قال معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، إن فيروس كورونا وصل إلى إيران في واحدة من أسوأ الفترات التي مرّت على الجمهورية الإسلامية منذ تأسيسها قبل أربعة عقود.
وأوضح أن النظام الإيراني "تلقى ضربات قوية لشرعيته الأيديولوجية، وشعبيته الثورية، وكفاءته العملية، وبنيته الاقتصادية، وسياسته الخارجية الإسلامية، وتطلعاته للهيمنة الإقليمية"، مضيفا أنه "رغم كل هذه التحديات والتأثيرات الساحقة لمرض "كوفيد-19"، إلّا أن بإمكان طهران أن تتحمل بسهولة [الظروف الصعبة] لسنوات عديدة أخرى، وإن كان ذلك ربما ليس من دون تغيير طبيعتها بشكل كبير".
قوة الدولة الضعيفة
المعهد، قال إن تفشي كورونا أو أي وباء مشابه في بلد يحكمه نظام مضطرب، سيؤدي ذلك بنتيجة إيجابية لهذا النظام، بسبب ذعر الناس، وتعليق آمالهم بالحكومة أيا كانت لإنقاذهم.
وتابع أنه في مثل هذه الظروف، لا يتسع المجال للحديث عن الحقوق والمطالب السياسية، وغيرها.
ولفت إلى أنه مما ساعد في تمكين النظام الإيراني خلال الأزمة، عدم فتحه باب المجال لمنافسيه بتقديم العون، واقتصار ذلك على المحسوبين عليه.
وأضاف: "يساعد الوباء أيضا في تطبيع الدور الاستبدادي الذي يمارسه النظام في عالم الإنترنت، إذ يمكنه الآن تغيير وظيفة الأسلحة نفسها التي يستخدمها منذ فترة طويلة للتحكم في خدمة الإنترنت، ومراقبة النشاط السيبراني، وفرض رقابة على المعارضة، لاستخدامها كأدوات أساسية لتعقب المرض وحماية الصحة العامة".
وذكر المعهد أن "النظام الإيراني يعتقد أن التلاعب بالرأي العام من خلال وسائل الإعلام أصبح اليوم أكثر ضرورية لبقائه، خاصة مع انزلاق الاقتصاد بصورة أكثر نحو الانهيار. وقد أصبحت مؤخرا التغطية التلفزيونية والإذاعية، التي تسيطر عليها الدولة بالكامل، دعاية أكثر علانية، تقوم بلا خجل بتمجيد الحرس الثوري» لدوره المحوري في الحرب البيولوجية".
وللاطلاع على كامل الإحصائيات الأخيرة لفيروس كورونا عبر صفحتنا الخاصة اضغط هنا
صعود "الحرس الثوري"
ساعد الوباء في تمكين الحرس الثوري أكثر من أي مؤسسة أخرى، بحسب معهد واشنطن، وذلك بعد أن علّق النظام القانون الوطني وأعلن حالة الطوارئ إلى أجل غير مسمى، إذ مُني الحرس الثوري بسيطرة غير مسبوقة على البلاد، بعد أن قررت الحكومة أن تصبح أكثر صرامة بشأن فرض الحجر الصحي، والإبعاد الاجتماعي، وما شابه ذلك من تدابير.
وتوسّع النظام الصحي والبنية التحتية الطبية التي يديرها الحرس الثوري والجماعات التابعة له توسعا هائلا، ويعمل كل منهما حاليا بصورة أو بأخرى بشكل مستقل عن نظام الرعاية الصحية الوطني، مع الإشارة إلى أنهما قد أُنشئا خلال فترة الحرب بين إيران والعراق، وتم تطويرهما بلا توقف منذ ذلك الحين.
معهد واشنطن، قال إنه "لسوء الحظ، فإن منح الحرس الثوري دورا أكبر في الأزمة، ليس من الحكمة بالضرورة من وجهة نظر طبية. ففي 13 نيسان/أبريل، بعث وزير الصحة، سعيد نمكي، رسالة إلى الرئيس حسن روحاني، حذر فيها من العواقب الوخيمة لهذه المقاربة. وكتب نمكي مستخدما إحدى المواصفات التي منحها خامنئي للحرس وقوات "الباسيج"، التي تم تفويضها مسبقا للتدخل في الأزمات المحلية غير المتوقعة: "أي قرار غير مصرح به تتخذه القوى "المتأهبة"... سيعرّض النظام الصحي واقتصاد البلاد إلى الخطر في النهاية".
التداعيات العسكرية
فيما يتعلق بالتداعيات العسكرية لهذه الاتجاهات، قال المعهد، إنه من المحتمل أن يواصل الحرس الثوري تخطيط هجمات محتملة ضد القوات الأمريكية في المنطقة، سواء بشكل مباشر أو من خلال وكلائه من المليشيات في العراق ودول أخرى.
وتابع المعهد: "يمكن أن تساعد مثل هذه العمليات في مواجهة الضرر الذي لحق بالسمعة المحلية التي طالت الحرس الثوري بسبب فضائح متعددة حديثة. ومع ذلك، فإن فعالية التكلفة لأي من هذه الهجمات سوف تعتمد بشكل كبير على ما إذا كان الوباء يثني الولايات المتحدة عن الانتقام الشديد.
ما الذي سيسّرع عملية الانتقال في إيران؟".
تغيير النظام السياسي
قال المعهد إنه في ضوء كل هذه العوامل، بدأ الوباء فعلا في تغيير طبيعة النظام السياسي في إيران. ومن المرجح أن تشكّل مقاومة رجال الدين الواضحة لمهام الدولة في مكافحة الفيروس نهاية ثقة الشعب برجال الدين إلى الأبد، والشك في قدرتهم على العمل كرجال سلطة عقلانيين في المجال السياسي أو الاجتماعي.
وتابع: "أدّى فشلهم الذريع بالامتثال للحس السليم والضمير الحيّ إلى تهيئة الظروف التي قد تؤدي إلى علمنة القيادات المستقبلية في البلاد. إن الهوة الآخذة في الاتساع بين السلطات الشيعية من جهة، والطبقة الوسطى العصرية للغاية والشباب المثقف في إيران من جهة أخرى، ستجعل الجهات الفاعلة في السلطة أقل اهتماما بالسعي للحصول على دعم أيديولوجي أو سياسي من رجال الدين في مرحلة ما بعد خامنئي. وبما أن دور رجال الدين آخذ في التضاؤل، فإن المجتمع المدني ليس في وضع يسمح له بالتقدم إلى الأمام".
ولفت إلى أنه "نتيجة لذلك، قد تكون إيران في خضم تغيير تطوّري. فالنموذج القديم قد شكّل نظاما ثوريا إسلاميا، تم إدراجه بموجب مبدأ "ولاية الفقيه"، ولكنّ ذلك يمكن أن يفسح المجال أمام قيام نظام أمني وعسكري خاضع إلى حد كبير لسيطرة تحالف من الفصائل الرئيسية في الحرس الثوري من جهة، وحلفاء الحرس المحددين حديثا والمستفيدين منه وعملائه من جهة أخرى.
وتابع أنه "ستأخذ هذه العملية قفزة كبيرة إلى الأمام إذا أصبح الانتقال على مستوى المرشد الأعلى ضروريا على المدى القريب. فخامنئي هو في الثمانين من عمره، لذلك فإن احتمال وفاته أو عجزه عن تأدية مهام منصبه كبير. وحتى لو بقي في السلطة لبعض الوقت، فقد يجد نفسه مهمشا في البيئة الجديدة. بالإضافة إلى ذلك، من غير المرجح أن يكون أي انتقال إلى زعيم جديد أو نظام قيادة جديد سريعا وتوافقيا، على غرار ذلك الذي أعقب وفاة روح الله الخميني في عام 1989".
مع تفشي كورونا.. عمران خان يطالب ترامب برفع عقوبات إيران
هذه أكثر الدول تضررا بكورونا.. إسبانيا تتجاوز إيران بعدد الوفيات
ظريف: أمريكا تمارس الإرهاب العلاجي ضد إيران