شغلت المظاهرات الغاضبة التي سجلتها مدينة السويداء (جنوب) لليوم الثاني على التوالي، نتيجة الأوضاع الاقتصادية المتردية التي يعيشها الشعب السوري جراء شبه انهيار العملة المحلية، الرأي العام في سوريا.
وما إن جابت المظاهرات التي نددت بالفساد الاقتصادي، والتي شهدت شعارات مطالبة برحيل رئيس النظام السوري بشار الأسد، شوارع السويداء، حتى سرت أنباء عن استقدام النظام السوري تعزيزات أمنية إلى مركز المدينة.
ويوحي المشهد السائد، بأن البلاد على أعتاب ثورة جديدة، وتحديدا في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، ما يثير تساؤلات عن كيفية تعامل نظام الأسد معها، في حال تجددها، وامتداد التظاهرات إلى مناطق أخرى.
العقلية ذاتها.. لكن الحسابات مختلفة
ويرى عضو "اللجنة الدستورية"، الدكتور يحيى العريضي، وهو من السويداء، أنه من غير المستبعد أن يتعامل النظام السوري بالعقلية الأمنية ذاتها، التي تعامل فيها مع التظاهرات السلمية التي خرجت في العام 2011، بداية الثورة السورية.
وأضاف لـ"عربي21"، أن "النظام نتيجة الأزمة الاقتصادية والسياسية، يبدو وكأنه محشور في الزاوية القاتلة، وكل الخيارات أمامه قاتلة".
واستدرك بقوله: الواضح أن استخدام العقلية الأمنية ذاتها، ليس بالأمر السهل، لأن الوجع يسيطر على كل مفاصل الجسد السوري، إلى جانب أن السياق الدولي لا يهيئ الظرف لإعادة الممارسات الأمنية ذاتها في قمع التظاهرات.
وأوضح العريضي، أن ممارسات النظام اليوم تحت الأضواء الكاشفة الدولية والأمريكية، وقانون قيصر على الأبواب، مضيفا "أن النظام استنفد الفرصة الأمريكية، حين منحت الأخيرة الأسد مدة نصف عام منذ توقيع قانون قيصر من قبل دونالد ترامب، قبل أن يتحول القانون إلى إجراء نافذ".
وقال إن النظام بعنجهيته المعتادة، واصل سياساته الإرهابية بحق الشعب السوري، دون الالتفات إلى المهلة الأمريكية.
ومؤيدا العريضي، قال الكاتب الصحفي زياد الريّس، إن النظام السوري يمتلك عقلية واحدة، ومن المستبعد أن يقوم يغيرها في التعامل مع التظاهرات التي ستمتد إلى مناطق أخرى قريبا.
وتساءل في حديثه لـ"عربي21": "لكن ما مدى قدرة النظام على قمع التظاهرات الجديدة"، وذلك في إشارة إلى استياء وتململ الحاضنة الشعبية للنظام، من الأوضاع الاقتصادية السائدة.
وحسب الريّس، فإن من المرجح أن يقوم النظام بتحميل حكومته مسؤولية الوضع الاقتصادي المتدهور، وذلك لامتصاص غضب الشارع، وقال: "الواضح أن الأسد سيعلن قريبا عن إقالة الحكومة، لذر الرماد في العيون".
المظاهرات إلى توسع
ومن وجهة نظر يحيى العريضي، فإن السوريين ضاقوا ذرعا جراء الأوضاع الاقتصادية والأمنية السائدة، ومن الطبيعي أن تشهد المناطق الخاضعة لسيطرة النظام تظاهرات جديدة، ومنها دمشق، والساحل السوري.
وقال: "الصرخات المطالبة بالحرية والخبز ستتوسع، والاحتمالات مفتوحة على كل السيناريوهات".
بدوره، أكد المفتش المالي المنشق عن النظام منذر محمد، أن الوضع الشعبي السوري ذاهب نحو انفجار حتمي، نتيجة الفقر، وعدم قدرة المواطن السوري على تأمين الحد الأدنى من المتطلبات الضرورية.
اقرأ أيضا : مظاهرات حاشدة في السويداء ضد نظام الأسد (شاهد)
وقال لـ"عربي21": لم تدخل عقوبات قيصر بعد، وكل ما نشاهده أولى إرهاصات القانون، وبالتالي فإن أياما صعبة قادمة على السوريين مع الإعلان عن الحقيبة الأولى من العقوبات في الـ17 من الشهر الجاري.
يذكر أن الليرة السورية وصلت قيمتها إلى مستويات قياسية أمام العملات الأجنبية، إذ تخطى الدولار حاجز الـ3000 ليرة سورية.
عرض أمريكي
في غضون ذلك، كشف المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا جيمس جيفري، عن مطالب عدة للخروج من الأزمة التي تعاني منها سوريا.
وفي وقت متأخر من ليل الأحد/الاثنين، قال جيفري إن انهيار قيمة العملة السورية كان إلى حد ما نتيجة الإجراءات التي اتخذتها الولايات المتحدة، معتبرا أن هذا الانهيار دليل على أن روسيا وإيران لم تعودا قادرتين على تعويم النظام السوري، وعلى أن النظام نفسه لم يعد قادراً على إدارة سياسة اقتصادية فاعلة.
وتابع أن واشنطن قدمت للأسد طريقة للخروج من هذه الأزمة، "إذا كان الأسد مهتما بشعبه سيقبل العرض ونحن على تواصل مستمر مع الروس ومع اللاعبين البارزين والآخرين ومع المعارضة السورية التي يجب أن تبقى موحدة".
وأضاف جيفري أن قانون "قيصر" يعطينا صلاحية يمكن استخدامها وفقا لما نراه مناسبا لتحقيق سياستنا وسنتخذ إجراءات ضد الأنشطة التي نرى أنها تُبقي الأسد قادرا على معارضة العملية السياسية وتُبقي قواته في الميدان.
وقال: "إذا تم خرق وقف إطلاق النار سنزيد الضغط الاقتصادي والدبلوماسي وسننسق مع الأتراك، بحسب ما قاله الرئيس دونالد ترامب للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، حول طبيعة الدعم الذي نقدمه لهم في إدلب".
ومضى جيفري بقوله: "هدف الولايات المتحدة هو إخراج كل القوات الإيرانية من سوريا، والعقوبات المشمولة بقانون قيصر ستطال أي نشاط اقتصادي بشكل أوتوماتيكي، وأي تعامل بين أي دولة وبين النظام الإيراني، وخرقها ستكون له تبعات على الدول غير الملتزمة".
هل يمهد قانون "قيصر" الأمريكي لإسقاط النظام السوري؟
ما دلالة تعيين بوتين ممثلا خاصا له بسوريا.. "انتداب روسي"؟
حزب بمنصة موسكو يدعو لـ"تغيير جذري شامل" بسوريا.. رسالة روسية؟