ضجت الأوساط الشعبية في العراق، بأنباء
تتحدث عن إنشاء قاعدة عسكرية إيرانية في محافظة الأنبار غرب البلاد قريبا من
الحدود الأردنية والسعودية، الأمر الذي تسبب بجدل واسع على مواقع التواصل
الاجتماعي، انتقل بعدها إلى وسائل إعلام محلية، في ظل صمت حكومي لافت.
واتساقا مع ذلك، أصدرت قوى "ميثاق
العقد الوطني" العراقية المعارضة بيانا كشفت فيه عن انتشار مليشيات شيعية في
صحراء الأنبار، وعمليات هدم لبيوت البدو العراقيين فيها وتهجيرهم من المنطقة،
لإنشاء قاعدة عسكرية تابعة للحرس الثوري الإيراني، تواجه قاعدة عين الأسد التي تضم
قوات أمريكية.
"العقد الوطني" أشار في بيان
نشره على حسابه في "تويتر" إلى أن مكان القاعدة يقع في المثلث الحدودي
الذي يربط العراق بالسعودية والأردن، داعية أهالي الأنبار إلى إفشال المخطط
الإيراني الساعي لتعزيز تواجده بالقرب من حدود دول الجوار العربي.
"نفوذ للحشد"
من جهته، قال عضو البرلمان العراقي عن
محافظة الأنبار يحيى المحمدي إن "الإيرانيين لا توجد لديهم قواعد ثابتة
بالعراق، أما إذا كان المقصود مقرات للحشد الشعبي من الفصائل الشيعية، فهي متواجدة
في الأنبار بالمناطق الحدودية في عرعر والقائم والنخيب".
وأضاف المحمدي في حديث
لـ"عربي21" أن "موضوع وجود قاعدة إيرانية بالفعل انتشر والجميع
يتناوله من زوايا مختلفة، لكن لا معلومات أن هناك قاعدة للإيرانيين في عمق صحراء
الأنبار".
وتشكل محافظة الأنبار ذات الغالبية
السنية ثلث مساحة العراق، كما أن حدودها مشتركة مع السعودية والأردن وسوريا، وتشهد
حركة تجارية واسعة عبر منافذ حيوية عدة، أبرزها طريبيل وعرعر والوليد.
وعقب استعادة مدن المحافظة من سيطرة
تنظيم الدولة في 2017، شهدت مناطقها الحدودية تواجدا كثيفا للمليشيات الشيعية، لا
سيما "كتائب حزب الله" التي تعرضت في نهاية كانون الأول/ ديسمبر إلى
قصف أمريكي عنيف ألحق بها خسائر بشرية فادحة.
"أمر مستبعد"
وفي السياق ذاته، استبعد المحلل
السياسي غانم العابد أن "تكون هناك قواعد عسكرية واضحة لإيران، كما هو الحال بالنسبة للقوات الأمريكية في العراق، لأن طهران لديها البديل عن القواعد الرسمية، فهي تمتلك
مليشيات عراقية مرتبطة بها وتتواجد في الكثير من المناطق سواء في جرف الصخر شمالي
بابل، أو القائم بمحافظة الأنبار أو حتى في نينوى".
وأشار العابد في حديث
لـ"عربي21" إلى أن "أي قواعد إيرانية رسمية ستكون مدانة من الشعب
العراقي، وستكون هدفا سهلا للقوات الأمريكية على اعتبار أن لها حضورا كبيرا في
قاعدة عين الأسد بمحافظة الأنبار غرب البلاد".
وأكد الخبير السياسي العراقي أن
"القواعد الإيرانية الرسمية، تعرض العراق لإحراج كبير مع محيطه العربي، وتعطي
مؤشرا إلى أنها محاولة واضحة لاستهداف دول الخليج وغيرها من الدول".
وتابع: "لكن ذلك لا ينفي أن
المليشيات المرتبطة بإيران لديها تواجد في المناطق الحدودية، ويمكن لطهران أن
تستغلها بإنشاء قواعد هناك، وأن تكون منطلقا للهجمات على دول الجوار".
واستذكر العابد زيارة وزير الخارجية
الأمريكي في أيار/ مايو 2019، قائلا إن "بومبيو التقى رئيس الحكومة عادل عبد
المهدي وتحدث بصراحة أن إيران مررت الكثير من الصواريخ الباليستية عبر مليشياتها،
ونشرتها في مناطق جرف الصخر والبصرة ووجهتها نحو دول الخليج".
وشدد الخبير السياسي العراقي على أن
"يد إيران موجودة في العراق، عبر مليشيات عقائدية ولائية تتبع ولاية الفقيه
الممثلة بالمرشد الإيراني علي خامنئي، وحتى لو كانت منضوية في مؤسسة رسمية عراقية
وتتلقى رواتبها من الدولة، إلا أنها تأتمر بإمرة خامنئي".
"أرض للصراع"
لكن المحلل السياسي عبد القادر النايل،
قال في مقابلة تلفزيونية إن "موضوع القاعدة الإيرانية، أصبح معلومة واضحة
لجميع أهالي الأنبار، إذ قدِمت مليشيات مدعومة من إيران، معهم أشخاص لبنانيون إلى
صحراء الأنبار، واكتمل انتشارهم في 15 نيسان/ أبريل الجاري".
النايل أكد في حديثه أن "التواجد
الحالي للمليشيات، هو في مناطق الفيضة وبير عباس، باتجاه المثلث الذي يربط الحدود
العراقية الأردنية السعودية، لإنشاء قاعدة عسكرية تكون خلف قاعدة عين الأسد، وهذا
إجراء إيراني".
وبخصوص علم الحكومة من عدمه، قال
النايل إن "قادة مليشيات الحشد مرتبطون بمؤسسة رسمية، وبالتالي لا شك أن
الحكومة تعلم، ولا أحد يستطيع فضح هذه القضية الكبيرة، فضلا عن مواجهتها وإبعاد
الأراضي العراقي عن الصراع بين إيران والولايات المتحدة".
وأطلق ناشطون عراقيون هاشتاغ
"#إيران_تحتل_صحراء_الأنبار" عبروا فيه عن غضبهم من التغول الإيراني في
العراق، وسعيها إلى إحداث تحول ديمغرافي في المدن الغربية، مطالبين في الوقت ذاته
بإبعاد البلاد عن ساحة الصراع بين واشنطن وطهران، بحسب تعبيرهم.
وعلى الرغم من الجدل الواسع الذي أحدثه
الموضوع، إلا أن السلطات العراقية لم تعلق رسميا على ما يدور من حديث عن تهجير
مواطنين عراقيين واعتقال آخرين في مناطق حدودية لإقامة قاعدة عسكرية إيرانية.
أدانها حلفاء إيران.. من قصف شركات نفط أمريكية بالعراق؟
تحوّل مفاجئ.. إيران تدعم مرشحا رفضته لرئاسة حكومة العراق
الزرفي يتحدى إيران.. ماذا يحصل إذا قبل برلمان العراق حكومته؟