وافق مجلس النواب المصري على قانون الجهاز المصرفي والبنك المركزي بالموافقة على تقديم تمويل للبنوك ذات الملاءة المالية المنخفضة أو المرجح تعثرها، بصفته وكيلا عن الحكومة.
وأثارت هذه الخطوة تساؤلات بشأن التعثر المرجح، وعلاقته بفيروس كورونا.
وحسب المادة (11) التي وافق عليها البرلمان، فإنه مع عدم الإخلال بأحكام المادة (10) من هذا القانون، يجوز لمجلس الإدارة في الظروف الاستثنائية الموافقة على تقديم تمويل للبنوك ذات الملاءة المالية المنخفضة أو المرجح تعثرها بصفته وكيلا عن الحكومة، وفق اشتراطات معينة وصارمة.
وخلال كلمته أمام البرلمان، الاثنين، أكد محافظ البنك المركزي، طارق عامر، أن حجم الودائع والمدخرات بالبنوك بلغت 4 تريليونات جنيه، ولا يتم توظيفها بصورة كاملة، لافتا إلى أن دول العالم توظف وتستثمر في مدخرات بالبنوك.
وفي نهاية آذار/ مارس الماضي، أثار قرار البنك المركزي بفرض قيود على سحب وإيداع النقود، قلق بعض المودعين، وهو ما برره محافظ البنك وقتها بأنه يهدف لتنظيم حركة سحب وإيداع الكاش في السوق، مشيرا إلى أن المركزي سيراجع هذا القرار بعد أسبوعين، وهو ما تم تخفيفه لاحقا مع استمراره.
وقال المحافظ في مداخلة متلفزة، إن المصريين سحبوا أكثر من 30 مليار جنيه من البنوك في 3 أسابيع فقط، "دون داعٍ"، وطمأن المودعين بأنه لا داعي لأي خوف أو قلق، وأن "الفلوس موجودة وإللي عايز يعمل تعاملات يقدر يعملها بشكل طبيعي".
قرارات لدعم البنوك المودعين
ورغم قرار البنك المركزي بخفض أسعار الفائدة ثلاثة بالمئة منتصف آذار/ مارس الفائت لتخفيف الضغط عن القطاع المصرفي، رفعت البنوك العائد على الشهادات الادخارية للمودعين ما بين 12 بالمئة و15 بالمئة لآجل سنة وسنتين وثلاث سنوات؛ بهدف جذب سيولة من ناحية، ودعم مدخرات المودعين من ناحية أخرى.
وبشأن مخاطر تعثر بعض الشركات عن السداد، قال نائب رئيس قطاع الديون المتعثرة ببنك التنمية الصناعية سابقا، مجدى ثابت، إن الوضع الحالي سيدفع البنوك إلى زيادة المخصصات المالية لديها؛ لأن بعض العملاء سواء كانوا أفرادا أو شركات، معرضون للتعثر في سداد القروض المستحقة عليهم.
وأضاف في تصريحات صحفية سابقة أن "زيادة المخصصات سيؤثر سلبا على أرباح البنوك المرتقبة إلا أنها الطريقة الأمثل للوقوف والتصدي لهذا الفيروس الذي سيحدث ركودا كبيرا خلال الفترة المقبلة".
اقرأ أيضا: هل استنفدت مصر وسائلها في مواجهة أزمة كورونا؟
لماذا تراجع دور البنوك؟
حمل أستاذ الاقتصاد والبنوك بأكاديمية السادات، شريف قاسم، "البنك المركزي والحكومة المسؤولية عن عزوف البنوك عن استثمار الأموال؛ لأنه منذ تسعينيات القرن الماضي بدأت الحكومة تقترض عبر أذون الخزانة أسبوعيا من خلال طرح البنك المركزي لمزايدة على أسعار الفائدة، فوجدت البنوك في إقراض الدولة نوع من الاستثمار ذو العائد العالي، والمخاطر المنخفضة".
وأضاف لـ"عربي21" أن "البنوك منذ ذلك الوقت وجهت أغلب أموالها لهذا الجانب، خاصة أن الحكومة تطرح أذون خزانة بأسعار مرتفعة مقارنة بدول العالم"، مشيرا إلى أنه "لولا سياسة الاقتراض الحكومية لكانت البنوك في مصر اتجهت نحو طرق أبواب الاستثمار للحصول على عوائد مرتفعة، وتقوم بدورها في التنمية الاقتصادية".
فيما يتعلق بدور البنك المركزي في إنقاذ أي بنك من التعثر، أكد قاسم أنه "دور أصيل للبنك المركزي سواء كان منصوص عليه بقانون من قبل أو لا، وهذا القرار لا يعني أنه يمكن التنبؤ بوجود أزمات مستقبلية للبنوك بسبب فيروس كورونا لأن حجم الودائع في مصر كبير، وهي آمنة، ويضمنها البنك المركزي، وهناك حالات سابقة لإفلاس بعض البنوك وقام المركزي بإقراضها وشرائها مثل بنك الاعتماد والتجارة الدولي".
المركزي والحماية من السقوط
قال الخبير المصرفي والاقتصادي بمؤسسة واشنطن أناليتيكا بالعاصمة واشنطن، شريف عثمان، إن "البنوك المصرية لا تواجه سيولة مالية حسب علمي، وحجم الودائع في الجهاز المصرفي يمنع دخولها في تعثر خلال الوقت الحالي، ولكن قد تظهر بعض المشكلات في المستقبل حال تعثر بعض الشركات المقترضة من تلك البنوك".
وأوضح لـ"عربي21"، أن البنك المركزي "دائما يقدم المساعدات والنقود للبنوك التي تتعرض لنقص السيولة في بعض الأوقات، ولديه بعض الآليات من أهمها "الريبو" الذي يسمح للبنوك بالاقتراض من البنك المركزي بضمان ما بحوزتها من أذون أو سندات خزانة أو أصول، وآلية "الكوريدور" التي تتيح إمكانية لجوء البنوك للاقتراض من البنك المركزي بأسعار محددة مسبقا".
وأشار إلى أن "ما تردد عن أزمات نقص المتاح من النقدية فهي تتكرر كل عام في البنوك المصرية بمناسبة شهر رمضان والعيد الصغير، وهي أزمات نقدية وليست أزمات سيولة، لكنه استدرك بالقول إن "القلق ربما يكون من إفلاس المقترضين الكبار لأن إفلاسهم يهز البنك المقترض منه".
لماذا لجأت مصر لصندوق النقد الدولي وليس للسندات والصكوك؟
هل تتخلف مصر عن سداد 18.6 مليار دولار ديون مستحقة بـ2020؟
هل يدفع عمال مصر ثمن انفجار قنبلة العمالة السائبة بالخليج؟