صحافة دولية

هكذا يبدو نظام الحكم في "بيونغ يانغ" حال رحيل زعيمها

الغموض يلف الحالة الصحية للزعيم الكوري الشمالي- جيتي

نشرت صحيفة "الكونفيدينسيال" الإسبانية تقريرا تحدثت فيه عن سيناريوهات ما سيحدث لنظام الحكم في كوريا الشمالية، حال رحيل الزعيم كيم جونغ أون الذي يلف الغموض حالته الصحية، في ظل العزلة التي تعيشها البلاد وصعوبة الحصول على معلومات موثوقة بشأنها.


وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن التكهنات التي نشرها معارضون للنظام في سيول في صحيفة "ديلي إن كيه" تزعم أن سبب عدم تمكن رئيس كوريا الشمالية من حضور الاحتفالات الوطنية بالعيد الثامن بعد المئة لولادة جده مؤسس النظام الحاكم كيم إيل سونغ، في 15 نيسان/ أبريل، هو خضوعه لجراحة القلب والأوعية الدموية قبل ثلاثة أيام في مستشفى يقع شمال مقاطعة بيونغ يانغ.


 وقد زادت حالة عدم اليقين بعد أن أكدت "سي إن إن" هذا الخبر، وسط توقعات بأن تكون حياة كيم جونغ أون "في خطر شديد" بعد العملية.


وأشارت الصحيفة إلى أن الشائعات المتعلقة بصحة قادة كوريا الشمالية أمر معهود منذ إنشاء جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية في سنة 1948. فقد قيل لسنوات عديدة إن الزعيم الأسبق، كيم إيل سونغ يعاني من ورم في الدماغ بسبب سوء التغذية خلال طفولته.

 

اقرأ أيضا: ترامب يعلق على صحة كيم جون.. وصحف بيونغ يانغ تتجاهل

وفي سنة 2014 اختفى كيم جونغ أون لمدة شهر ونصف ليظهر من جديد دون أي توضيح على الإطلاق بشأن الحالة التي عانى منها. لكن يبدو أن مشاكل القلب من الأمراض المتوارثة في هذه العائلة، فقد توفي والده كيم جونغ إيل، بسبب نوبة قلبية في سنة 2011.

غياب تسلسل الحكم


وأشارت الصحيفة إلى أن المشكلة الرئيسية في أن كوريا الشمالية تكمن في أنه لم يسبق أن كان لها رئيس لا ينتمي إلى جنس الذكور في عائلة كيم. فلم يرزق كيم بأطفال ذكور من زواجه كما أن احتمال قيادة المجتمع الكوري الشمالي المحافظ من قبل امرأة غير وارد، ذلك أن ابنته الوحيدة كيم جو إيه تبلغ من العمر سبع سنوات فقط.


وإذا كانت أي قوة أجنبية تأمل في لعب ورقة أخيه غير الشقيق كيم جونغ نام، الذي يمثل الخيار الواقعي الوحيد نسبيًا في تسلسل الحكم، فإن هذا الأمر أصبح مستحيلا بعد تسممه الشنيع في مطار كوالالمبور.


وذكرت الصحيفة أنه في سنة 2009، وعلى خلفية تدهور صحة الرئيس آنذاك كيم جونغ إيل بشكل واضح، لم يتم تحديد من سيخلفه. وفي ذلك الوقت، أعد مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي تقريرًا خاصًا بعنوان "الاستعدادات لتغيير مفاجئ في كوريا الشمالية" تناول فيه مسألة اختفاء القائد.


ومن بين السيناريوهات التي تطرق لها التقرير نجاح الخلافة، وتقديم خيار آخر من قبل بعض العناصر الرئيسية للنظام الذي قد يولد صراعًا على السلطة، وخيار آخر انتهى بالفشل. ومن المؤكد أن نفس السيناريو سيكون مطروحا اليوم.


ويعتقد الباحث في معهد هوفر بول جريجوري، وهو أحد الأكاديميين الذين فكروا علنًا في ما سيحدث في كوريا الشمالية بعد كيم، أن السيناريو الأكثر ترجيحًا هو بروز نوع من القيادة المشتركة بين قادة حزب العمال الكوري برئاسة "أول النظراء"، على غرار نموذج الحكم الصيني.


وأوضحت الصحيفة أن أوجه التشابه التاريخية مع الاتحاد السوفيتي والصين تشير إلى أن عهد كيم سوف يتبعه شكل أكثر لينا من أشكال الحكومة الجماعية. 


وحسب ما قاله غريغوري في مقال نشرته مجلة "فوربس" الأمريكية، فإن "سلوك دوائر السلطة السوفيتية والصينية بعد وفاة ستالين وماو (...) يوحي بأن تغيير النظام في كوريا الشمالية لا يعني قدوم زعيم أسوأ بل التحرك نحو قيادة جماعية أقل عدائية".


وأضاف: "إن الفراغ في السلطة سوف يشكل سيناريو بالغ الخطورة بالنسبة لكوريا الشمالية، لذا تتمثل النتيجة الأكثر ترجيحا في أن كبار المسؤولين في النظام سوف يحاولون التحرك بسرعة لحل هذه المشكلة".

 

اقرأ أيضا: من سيتزعم كوريا الشمالية في حال موت كيم؟

وأشارت الصحيفة إلى أن أي كارثة سياسية داخلية من شأنها أن تعرقل الخدمات الأساسية في كوريا الشمالية، حيث لا تزال ذاكرة المجاعة في التسعينيات حديثة العهد، الأمر الذي من شأنه أن يولد موجة من اللاجئين إلى كل من الصين وكوريا الجنوبية. لكن عدم الاستقرار قد يكون أكبر، نظرا لأن التهديد بتدخل كوريا الجنوبية أو الولايات المتحدة الأمريكية في كوريا الشمالية قد يدفع بكين إلى احتلال كوريا الشمالية عسكريا.


عدم توقع اندلاع ثورات

 
وأوردت الصحيفة أن ما يمكننا استبعاده عمليًا ومسبقًا هو بروز نوع من التمرد الشعبي للإطاحة بالدكتاتورية، لأن النظام القمعي فعال للغاية لدرجة أنه لا توجد إمكانية لتنظيم معارضة داخلية دون أن يتم الكشف عنها وتفكيكها على الفور. وحتى في حالة انهيار النظام فإن احتمال ظهور حركة ناجحة يكاد يكون معدومًا.


أما إذا شهدت البلاد نوعا من الانتقال السياسي، فقالت الصحيفة إن هذا قد يحدث في أفضل الأوقات. ففي كوريا الجنوبية، أعيد انتخاب الرئيس التقدمي مون جاي إن، أحد أنصار التقارب مع بيونغ يانغ، بالأغلبية المطلقة.


 كما أن البيت الأبيض أيضًا في وضع مصالحة مع كوريا الشمالية، خاصة بعد أن كتب الرئيس دونالد ترامب إلى كيم جونغ أون في أواخر آذار/ مارس رسالة يعرض فيها مساعدة أمريكية في مكافحة فيروس كورونا، وهذا يقلل من احتمال حدوث رد فعل معادٍ. وربما يكون التغيير المعتدل موضع ترحيب في الخارج، ويمكن أن يعتمد أيضا على الدعم من جميع الجبهات، سواء من حلفاء بيونغ يانغ التقليديين أو خصومها.


وفي ما يتعلق بالوضع الصحي لكيم جونغ أون، فنقلت الصحيفة عن أستاذ العلاقات الدولية بجامعة يونسي في سيول، جون ديلور، أنه "من السهل أن نكون مخطئين بشأن ما يحدث". فمن المرجح أن يتعافى كيم تدريجيا مرة أخرى إذا افترضنا أن المعلومات المتعلقة بالجراحة التي خضع لها صحيحة في المقام الأول، ولكن احتمال تدهور صحته يظل واردا. وفي هذه الحالة، لن يتوانى المجتمع الكوري الشمالي عن إظهار حزنه وأساه، كما حدث بعد وفاة والده وجده.