تواصل
شركات ومصانع الأسمنت التابعة للقطاعات الحكومية في
مصر نزيف خسائرها وتقليص أعمالها
وسط توجه حكومي بالتخلص منها؛ حيث خفضت شركة "مصر بني سويف" للأسمنت، طاقتها
التشغيلية للنصف، لعدم قدرتها على المنافسة بالسوق المحلي.
التوقف
الجزئي للشركة الكائنة في مدينة ببا بمحافظة بني سويف (صعيد مصر) الذي أعلنت عنه الاثنين،
يأتي إثر خسائر كبيرة لحقت بها بعد نحو عام ونصف من افتتاح قائد الانقلاب عبدالفتاح
السيسي مصنعا منافسا لها تابع للجيش وصف بأنه الأكبر بالشرق الأوسط، بنفس المحافظة.
نائب
رئيس مجلس إدارة "مصر بني سويف" فاروق مصطفى، أرجع قرار توقف أحد أفران المصنع
لانخفاض أسعار البيع بالسوق المحلية الناتج عن المنافسة الشديدة، وارتفاع تكاليف الإنتاج
وخاصة أسعار الطاقة.
وتراجع
صافي أرباح "مصر بني سويف" بالعام 2019 بنسبة 66.7 بالمئة لتسجل 80.248 مليون جنيه مقارنة بـ241.491 مليون جنيه
في 2018، حسب صحيفة "المال"
الاقتصادية المحلية.
ويواصل
قطاع الأسمنت خسائره؛ حيث أعلنت البورصة في أيلول/ سبتمبر 2019، بيع شركة "الإسكندرية
بورتلاند" الحكومية جزءا من أصولها، بعدما تفاقمت خسائرها بعد دخول شركات أحدث
تتبع
الجيش بالسوق.
وتعد
"مصر بني سويف" خامس شركة حكومية تقلص أعمالها أو يتم طرحها للبيع حيث سبقتها "الإسكندرية بورتلاند" كرابع شركة حكومية
تتعثر بقوة بعد أن أوقفت "أسمنت السويس" في 2019 مصنع "بورتلاند طرة"،
وهو ما أقدمت عليه شركة "جنوب الوادي للأسمنت"، بينما أغلقت "القومية
للأسمنت" بشكل نهائي.
وبرغم
خسائر شركات الأسمنت الحكومية إلا أن رئيس الانقلاب افتتح في آب/ أغسطس 2018، شركة
الوطنية للأسمنت ببني سويف التابعة للقوات المسلحة بشراكة مع رجل الأعمال أحمد أبوهشيمة،
كأكبر شركات الأسمنت بالشرق الأوسط.
ويضم المجمع الصناعي العملاق حسب وصف الإعلام المصري
له 3 مصانع كبرى للأسمنت تنتج 20بالمئة من إنتاجه بمصر، وبإجمالى 6 خطوط إنتاج تقدم
نحو 11 مليون طن أسمنت سنويا، ونحو 37 ألف طن يوميا، حيث تكلف إنشاؤه نحو 1.1 مليار
دولار في 21 شهرا بمساحة 5 كم2.
خبراء
ومحللون أرجعوا التوقف الجزئي لمصنع "مصر بني سويف" للأسمنت بحديثهم لـ"عربي21"،
إلى ما أسموه غياب التخطيط والدراسة بإقامة مشروع منافس بنفس المحافظة، مؤكدين أنها
السمة الغالبة على مشروعات النظام.
"لحساب
المنافس"
وفي
رؤيته لأسباب ذلك التوقف الجزئي لمصنع الأسمنت بعد افتتاح السيسي لآخر منافس له بنفس
المحافظة، أكد الخبير الاقتصادي رضا عيسى، أن "غياب التخطيط وعدم وجود دراسة جدوى
هما السبب الرئيسي".
عيسى
أشار بحديثه لـ"عربي21" إلى أنها خطوة للتخلص من هذا المصنع لحساب منافسه،
مضيفا أن "الحكومة تتوجه لبيع مصانع الأسمنت التي لا تتبع الجيش".
"تناقضات
السيسي"
من جانبه
أعلن الخبير الاقتصادي الدكتور أشرف دوابه، عن تعجبه من تناقض توجهات النظام بين بيع
وخصخصة شركات القطاع العام وقطاع الأعمال العام وبين إنشاء مثل تلك الشركة.
وفي
حديثه لـ"عربي21"، اتفق دوابه مع القول بأن غياب التخطيط إحدى أسباب ذلك
الوضع، متسائلا: "كيف له أن ينشئ شركة وفي نفس الوقت يتجه للخصخصة؟".
وكان
السيسي قد قال بمنتدى أفريقيا في شرم الشيخ نهاية 2018، عن دراسات الجدوى للمشاريع
القومية بمصر إنه "لو سرنا في الطريق التقليدي ودراسات الجدوى ما كنا لننجز إلا
20 بالمئة مما حققناه".
"جريمتان
ضد الوطن والشعب"
وفي
تعليقه قال السياسي والبرلماني المصري طارق مرسي، إن الحديث عن شركات ومصانع الأسمنت
التابعة للقطاعات الحكومية يمكن سحبه على كل الشركات الحكومية وشركات القطاع العام
بكل المجالات.
عضو
لجنة القوى العاملة بالبرلمان المصري سابقا، أوضح لـ"عربي21" أن "جميعها
يتهاوى بقرار الانقلاب وقادته وحكوماته المتعاقبة في منهجية ثابتة منذ 3 يوليو
2013، ومازال الأمر قائما وبوتيرة تتزايد كلما أحكم السيسي قبضته القذرة على مجريات
الأمور".
وأكد
أننا "أمام جريمتين يسيران بشكل متواز بحق الوطن والشعب وبحق الجيل الحالي والقادم،
يقوم بهما السيسي وأزلامه بكامل إرادته ومع سبق الإصرار والترصد وليس عن غباء أو خطأ".
وبين
مرسي أن "الجريمة الأولى هي التدمير المتعمد والمقصود لكل مقدرات الوطن وكل ركائز
الاقتصاد من شركات وصناعات وطنية ومصانع كبرى، لصالح الراعي الرسمي للانقلاب وبالتحديد
الكيان الصهيوني صاحبة الفضل على السيسي والمحرك الرئيس لانقلابه والمستفيد الأكبر
منه".
وأشار
إلى أن "الذي قد يختلط علينا في هذه النقطة تحديدا؛ ما إذا كان السيسي ينفذ هذه
الأجندة عن ولاء كامل لإسرائيل، أو أنه يفعل ذلك حفاظا على رقبته وملكه".
وأوضح
السياسي المصري أن "الجريمة الثانية هي تأميم كل الصناعات وممتلكات الدولة لصالح
شركات بأسماء جنرالات الجيش وشركاء لهم، حتى أصبحت الدولة مقسمة على ملكيات فردية لأفراد
وشخصيات بحسب قربهم من السيسي وولاؤهم".
ولفت
إلى أن "هذه الممالك وهؤلاء الأشخاص يستحوذون على أموال وأملاك الدولة بالكامل،
ولا يساهمون بالاقتصاد الوطني بأي مساهمة، حيث لا ضرائب ولا تأمينات ولا إيجارات وغيرها،
حتى ببعض الشركات يعمل مجندو الجيش بنظام السخرة بلا رواتب أو بدلات".
ويرى
مرسي أن "المستفيد الآخر من هذه الجريمة والشريك فيها دولة الإمارات بما لها من
سطوة على السيسي نفسه، وبما لها من كسر عين العسكر بدعمها للانقلاب ورعايتهم لجرائمه".
وختم
بالقول: "الخاسر الأكبر من كلا الأمرين هو الوطن مصر الحزينة وشعبها البائس ومستقبل
أجيالها المجهول".
اقرأ أيضا: مصر ترفع أسعار التبغ.. وتفرض ضريبة على السجائر الإلكترونية