لم يترك أهل القلم ومراكز البحث العلمي في شتى بقاع العالم مجالا كي اكتب عن "إرهاب كورونا" الذي اقعد الخلق في بيوتهم عبر العالم وفرق شمل الأسر، واغلق المساجد والكنائس في وجه المتعبدين، كما اغلق المدارس والجامعات والمعاهد والمطاعم والمقاهي والحانات في وجه روادها.
لن أضيف جديدا في هذا الشأن لكني أقول: لقد
حقق "الإرهاب الكوروني" للحاكم العربي الظالم الطاغية المستبد
الديكتاتور العدواني اعظم خدمة لأن كورونا اسكت كل الأصوات المعارضة، والمطالبة بالإصلاح
وانصرف الناس لحماية انفسهم من تفشي الإرهاب الأعظم "كورونا" كما أعان
قوى الطائفية والمليشيات المسلحة والقوى الانفصالية في تفريق صفوف الشعوب المغلوبة
على أمرها في العراق ولبنان وأماكن أخرى في الوطن العربي.
في العراق أخمدت ثورة الشعب المطالب بإسقاط
نظام المحاصصة ونزع سلاح المليشيات الطائفية وقيام نظام ديمقراطي حقيقي يعيد
للعراق وجهه الحضاري، وكذلك الحال في لبنان.
في بعض أقطار الوطن العربي امتدت يد الأنظمة
الموصوفة أعلاه لصيد معارضيها، وتنفيذ مشاريعها المشبوهة بعيدا عن أعين المواطنين.
لقد ارتاحت أجهزة الأنظمة المخابراتية من
الانتشار في كل مناحي الحياة لتسترق السمع عما يدور عن الحكم وأهواله بين الناس،
لكنه في اعتقادي الهدوء الذي يسبق العاصفة للإطاحة بأنظمة الطغيان والجبروت،
فانتظروا ذلك اليوم الموعود.
********2********
والحق أن صاحب القلم الشريف في وطننا العربي
في حيرة من أمره، عن ماذا يكتب فجراحنا عميقة وآلامنا لا توصف وهمومنا متعددة، حرب
ضارية في اليمن الشقيق لا يراد لها أن تنتهي، وعدم استقرار في العراق ولبنان
والسودان، وحرب ضروس في ليبيا جنودها مرتزقة من كل فج عميق، ممولة بأموال من
الخليج العربي وأسلحة صهيونية وغربية وروسية وفوق كل هذا جيش كورونا الإرهابي يفتك
بالمواطنين في تلك الأوطان ولا معين لهم.
قد أتفهم مقاصد أبوظبي السياسية في محيطها
الجغرافي لكني لا افهم ولا استطيع أن افهم لماذا تشارك وتمول الحرب في ليبيا وليس
بينهما حدود مشتركة ولا ثأر قبلي؟
********3********
يا قادتنا الميامين بفعلكم، بطغيانكم، بظلمكم،
أجفلتم الشعب العربي من أوطانه، لقد اصبح المواطن العربي يشكل اعلى نسبة بين
اللاجئين في العالم، كنا في الماضي نحمل هم اللاجئ الفلسطيني فأصبح عندنا لاجئون
سوريون وعراقيون ويمنيون وليبيون وسعوديون وصوماليون وسودانيون. من فعل بنا هذا
كله "إنها أنظمتنا الظالمة المستبدة".
وسؤالي، أما أن لكم يا قادتنا الميامين في الرياض
وأبوظبي والقاهرة أن تتعظوا بما حل بالعالم اليوم جرثومة لا ترى بالعين ولا بأدق
واحدث المجاهر "جمع مجهر" في العالم أشغلت قادة العالم وأعجزتهم وعزلتهم
حتى في داخل بيوتهم وعطلت مؤسساتهم الاقتصادية والسياسية وطاردت قواتهم المسلحة
حتى في أعالي البحار وألحقت بهم أضرارا معلنة وفتكت بشعوبهم، وحتى هذه الساعة لم
يجدوا مخرجا من هذه القوة التي عجزوا عن اكتشافها.
انه غضب من الله، وسلط عليهم جند لا يستطيعون
رؤيتهم، فحاق بهم بما كانوا يفعلون بالإنسانية.
********3********
في اعتقاد الكاتب أن السعوديين يحاربون في
اليمن ومشروعهم جعل اليمن ضعيفا يحتاج اليهم ولا يثير مخاوفهم وعلى ذلك يلجؤون أحيانا
كثيرة إلى استشارة أو في احسن الأحوال الاستماع إلى المتطوعين من سفراء الدول
الكبرى بتقديم مقترحات للقيادة السعودية كيف التصرف تجاه اليمنيين، كان آخرها
السفير البريطاني لدى السلطة اليمنية في منفاها الاختياري في الرياض السيد ميشيل
مايكل ارون قال في مقابلة مع جريدة الشرق الأوسط في 1 نوفمبر 2019 "انه يمكن
فصل الحوثيين عن ايران" ولعل السعوديين اشتروا الفكرة تلك.
يقول الكاتب اليمني المعروف محمد الجرادي أن هذه
الفكرة الإنجليزية هي فكرة شيطانية تستهدف المشروع الوطني اليمني بهدف إعادة تدجين
الحوثيين وإحياء العلاقة القديمة معهم. يؤكد الجرادي أن "الحوثية" ليست
سوى مخلب قط ضمن مشروع إقليمي توسعي له امتدادات في كل دول المنطقة. ويستمر في
القول أن دعم الزيدية لمحاربة الحركة الحوثية هو جهل مطلق عند السعوديين وغيرهم
بحقيقة هذه الحركة والتي تقدم نفسها كحركة زيدية إحيائية وقد أنشئت للدفاع عنها
ويشكل أبناء المذهب الزيدي الوقود الأبرز لتوسعها العسكري منذ انطلاقتها الأولى من
صعدة في شمال اليمن.
ويقدم الكاتب اليمني الزيدية بأنها تؤمن
بعقيدة الباطنيين وتدعو للخروج المسلح على الحاكم وتقوم ثقافتها على مبدأ ولاية
السيد، ولا يؤمنون بولاية أي عربي مهما كانت قدراته. وفي مجال ارتباط الزيدية
بإيران فإن كل أئمة الزيدية "الناصرية والقاسمية" كلهم أتوا من ايران
لليمن فالزيدية القاسمية ترجع زعامتها إلى يحيى بن الحسين بن قاسم الرسي الذي جاء إلى
اليمن في القرن الثالث الهجري قادما من ايران بعد انهيار دولتهم في طبرستان
والديلم وقد سبقه جدهم إبراهيم الجزار.
أما زعيم الزيدية الناصرية فهو الحسن بن علي الأطروش والذي تعتبره الحركة الحوثية احد ابرز أئمة الزيدية. وينبه الكاتب الجرادي السعوديين قائلا: أن إعادة إحياء الزيدية في اليمن تعني بالضرورة إعادة إحياء للمذهب ذاته في داخل أراضي السعودية فمنطقة عسير قبل قيام الدولة السعودية كانت زيدية ولا يمكن أن تكون هناك زيدية وسعودية في نفس الوقت. أن الزيدية الحوثية ترى في النظام السعودي العدو الحقيقي لها وانها تجيش الشعب اليمني على هذا الأساس. أن هذه العقيدة مؤصلة في كتبهم اذكر منها "السعودية تبتلع اليمن" وكتاب آخر بعنوان "الإرهاب والوهابية" لأحمد صبحي منصور وهو من ابرز فقهاء الزيدية المعاصرين.
آخر القول: لو أنفقت السعودية الأموال التي
أنفقت في حروب اليمن من أجل هزيمته وإضعافه على تقويته وبنائه لكان اليمن لها
ظهيرا وفيا وقويا، ولكن غاب العقل.
(الشرق القطرية)