أثارت عملية اعتقال 5 من عناصر مليشيات "ثأر الله"، بعد مقتل متظاهر في البصرة جنوب العراق، تساؤلات عن انعكاس ذلك على مستقبل الاحتجاجات، التي شهدت تعرض عشرات الناشطين فيها إلى الاغتيال والإخفاء القسري.
وشكل اعتقال عناصر تنتمي لمليشيات مسلحة، الاثنين الماضي، خطوة فريدة منذ بدء الاحتجاجات في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، والتي أشاد بها رئيس الحكومة الجديد مصطفى الكاظمي، وأكد أن "المتورطين بدم العراقيين لن يناموا ليلهم، وأن سلمية الاحتجاج واجب يشترك به الجميع".
"رسالة للمليشيات"
وتعليقا على الموضوع، قال الخبير السياسي العراقي غانم العابد في حديث لـ"عربي21" إنه ولأول مرة يصدر رئيس وزراء، أمرا باعتقال مليشيات منفلتة تستهدف المتظاهرين، وهذا يدل على أنها ليست المرة الأولى التي تمارس فيها هذه المليشيا عمليات الاغتيالات بحق المتظاهرين.
ورأى العابد أن الخطوة "تعزز من هيبة الدولة وفرض القانون، حتى لا يكون هناك تكرار للأفعال الجرمية، ما يعني أن حكومة الكاظمي وضعت حصر السلاح بيد الدولة قيد التنفيذ، وهذا الموقف سيكون رسالة إلى المليشيا، أن الاعتداء على المواطن العراقي لن يفلت صاحبه من العقاب والملاحقة".
ولفت إلى أن المليشيا بشكل عام "مسؤولة عن اختطاف الآلاف منذ المعارك ضد تنظيم الدولة، كما أنها مسؤولة عن اختطاف المتظاهرين، والمعلومات تؤكد وجود سجون سرية للإخفاء القسري".
اقرأ أيضا : اعتقال عناصر من حركة "ثأر الله" بالعراق إثر مقتل متظاهر
وتابع العابد: "لا شك أن الكاظمي مطلع عل تلك السجون وحالات الاختطاف منذ المعارك ضد تنظيم الدولة وحتى المظاهرات الشعبية، كونه كان رئيسا لجهاز المخابرات، ومن هنا يجب عدم التفريق بين مختطفين سابقين ومختطفي ساحات الاحتجاج، فالجميع عراقيون، ومن اختطفهم جهات غير رسمية".
مستقبل الاحتجاجات
وبخصوص انعكاس هذه الخطوة على مستقبل الاحتجاجات، أكد العابد أن قرارات الكاظمي بعد 48 ساعة من تسلمه رئاسة الوزراء، عجز عن اتخاذها رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي خلال ستة أشهر، وهي بلا شك لاقت ترحيب الشارع المحتج".
وأوضح العابد أن إطلاق سراح المتظاهرين، وتعويض المتضررين منهم، وتعهده بالتحقيق في قتل المحتجين، كلها خطوات تصحيحية للكاظمي يستحق عليها دعم ومساندة المتظاهرين.
وأشار إلى أن "الاحتجاجات لم تتوقف وهي مستمرة وتستعيد زخمها بقوة، وإذا استمر الكاظمي في سياسته هذه، فإنه سيحظى بدعم العراقيين جميعا خلال المرحلة المقبلة".
من جهته، قال عضو المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق الدكتور فاضل الغراوي لـ"عربي21" إن المفوضية تلقت العديد من البلاغات والشكاوى الخاصة التي رفقت التظاهرات، وأحالتها إلى المحكمة المختصة من خلال قانون المفوضية.
وأضاف الغراوي أن المحكمة "هي السلطة العليا في التعامل مع هذه القضايا وستصدر أحكاما إن كانت هناك أحكام تتعلق بالقضايا والأحداث التي رافقت المظاهرات".
وعن الجهات والأسماء التي كان لها دور في استهداف المتظاهرين، أوضح الغراوي أن دور المفوضية "ليس التعامل مع أسماء وجهات، وإنما أن تتعامل مع القضايا التي تتعلق بانتهاك حقوق الإنسان، لتحيلها إلى المحكمة كونها جهة الاختصاص".
اتهامات للكاظمي
وفي المقابل، نشر حساب "المكتب العشائري لحزب ثأر الله"، اليوم الأربعاء، مقطعا مصورا لرجل الدين الشيعي اللبناني علي الكوراني، هاجم فيه رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي على خلفية اعتقال عناصر المليشيا في البصرة.
واتهم رجل الدين اللبناني، رئيس الحكومة العراقية بأنه ينفذ أجندة أمريكية إسرائيلية لحل الحشد الشعبي، واصفا "ثأر الله" بأنها فصيل من فصائل المقاومة الذي قاتل تنظيم الدولة في الموصل.
ووصف الكوراني، المتظاهرين في البصرة الذين أطلق عليهم النار من مقر "ثأر الله" بأنهم عناصر القنصلية الأمريكية "الجوكر"، مبررا ذلك بأنهم أرادوا حرق مقر "ثأر الله" ما اضطر العناصر إلى الرد وقتل أحدهم.
وحمّل رجل الدين اللبناني، رئيس تحالف "الفتح" هادي العامري، وزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، مسؤولية دعم الكاظمي رئيسا للحكومة، داعيا إياهم إلى "ضبط وضعه وتوجيهه، ومنعه من خطوات متهورة".
وكانت الأجهزة الأمنية العراقية قد أغلقت مقر حزب "ثأر الله" المقرب من إيران، جنوب البلاد، وأوقفت خمسة من عناصره، وجهت إليهم اتهامات بقتل متظاهر، حسبما أعلن قائد شرطة محافظة البصرة الفريق رشيد فليح.
مطالبات شعبية للكاظمي بمحاكمة عبد المهدي.. هل يستجيب؟
بلومبيرغ: نجاح رئيس الوزراء العراقي الجديد يكمن بفشله السريع
"لولاها لما مرّت".. ما هو دور إيران في تشكيل حكومة العراق؟