رغم أنّ الاتحاد العام التونسي للشغل يشكل الجسم النقابي الأهم في العالم العربي بأكمله ويلعب دورا بالغ الأهمية في الحياة السياسية داخل تونس، إلا أنّ المعلومات التي حصلت عليها "عربي21" تؤكد أنه لا يزال حتى هذه اللحظة يرفض الكشف عن تقاريره المالية والمحاسبية والعديد من الوثائق الخاصة به، وذلك على الرغم من صدور قرار قضائي بذلك العام الماضي.
ويثير رفض الاتحاد الكشف عن بياناته المالية وتقاريره المحاسبية الكثير من الأسئلة والشبهات وما إذا كان ثمة ما يريد إخفاءه عن الرأي العام في تونس، وذلك في الوقت الذي يُناضل فيه التونسيون من أجل القضاء على الفساد في البلاد منذ الإطاحة بنظام الاستبداد الذي كان يقوده زين العابدين بن علي.
وبحسب المعلومات التي حصلت عليها "عربي21" فإن "اتحاد الشغل رفض العام الماضي الكشف عن سجلاته المالية والمحاسبية بناء على طلب عضو البرلمان عماد الدايمي، وفي كانون أول/ ديسمبر 2019 أصدرت "الهيئة الوطنية للنفاذ إلى المعلومة" قراراً لصالح الدايمي يُلزم الاتحاد بالكشف عن هذه البيانات لكن الاتحاد لم يكشف حتى الآن عن أي من هذه البيانات"، بحسب المعلومات التي خص بها الدايمي "عربي21".
والبرلماني التونسي عماد الدايمي كان قد شغل سابقا منصب "مدير ديوان رئاسة الجمهورية" خلال فترة حكم الرئيس المنصف المرزوقي، وهو أول رئيس منتخب لتونس بعد الثورة التي أطاحت بنظام زين العابدين بن علي، كما أنه أول رئيس عربي يتنحى عن الحكم طوعاً بعد انتهاء ولايته الدستورية ويُسلم الحكم للرئيس المنتخب خلفاً له.
ولاحقاً لرفض اتحاد الشغل الكشف عن سجلاته المالية والمحاسبية أو تقديم أية تفاصيل حول تقاضيه أموالاً حكومية بشكل غير قانوني، أسس الدايمي مرصد "رقابة"، وهو مؤسسة مستقلة تُعنى بمحاربة الفساد ومراقبة المؤسسات العامة في تونس، وترك العمل السياسي والبرلماني من أجل ضمان استقلالية المرصد الذي تمكن مؤخراً من وضع يديه على عدد من ملفات الفساد في تونس.
وقال الدايمي في تصريحات خاصة لــ"عربي21" إن "لدى تونس منظومة راقية جداً وممتازة تتعلق بحق المواطن في النفاذ إلى المعلومات"، مشيراً إلى أنه بموجب هذه المنظومة طلب من اتحاد الشغل الكشف عن سجلاته وتقاريره المالية والمحاسبية، وكذلك بيان ظاهرة "التفرغ النقابي" والتي بموجبها فإن الكثير من أعضاء اتحاد الشغل يتقاضون رواتب من الحكومة والمال العام دون وجه حق، لافتاً إلى أن "هذا الأمر كان موجوداً منذ زمن بن علي ومستمر حتى الآن رغم أنه سلوك غير قانوني".
ويؤكد الدايمي أن "الحكم بإلزام الاتحاد بالكشف عن هذه المعلومات كان مهماً جداً لأنه يدفع الاتحاد إلى الانسجام مع مرحلة الانفتاح في تونس"، مشيراً إلى أن هذا الحكم يشكل اختراقاً مهماً لأنه ينبه الرأي العام إلى ضرورة انفتاح كافة المؤسسات وتماشيها مع المستجدات في تونس.
ويقول الدايمي: "طلبت من اتحاد الشغل تقارير مراجعة الحسابات المالية خلال السنوات الخمس الأخيرة، وطلبتُ قائمة النقابيين المتفرغين الذين تدفع الدولة أجورهم، وهذا كله لم أحصل عليه ولا زلنا في مرصد رقابة ننتظر أن نكشف هذه المعلومات للرأي العام في تونس".
لكن الدايمي يلفت إلى أن اتحاد الشغل لجأ إلى المحكمة الإدارية للطعن في قرار "الهيئة الوطنية للنفاذ الى المعلومة" وإبطاله، وأضاف: "أنا أعتبر أنهم الخاسرون لأنهم أضاعوا الفرصة للخضوع الطوعي للقانون وإظهار أنهم مع النفاذ للمعلومة، وهكذا ظهر أنهم يريدون إخفاء المعلومات والحقائق".
ويؤكد الدايمي الذي تفرغ حاليا لمحاربة الفساد في تونس أن مرصد "رقابة" يقوم برفع دعاوى وشكاوى بشكل أسبوعي لملاحقة الفاسدين في البلاد، ويتابع: "تمكنا من إدخال رئيس مؤسسة عامة إلى السجن بعد كشف فساده". مضيفا: "نحن نعتبر أن محاربة الفساد يجب أن لا تكون انتقائية، ويجب على كل المؤسسات بما فيها اتحاد الشغل أن يتخلصوا من الفساد".
يشار الى أن "عربي21" حصلت على النص الكامل للحكم الصادر عن "الهيئة الوطنية للنفاذ إلى المعلومة" أواخر العام الماضي والذي يطلب من اتحاد الشغل الكشف عن بياناته المالية وقوائم الأعضاء الذين يتقاضون أجوراً من الحكم بسبب "التفرغ النقابي" خلافا للقانون.
النهضة تؤكد التوقيع على وثيقة الاستقرار الحكومي قريبا
حصري وبالوثائق: ممتلكات الغنوشي بيت متواضع وسيارة "كيا"
وسط أزمة سياسية.. دعوات لتغيير نظام الحكم بتونس