تصاعدت أعمال العنف والاضطهاد ضد المسلمين في الهند خلال الأيام الماضية، ما أسفر عن مقتل العشرات من المسلمين، بعد هجمات نفذتها مجموعات هندوسية تحت أنظار الشرطة، إلى جانب الاعتداء على منازل المسلمين في نيودلهي.
ونشرت المجموعات الهندوسية الفوضى والرعب في مناطق شرق
العاصمة نيودلهي، وحملت الحجارة والعصي والمسدسات، إضافة إلى تحطيم وحرق الكثير من
ممتلكات المسلمين.
وتطرح هذه الأحداث، تساؤلا مهما يتعلق باستقلال
باكستان قبل أكثر من 70 عاما، وتأثيره على تفرد السلطات الهندية بالمسلمين، وجعلهم
أقلية في البلاد.
وفي هذا الإطار، يوضح رئيس منتدى آسيا والشرق الأوسط
الدكتور محمد مكرم بلعاوي أن "فكرة استقلال أو انفصال أو تجزيء باكستان والهند وبنغلادش، تعود إلى
بداية القرن العشرين، مع ظهور القومية الهندوسية بتشجيع من السلطات البريطانية
نهاية القرن التاسع عشر"، مضيفا أن "بريطانيا كانت تتبع سياسة فرق
تسد".
"خطوة جزأت المسلمين"
ويتابع بلعاوي في حديثه
لـ"عربي21": "من ثم بدأت تظهر منظمات يمينية تدعو إلى أن الأغلبية
غير المسلمة، هي التي تكون بيدها مقدرات الأمور والسيطرة، لأنه خلال قرون من الزمن
ظلت السلطة بيد المسلمين"، مؤكدا أن "المسلمين عبارة عن كتلة متجانسة
وصلبة، على عكس الهندوس الذين ليس لديهم دين واحد".
ويشير بلعاوي إلى أن مسلمي
الهند ينظرون بغالبيتهم إلى أن "فكرة إنشاء باكستان لم تكن حكيمة"،
مبينا أنهم "يرون أنها خطوة جزأت المسلمين، وجعلت من تبقى منهم في الهند
أقلية، ولا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم".
ويلفت إلى أن الأغلبية
الهندوسية تتهم مسلمي الهند بأنهم "رأس جسر للعدو اللدود باكستان"، مؤكدا
أنه "لذلك يتجنب مسلمو الهند التعامل مع باكستان، أو حتى إظهار أي ولاء وتعاطف معها، ويؤكدون على هويتهم الوطنية الهندية".
اقرأ أيضا: فورين بوليسي: المسلمون في الهند بخطر جسيم.. ما السبب؟
ويفيد بأنه "لهذه
الأسباب فإن الدور الباكستاني في دعم مسلمي الهند غائب"، منوها إلى أن
"أصحاب فكرة انفصال باكستان وبنغلاش لديهم مبررات وحجج، لكن هذه نظرة غالبية
المسلمين بالهند إلى باكستان".
ويتطرق إلى فترة انفصال
باكستان عن الهند قائلا: "كان هناك حالة من الاحتدام الداخلي من خلال
المناوشات والمجازر المتبادلة، والمسلمون بدأوا يشعرون بأن مكانهم في الهند
الاستعمارية البريطانية مهدد، وكانوا يشكلون ما نسبته 33 بالمئة من السكان".
ويردف قائلا: "لذلك دعا
الكثير من زعماء الهندوس والمسلمين، إلى أن يكون للمسلمين دولتهم الخاصة"،
لافتا إلى أن أحداث انفصال باكستان، ترافق مع مجازر راح ضحيتها الملايين من
الطرفين، وكان للمنظمات الهندوسية المتطرفة دور كبير في هذه المجازر.
التنوع الديني
ويشدد بلعاوي على أنه
"كان ينظر سابقا للمنظمات الهندوسية المتظرفة كحالة شاذة في المجتمع الهندي، لكن
تدريجيا دخلوا بالسياسة وأصبح لهم أحزاب خاصة، وبدأوا بأخذ العنف كحالة منهجية،
لأنه صار لهم تأثير على القضاء والشرطة والسياسة".
وفي سياق متصل، يؤكد المختص
بالحركات الإسلامية الدكتور مروان شحادة أن "سبب الانقسام إلى ثلاث دول، باكستان والهند وبنغلادش، يعود إلى التنوع الديني"، مبينا أنهم "استقلوا عن
الهند بسبب الاضطهاد الديني".
ويعتقد شحادة في حديثه
لـ"عربي21" أنه "لفترات قريبة كان المسلمون في الهند مثل باقي
الديانات"، مستدركا بقوله: "لكن مع قدوم حكومة مودي المتشددة فقد تصاعد
الاضطهاد ضد المسلمين، بسبب كراهية الحكومة وخططها المتطرفة".
ويؤكد أن "الإجراءات
الحكومية الهندية الحالية تصب في خانة إقصاء المسلمين، وإبقائهم أقلية، وضمان عدم
زيادة عددهم في المستقبل"، مرجحا أن يكون هناك دعم غير معلن من باكستان،
للمسلمين في الهند، سواء ماديا أو معنويا.
ويرجع شحادة الخلافات الكبيرة بين باكستان والهند، إلى أسباب تتعلق باضطهاد المسلمين، مستشهدا بما حدث
من اضطهاد من قبل السلطات الهندية للمسلمين في إقليم كشمير، وما انعكس كتوتر على
نيودلهي وإسلام أباد.
لماذا تصاعد العنف ضد المسلمين في الهند؟
نشاط عمران خان مؤشر على خيبة أمل باكستانية من السعودية