم من هذه التشابهات العميقة، فإن القانون الأمريكي لم يواكب التهديد الجديد الذي نواجهه، فلا تزال المجموعات العنصرية البيضاء الدولية غير مصنفة بأنها منظمات أجنبية إرهابية، وهو ما يعني أن القوى الأمنية والمخابرات لا تستطيع استخدام الأدوات المتوفرة لها كلها للوقوف في وجه تلك المجموعات كما وقفت في مواجهة تنظيم الدولة وتنظيم القاعدة".

 

ويبين الكاتبان أن "هناك أمثلة قليلة تكشف مدى تشابك هذا النسيج العابر للحدود، فالأسترالي الذي قام في آذار/ مارس العام الماضي بقتل 51 مصليا في مسجدين في كرايست تشيرتش، في نيوزيلندا، ادعى في بيانه أنه سافر إلى أوكرانيا ولبس خلال هجومه شعار كتيبة أزوف، وحذر مدير مكتب التحقيقات الفيدرالية حديثا من أن متطرفين أمريكيين أيضا يسافرون للخارج للتدريب العسكري، ومن بين هؤلاء الذين تدربوا مع أزوف عدد من الرجال المسؤولين عن إثارة العنف في تجمع توحيد اليمين في تشارلوتسفيل في فرجينيا في آب/ أغسطس 2017، وجيمس أليكس فيلدس جونيور، الذي قتل متظاهرا بسيارته، كان عضوا في تنظيم طلائع أمريكا، وهي مجموعة على علاقة بالشبكة البريطانية التي تحتفي بثوماس مير، اليميني المتطرف الذي اغتال النائبة البرلمانية البريطانية جو كوكس عام 2016".

وينوه الكاتبان إلى أن "مير، المحكوم مدى الحياة، كان مرتبطا بشكل وثيق مع (ناشيونال آكشن)، وهي مجموعة بريطانية سعت لإرسال المقاتلين إلى أوكرانيا، وخلال شهر حزيران/ يونيو الماضي تمت إدانة مواطنين بريطانيين اثنين بتهم إرهاب بسبب الترويج، من بين مجموعات أخرى، لمنظمة (أتوموافين ديفيجن) التي تتفرع منها مجموعة The Base. وبدأت منظمة (أتوموافين ديفيجن) مؤخرا بنشر فيديوهات تجنيد على غرار فيديوهات تنظيم الدولة، تظهر رجلا مقنعا يلوح بسكين صيد في الوقت الذي يعد فيه بحملة (إرهاب مستمرة)".

ويؤكد الكاتبان أن "آثار هذه العلاقات العميقة على وطننا واضحة، فمنذ 11 أيلول/ سبتمبر قتل الإرهابيون اليمينيون 110 أشخاص على الأراضي الأمريكية، في الوقت الذي قتل فيه الجهاديون 107 أشخاص، والتوجه يسوء أكثر؛ فكان 2018 أسوأ عام لليمين المتطرف منذ هجوم تيموثي ماكفي في مدينة أوكلاهوما عام 1995". 

 

ويفيد الكاتبان بأن "عدد المقاتلين الأجانب الذين سافروا للانضمام للحرب الأهلية في أوكرانيا وصل إلى ما يقرب من ضعف المقاتلين الأجانب الذين سافروا إلى أفغانستان في ثمانينيات القرن الماضي، وهو صراع ولد تنظيم القاعدة، والحكومة تدرك هذا التهديد: فحذرت إدارة ترامب عام 2018 من قيام مجموعات النازيين الجدد الأجنبية العنيفة بإنشاء علاقات مع تنظيمات في أمريكا".

 

ويجد الكاتبان أنه "مع ذلك فإنه لم يتم تصنيف أي مجموعة عنصرية بيضاء بأنها تنظيم إرهابي أجنبي بحسب القانون الفيدرالي، وهذا الامتناع يترك المؤسسة الأمنية الأمريكية مقيدة في جهودها لمكافحة هذه المجموعات وتصاعد العنف المتزايد الذي تمثله، وكان اعتقال أعضاء من  The Base في شهر كانون الثاني/ يناير، وبينهم مواطن كندي، يؤكد ليس فقط اعتراف مكتب التحقيقات الفيدرالي بالتهديد والتصميم على حماية الأمريكيين، لكن أيضا العلاقات الدولية للمجموعات الأمريكية، إلا أن الأجهزة الأمنية لا تستطيع الاستفادة من أهم الأدوات لحماية البلد".

 

ويرى الكاتبان أن "تصنيف هذه المجموعات على أنها منظمات إرهابية أجنبية سيوفر للسلطات ثلاث فوائد مهمة، مثل تلك التي يستفيدون منها في التعامل مع الجهاديين، فأولا يمكن لهم مراقبة الاتصالات بين الناس المرتبطين بالمجموعات المصنفة، وثانيا، يمكنهم مشاركة المعلومات الاستخباراتية مع الحلفاء في الخارج، وفي ذلك فائدة كبيرة في التعامل مع الإرهاب الدولي، وثالثا يمكن أن يوجهوا تهما بسبب تقديم العون المادي للمجموعات المصنفة إرهابية، ومعها العقوبات القاسية المرتبطة بها".  

 

ويختم الكاتبان مقالهما بالقول إن "الإرهاب هو الإرهاب مهما كان في داخل العقول المريضة لمرتكبيه من تبريرات، فإن كان تجار الكراهية يأملون في إسكاتنا من خلال مهاجمتنا على الإنترنت فإنهم فشلوا، فما فعلوه هو أنهم زادونا إصرارا". 

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)