قالت مجلة
"فورين
بوليسي"، إن ضعف الاهتمام الأمريكي بالعراق، يعود إلى أن "مشاكله معقدة،
ولا يمكن حلها، وحتى أنه لا أحد يعرف الطريق لحلها رغم محاولات عديدة بذلت خلال
السنوات الماضية".
وأوضحت المجلة في مقال
ترجمته "عربي21" لزميل معهد العلاقات الخارجية الأمريكي، ستيفن كوك، أن
كل "من اهتم بالعراق في واشنطن بدأ بالدعوة للخروج. وهذا هو موقف إدارة
دونالد ترامب الرسمي. ولكن الولايات المتحدة ستواجه عاجلا أم آجلا تداعيات انهياره".
وأضاف كوك: "بدا واضحا
من تجربة السنوات الماضية، أن المؤسسات بالعراق وشكلها مهم، فالدولة يمكن أن يكون
لديها مؤسسات ديمقراطية إلا أن قادتها لا يتبنون أو يؤمنون بالقيم الديمقراطية".
وقال إنه "لا أحد
يمكنه مساعدة
العراق بعد الآن بعد مجموعة من التكليفات، لرؤساء وزراء لم ينجحوا،
وتساءل، من كان يعرف أن العراق لديه رئيس الوزراء جديد ليرفع يده، لا ليس من كلف
في منتصف آذار/مارس ولكن رئيس الوزراء الجديد الجديد" مشيرا إلى تكليف الرئيس
برهم صالح، مصطفى
الكاظمي لتشكيل الحكومة لتخلف حكومة عادل عبد المهدي التي
استقالت في نهاية تشرين الثاني/نوفمبر.
ورأى كوك أن المقالات
التي نشرها الإعلام الأمريكي عن العراق، تبدو اليوم مثل المقالات الروتينية، التي
نشرت عن عدد من رؤساء الوزراء في العراق خلال فترة ما قبل الغز الأمريكي.
ولفت إلى أن الكاظمي "يمكنه
الموازنة بين الولايات المتحدة وإيران، ولديه القدرة على حشد الدعم من كل الأطراف
المختلفة. ولكن مهام كهذه، يتبعها التحفظ في واشنطن من عيوب النظام السياسي
العراقي، الذي يجعل من الصعب على رئيس وزراء مكلف تشكيل الحكومة وبالتالي الحكم".
وشدد كوك، على أن وضعا
كهذا يمثل محنة للكاظمي، فقد شهد الساسة الأمريكيون والعراقيون بكفاءته، فهو لم
يكن عضوا في الاحزاب السياسية العراقية ولكنه كان مسؤولا في الاستخبارات القومية،
وقيل أنه أشرف على عملية نزع التسييس عنها وأكد على الحرفية فيها. وهذه ميزات
إيجابية لكنها لن تكون كافية لأن يحكم العراق من خلالها"
وأضاف: "هذا لا
يعني أن مصير العراقيين الذي عانوا من حروب طويلة، العيش في ظل حكومة متعفنة.
فالفوضى الحالية في العراق تظهر أن أسوأ أنظمة سياسية يمكنها الاستمرار، فالسياسة
فيه تشبه نظاما من الغنائم بما فيه من فساد وغياب إشراف والكل فيه متواطئ. ،يساعد
على هذا الوضع استفادة إيران من سياسة العجز التي جعلت بغداد ضعيفة".
ورأى أن هذه المشاكل
تصل لدرجة أن شخصا مثل مقتدى الصدر، زعيم جيش المهدي، استطاع إعادة تأهيل مساره
السياسي كرجل وطني، رغم علاقاته مع إيران التي تتوطد حسب الظروف، وأهم من عودة
الصدر هي حركة الاحتجاج التي اندلعت في تشرين الأول/أكتوبر 2019".
وتابع: "خرجت كذلك
قطاعات واسعة من الشعب العراقي إلى الشوارع، لا بسبب العمل الذي يقوم به عبد
المهدي بل لأن بقاء النظام السياسي، يدمر أي أمل لهم بمستقبل مزدهر، وطالبت الاحتجاجات
بتغيير كامل للنظام السياسي".
وقال كوك: "الولايات
المتحدة دعت القادة العراقيين ولسنوات طويلة، لعمل الأفضل لصالح شعبهم، إلا أن
النظام الذي شجعت على قيامه حفز الساسة في بغداد لخدمة مصالحهم الضيقة، على حساب
الآخرين، فالطبيعة
الطائفية للنظام الحزبي توهن البلد وتضع ضغوطا عليه. فالقتال على الموارد وتوزيعها على المناطق
المفضلة هو ما يعلم السياسة، ولكن في العراق فالخلافات الحزبية والصراعات التي
تنبني عليها تظهر في الحكومة".
وأشار كوك، إلى أنه
يمكن أن تجلس أمام 5 مسؤولين عراقيين، كل واحد منهم له ولاءات مختلفة، وأجندات
يسعى لتحقيقها، والفشل واضح ومثير للدهشة بدرجة أنه لم يعد أحد في أمريكا يدعو
للتعاون مع اللاعبين في النظام السياسي العراقي.
وأضاف: "توصلت
إدارة ترامب إلى نتيجة، وهي أن الانخراط في النظام السياسي العراقي هو تبذير
للطاقة. وأصبح الموقف الأمريكي من تكليف رئيس وزراء للعراق يركز على الحد الأدنى،
وهو أن يكون وطنيا"عراقيا وليس تابعا لإيران. ونجح الكاظمي في الامتحان وهذا
لا يغير من مسار السياسة الأمريكية، لكن قد يغضب هذا الموقف بعضهم، خاصة السنة،
الذين يريدون التحالف مع أمريكا لكنهم مجبرون على القبول بواقعهم".
وأعرب عن اعتقاده أن سياسة
الولايات المتحدة هذه "قد تكون حكيمة، فغياب الاهتمام باستثناء الحفاظ على
قوة مهام لمكافحة تنظيم الدولة قد يجبر ساسة العراق على تغيير عاداتهم، وإلا
واجهوا غضب الشعب العراقي المطالب بنهاية النظام. ولو أخفق قادة العراق في حل
مشاكل البلاد المتراكمة فسيكون اللوم على إيران".
وقال: إن "المشاكل
في العراق بتزايد بسبب انتشار وباء فيروس كورونا والذي أثر على السوق العالمي
بالإضافة لانهيار أسعار النفط نتيجة لحرب الأسعار بين السعودية وروسيا مضيفا:
"الكاظمي قد يملك الكفاءة كما يتم تصويره، لكنه لن يحمي العراق، لأن النظام
السياسي متعفن والأمريكيون منشغلون بمشاكلهم".