كيف فضح تطوير التلفزيون المصري "سبوبة" المخابرات؟

أكد إعلاميون مصريون أن الشكل الذي ظهر عليه التلفزيون الرسمي المصري (ماسبيرو)، بعد خطة التطوير، التي قامت بها شركة إعلام المصريين، المملوكة للمخابرات المصرية، كشف عن عملية فساد جديدة، تضاف لسجل فساد نظام الإنقلاب العسكري برئاسة عبد الفتاح السيسي.

ووصف الإعلاميون الذين تحدثوا لـ "عربي21"، خطة التطوير التي ظهر بها التلفزيون المصري قبل أيام، بأنها عملية تجميل وترقيع فاشلة، الهدف الأساسي منها استمرار تدمير المنظومة الإعلامية لصالح خطة السيسي التي تتمثل في تصفية الإذاعة والتلفزيون المصري، لأهداف سياسية واقتصادية.

من جانبها نفت "الهيئة الوطنية للإعلام" المالكة للتلفزيون المصري، أن تكون خطة التطوير التي نفذتها "إعلام المصريين"، بداية لبيع مبنى ماسبيرو، أو خصخصته، بكل ما يشتمله.

ورفضت الهيئة في بيان نشره المركز الإعلامي لمجلس الوزراء المصري الجمعة 28 شباط/ فبراير، الانتقادات التي وجهها إعلاميون مصريون عن الشكل الذي ظهرت عليه القنوات التي شملتها خطة التطوير، والاستعانة بإعلاميين وفنيين ومعدين ومخرجين من خارج المبنى.

وحسب بيان الهيئة، فإن البروتوكولات التي وقعتها مع "إعلام المصريين"، تهدف لتطوير المبنى، والاستفادة من العاملين فيه، وتحقيق إدارة أفضل للإمكانات البشرية والفنية بما يسهم فى تحسين أوضاع هذا الصرح مالياً.

اقرأ أيضا : ماذا يعني استحواذ المخابرات المصرية على "ماسبيرو"؟

وشنت الإعلامية هالة أبو علم، أشهر مذيعات قطاع الأخبار بالتلفزيون المصري، هجوما على الشكل الذي ظهرت عليه القنوات الأولى والثانية والفضائية المصرية، مؤكدة أن الشركة التي قامت بعملية التطوير، استبعدت العديد من البرامج الجاذبة، كما استبعدت عددا كبيرا من الإعلاميين تحت مسمى التطوير.

وأكدت "أبو علم" في حوار مع صحيفة "التحرير" المصرية، أنه تم الاستعانة بمذيعين من خارج ماسبيرو مثل وائل الأبراشي، رغم وجود كفاءات داخل المبنى، كما أن قيام شركة خاصة بالسيطرة على تراث ماسبيرو والتحكم فيه أمر مرفوض، لأنه ملك للشعب، مشيرة لخطة تطوير سابقة قام بها التلفزيون عام 2005 كانت بالتعاون مع هيئة الإذاعة البريطانية، وليس كما يحدث الآن.

وكتب الصحفي "طه خليفة" بصفحته على "فيسبوك" قائلا: "أسبوع الآن على تدشين (إحنا التلفزيون المصري)، والتهليل بنشرة التاسعة، دون أن يناقش الأبراشي قضية واحدة استراتيجية، تتعلق مثلاً بالحريات أو العدالة الاجتماعية، حتى الأمطار الكاشفة للخلل الرهيب في الأداء الحكومي لم يكن لها نصيب من الاهتمام".

وأضاف خليفة: "ما أكثر موضوعات التسلية التي تقدمها مذيعات لطيفات في القنوات الأخرى، والأبراشي يبدو أنه سيقدم موضوعات للتسلية أيضاً، لكن المشكلة أنه يفتقد للطافة، بل هو شديد الملل حيث لغته وكلماته وعباراته ولزماته لا تتغير، بل هى نفسها، تنتقل معه من قناة إلى أخرى".

عملية تجميل

 
ويؤكد الإعلامي المصري والمدير السابق لقناة "مصر 25"، مسعد البربري لـ "عربي21"، أن التطوير أمر مطلوب، ولكن ما يحدث في التلفزيون المصري، ليس له علاقة بالتطوير، وإنما له أهداف سياسية واقتصادية أخرى، خاصة إذا كان الطرف الذي يقوم بعملية التطوير هو شركة تابعة للمخابرات، ومن خلالها تمت السيطرة على كل الإعلام المصري المستقل.

ويضيف البربري قائلا:" أزمة التلفزيون المصري، أنه يحمل تراثا كبيرا من الفساد والمحسوبية وعدم الكفاءة، وأصبح بحكم الزمن عصيا على الحلول المؤقتة أو المسكنات، أو اللجوء لعمليات تجميل مؤقتة، وليس لحلول جذرية، تعيد هذا المبنى ومحتوياته الهامة لمكانته الطبيعية في ريادة الإعلام العربي، بشكل فعلي وحقيقي".

وعن خطة التطوير التي نفذتها "إعلام المصريين"، يشير البربري إلى أنها عملية فساد جديدة تضاف لسجل نظام السيسي، موضحا أن سيطرة "إعلام المصريين"، على القنوات الخاصة والمستقلة كان إهدارا للمال العام في حد ذاته، لأن الأموال التي تم بها شراء هذه القنوات، هي في الأساس ملك للدولة، وليس لجهاز المخابرات أو القوات المسلحة.

وحسب مدير قناة مصر 25 سابقا، فإن "إعلام المصريين"، سيطرت على تراث ماسبيرو وهو ملك للشعب، كما أنها احتكرت الخدمات الرياضية التي كان يتميز بها التلفزيون المصري، وحولتها لصالح القنوات الخاصة التي تمتلكها، بما في ذلك حقوق البث والإعلانات، حتى تكون الاستفادة المادية خالصة لقنوات المخابرات، وليس لتليفزيون الدولة.

استكمال السيطرة

 
ويؤكد رئيس المكتب الإعلامي بالمجلس الثوري المصري محمد صلاح حسين لـ "عربي21"، أن نظام السيسي، لا يريد لأي جهة أو مؤسسة إعلامية أن تكون خارج سيطرته الكاملة، حتى لو كانت هذه الجهة مملوكة للدولة وخاضعة للسيطرة الأمنية بشكل كامل مثل القنوات المحلية والفضائية والإذاعات المملوكة للدولة.

ويشير الإعلامي المصري، إلى أن الجشع الاقتصادي لمنظومة السيسي، جعلهم ينظرون لكل المؤسسات نظرة احتكارية، ولذلك فهم يريدون السيطرة على تلفزيون الدولة الرسمي بما يحتويه من تاريخ مسموع ومرئي، للاستفادة المادية ببيع هذا التراث من جهة، ومن جهة أخرى الاستفادة من الأموال الضخمة التي يتم نهبها تحت شعار التطوير، دون الإعلان عن خطة هذا التطوير وتكلفته، ودراسة الجدوى المتوقعة منه.

ووفق حسين فإن "الهدف الثالث هو استمرار خطة تزييف وعي المصريين، وعدم ترك أي فرصة، أو وجود أرشيف مصور للشعب المصري، يمكن أن يفضح الانقلاب العسكري، ودوره ضد ثورة 25 يناير، وضد الرئيس الراحل محمد مرسي".