نشرت مجلة "فورميكي" الإيطالية تقريرا قدّم من خلاله
الباحث كريم ميزران مدير مبادرة شمال إفريقيا في المجلس الأطلسي في واشنطن، رؤيته
للوضع في ليبيا بعد محاولة حفتر الانقلابية والأدوار المشبوهة التي تلعبها بعض
الدول، وفي مقدّمتها الإمارات العربية المتحدة.
ورسم ميزران في التقرير الذي ترجمته "عربي"21، صورة
قاتمة لمستقبل ليبيا قائلا إن الوضع ما زال في غاية التعقيد في ظل توقعات بأن تقوم
قوات حفتر بهجوم مضاد مدعوما إماراتيا ما سيؤدي إلى إراقة المزيد من الدماء.
وحسب التقرير، تأتي هذه التوقعات في ظل الخسائر التي مني بها
حفتر مؤخرا وفقدانه بعض المناطق التي سيطر عليها سابقا ضمن حملته على طرابلس. وقد
شنّت قواته ردا على هزائمها ضربات انتقامية بالمدفعية على الأحياء السكنية في
طرابلس ما أوقع عددا من الضحايا المدنيين.
وأشار التقرير إلى أن صور الأقمار الصناعية أظهرت مؤخرا
تواجد ست طائرات "ميراج 2000" إماراتية جاهزة في قاعدة سيدي براني في
مصر، وصلت منذ عدة أشهر، وربما قامت ببعض المهام في ليبيا.
ويرى ميزران أن هذه التحركات العسكرية العلنية تعني أن أبو ظبي
تعتزم الدخول في الحرب بشكل مباشر ولن تكتفي بتقديم الدعم من بعيد، ويضيف أن قرار
الإمارات الذهاب إلى هذا الحد لم يفاجئه في ظل غياب أي تدخل دولي أو أي نوع من
المساءلة.
وأكد ميزران أن الإمارات لا تريد أن تخسر ليبيا، أو بالأحرى لا
تريد أن تخسر هيبتها في ليبيا، خصوصا بعد ما حدث لها في اليمن.
وأوضح ميزران أن أبو ظبي تدخّلت في البداية بحجة منع وقوع
بنغازي بين أيدي الجماعات المتطرفة، ومن ثمّة تعاظمت مطامعها إلى حد التطلع إلى
السيطرة على كامل التراب الليبي عبر دعم خليفة حفتر، وهو ما جعلها في آخر المطاف
تتورط في مواجهة مع تركيا وقطر، وبالتالي أصبح لديها دوافع كثيرة كي لا تتراجع عن
مخططاتها.
ويحلّل ميزران الوضع الميداني قائلا: "يجب أن ندرك أنه من
وجهة نظر عسكرية، لا يستطيع أي من الطرفين التغلب على الطرف الآخر. أرى احتمالين
لا ثالث لهما. الأول هو أن يسعى حفتر للانفصال بسبب عدم قدرته على الاستيلاء على
طرابلس، والثاني هو إمكانية نجاحه في اختراق خطوط الدفاع الأولى عن العاصمة إذا لم
يصمد الأتراك وقوات حكومة الوفاق الوطني، ولكن بهذه الطريقة سيتسبب في مجزرة لأنه
لا يملك القدرة على السيطرة ميدانيا على مدينة مترامية الأطراف مثل العاصمة
الليبية".
وتعليقا على موقف إيطاليا المنشغلة بأزمة فيروس كورونا، أكد
ميزران أن روما تبدو الآن خارج الصورة تماما فيما يتعلق بالصراع الليبي، معتبرا أن
البيان شديد اللهجة الذي صدر عن السفارة الإيطالية في طرابلس بعد سقوط صواريخ
أطلقها حفتر بالقرب من مقرّها، أسعده وأثار دهشته في آن واحد، لأن الحكومة الإيطالية
دأبت في العادة على أن تصف حفتر بأحد أطراف الحوار.
وفي تعليقه على الدور الروسي، قال ميزران إن موقف موسكو يتسم
بالغموض والتناقض. فعلى الصعيد الرسمي، تبحث روسيا عن الحلول الدبلوماسية، لكنها
في المقابل تساعد حفتر سراً، بإرسال المرتزقة للقتال في صفوف قواته.
ويؤكد ميزران أن القاهرة التي تعتبر واحدة من أكثر الدول
انخراطا في الصراع الليبي، بدأت تراجع حساباتها وتدرك أن الوقوف خلف حفتر رهان
خاسر لأنه لم يحقق أي إنتصارات على الأرض، وربما لن يتمكن أبدًا من القيام بذلك،
وأنها أحق منه بالأموال التي تنفقها أبو ظبي.
وفي الختام، يقول ميرزان إنه لا يرى حلا قريبا للأزمة الليبية.
فعلى الصعيد الميداني، ورغم أن الطرفين أظهرا رغبة قوية في مواصلة القتال، لا يبدو
أن أحدهما قادر على تحقيق نصر عسكري كاسح. أما سياسيا، فهناك أطراف دولية فاعلة مثل
إيطاليا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة قررت عدم لعب أي دور، كما يلف الغموض
مواقف روسيا والسعودية وفرنسا ومصر. لكن الثابت الوحيد حسب قوله هو سقوط المزيد من
الأبرياء في صفوف الشعب الليبي.
اقرأ أيضا: برلمان "طبرق" يفضل الحوار السياسي.. هل انقلب على حفتر؟
متى يتوقف القتال بليبيا؟.. خبيران أمريكيان يجيبان
دعم سعودي إماراتي مصري جديد لحفتر.. هل ينقذه؟
أنظار "الوفاق" تتجه لترهونة.. هل بات الهجوم وشيكا؟