صدرت عن "دار
الكتاب الجديد"، مؤخراً رواية "الشعلة الخفية للملكة لوانا" للمفكر
والروائي الإيطالي أومبرتو إيكو بترجمة معاوية عبد المجيد، وهو عمل له ميزة خاصة
كيف لا وهو الرواية الوحيدة للكاتب الإيطالي التي بقيت ناقصة في المكتبة العربية،
بعد أن صدرت رواياته الأخرى: "اسم الورد" و"مقبرة براغ"
و"بندول فوكو" و"العدد صفر" و"جزيرة اليوم السابق"
و"باودولينو"، ومعظمها صدرت عن نفس دار النشر ونقلها إلى العربية المترجم
التونسي أحمد الصمعي.
ينقلنا العمل إلى
الفترة الفاشية من تاريخ إيطاليا، والتي تتقاطع مع فترة شباب المؤلف، ولهذا السبب
فإن العمل لا يخلو من روح السيرة الذاتية. لكن أمبرتو إيكو لا يكتفي باستدعاء
الذاكرة بل يجعل نصّه الروائي كعادته مدخلاً للتفكير في قضايا أعمق، وفي
"الشعلة الخفية للملكة لوانا" واختار تسليط الضوء على منابع العنف في
الثقافة في معناها الأوسع الذي يتضمّن الأدب والفنون والدين والتعليم.
سألنا المترجم السوري
معاوية عبد المجيد عن تفسيره لتأخّر ترجمة هذ الرواية خصوصاً أن مؤلفها أصدرها في
2004 أي قبل نشر "مقبرة براغ" و"العدد صفر". يجيب عبد المجيد
في تصريحات خصّ بها "عربي21": "يعود سبب هذ التأخير إلى أن الرواية
صعبة إلى حدّ كبير، حيث أنها تحتاج إلى وقت طويل في قراءتها ومن ثمّ التأكد من كل
كبيرة وصغيرة وضعها إيكو، إضافة إلى أن بنية الرواية غير تقليدية، علينا هنا أن
نعرف أن الراوي فاقد للذاكرة في حين أننا اعتدنا أن الراوي عليم بكل ما
يدور".
يضيف المترجم: "عملت
على ترجمتها مدة سنتين ونصف. ثم جاء دور الطباعة وهذه معضلة أخرى فالرواية تحتوي
على قدر هائل من الصور والرسوم لا بد من ترتيبها وتنسيقها في النسخة العربية جيدا
وهذا العمل أخذ منا شهورا. إضافة إلى كل ما سبق فالصور والرسوم ملونة وكان إيكو قد
أوصى وكيلته أن تراقب الترجمات وتشترط أن تنزل الصور ملونة كما هي. فالصور الملونة
مكلفة. وهكذا تأخر إصدار هذه الرواية.
وحول موقع هذه الرواية
ضمن مجمل أعمال أمبرتو إيكو الروائية، يقول معاوية عبد المجيد: "لهذه الرواية
مكانة خاصة عند إيكو لأن فيها من سيرته الذاتية الكثير من التقاطعات. أراد فيها أن
يحكي عن طفولته بأسلوب أدبي وأن يدمج فيها خيالات إيكو الطفل بتطلعات إيكو المراهق
ودراسات إيكو الناضج الفيلسوف والناقد الذي لا يشق له غبار. وفي هذه الرواية يضع
إيكو كل أبحاثه عن التربية الفاشية وأسبابها وتبعاتها على المحك، ويروي أجواء
الحقبة الفاشية وأغنياتها وحالة الفصام التي سببته في عقول مؤيديها".
سألنا أيضاً معاوية
عبد المجيد عن رأيه في الترجمات السابقة لأمبرتو إيكو، فأجابنا: "الأستاذ
أحمد الصمعي كان أول من ترجم لأمبرتو إيكو وكان له الفضل في تعريفنا به وقد أنجز
تلك الترجمات في وقت قياسي فلم يتأخر صدور رواية اسم الوردة عقودا لتصل إلى
العربية بل ترجمها بعد إصدارها في إيطاليا بسنوات قليلة وظل يعمل على تنقيحها على
مرور السنوات لتصبح أفضل وأفضل. وكانت لا تفوته أي نقطة مبهمة إلا وضع لها
ملاحظة".
في السنوات الأخيرة،
يشعر متابع الحياة الأدبية وخصوصاً منها الترجمات نسقا تصاعديا في ترجمة الأدب
الإيطالي إلى العربية، فإلى جانب كتابات أومبرتو إيكو نجد أن روائيين كثيرين قد
صدرت أعمالهم بالعربية من أجيال متنوّعة، وهو جهد لا نجد فيه ترجمات أحمد الصمعي
ومعاوية عبد المجيد وحدهما حيث نجد مساهمات أساسية من الكاتب السوري يوسف وقاص
والكاتبة الجزائرية أمل بوشارب والكاتب العراقي كاصد، دون أن ننسى مساهمات الباحث
التونسي عز الدين عناية في نقل العلوم الإنسانية. رغم كل ذلك يعتقد معاوية عبد
المجيد في حديثه إلى "عربي 21" أن الشوط مازال بعيداً كي نقول بأن
القارئ العربي بات مطلعا على الأدب الإيطالي، إذ يقول: "ما زال أمامنا
الكثير".
يذكر أن معاوية عبد
المجيد سبق أن أصدر الكثير من الترجمات الأخرى أبرزها رباعية نابولي لإيلينا
فيرانتي، وتتضمن روايات "صديقتي المذهلة" و"حكاية الاسم
الجديد" و"الهاربون والباقون" و"حكاية الطفلة الضائعة"،
كما ترجم ضمير السيد زينو" لـ إيتالو سفيفو، و"تريستانو يحتضر"
و"بيريرا يدّعي" لـ أنطونيو تابوكي، و"الطفل الذي اكتشف
الصفر" لـ أميديو فينييلو و"كلّهم على حق" لبابلو سيرانتينو و"ابنة البابا" لـ داريو فو وجميع
هذه الأعمال نقلها من الإيطالية، كما ترجمة رباعية "مقبرة الكتب
المنسيّة" لكارلوس زافون من اللغة الإسبانية.
إطلالةٌ على "ملحمة الحرافيش" من منظور ثنائيّة البناء والهدم
من زاوية أنثى لمحمد العمري.. تَغْيِيبُ الأنثى وتنصيب الذكر
رواية "دموع فينيس" لعلي النوباني.. أوجاع المدن الصغرى