أصدرت جماعة "أنصارالله" (
الحوثيون) المدعومة
من إيران، قانونا مثيرا للجدل، ينص على إعطاء
الخمس، أي ما نسبته 20 في المئة من ما
يستخرج من باطن الأرض أو البحر، أو في المنتجات الحيوانية لـ"بني هاشم"،
التي ينتمي لها زعيم الجماعة، وتزعم صلة نسبها بالنبي محمد عليه الصلاة والسلام.
وأثار هذه الإجراء، غضبا عارما في الأوساط السياسية
اليمنية، وعلى منصات التواصل الاجتماعي، حيث اعتبروه "عنصرية ولصوصية ونهب أموال اليمنيين.
"عنصرية
ولصوصية"
واعتبر رئيس مركز "نشوان الحميري" للدارسات
، عادل الأحمدي الإجراء بأنه "سخرية حوثية رسمية من الشعب اليمني بأسره".
وأشار في تصريحات لـ"عربي21" إلى أن هذا
الإجراء "أثبت عنصرية هذه الجماعة وتأويلها المتعسف للدين، وأنها ليست سوى حصادة
أموال وجباية لنهب أموال اليمنيين".
وتابع: "هناك عشرات الطرق التي سلكتها الجماعة
الحوثية لأخذ الأموال سواء بالمجهود الحربي أو احتفالات دينية مثل المولد النبوي، وصولا إلى الخمس"، متسائلا: "ما الذي سيتبقى
للمواطن اليمني البسيط الذي ليس معه شيء؟"
وأوضح الباحث اليمني أن الحوثيين "خنقوا التجارة
والقطاع الخاص والاقتصاد، وضاعفوا الضرائب والجمارك، وخلقوا سعري صرف مختلفين للعملة
الوطنية، فيما الشعب تحت خط الفقر"، لافتا إلى أن هذه الجماعة "تريد أن تأخذ
من هذا الشعب أموالا تخص عائلات معينة هي الأكثر
ثراء داخل الوطن".
"سطو
على الأرزاق"
من جهته، يرى الكاتب والمحلل السياسي اليمني، ياسين
التميمي أن "الخمس" الذي فرضته جماعة الحوثي على اليمنيين الذين يعيشون في
مناطق نفوذها هو واحد من أسوأ المؤشرات على الهوية الحقيقية للمشروع السياسي والأيدولوجي
لما باتت تعرف بحركة "أنصارالله" ومسيرتها القرآنية.
وقال في حديث لـ"عربي21": "لا ينبغي
أن نقر بقانونية مثل هذا الإجراء، لأن الجماعة المسلحة ليست سلطة شرعية وليست مخولة
بإصدار أو فرض قوانين".
وبحسب التميمي فإنه من المؤسف أن هذه الجماعة "تسوق
اليمنيين نحو التاريخ الذي سبق وأن دفنوه في عام 1962، عندما أطاحوا بالنظام الإمامي
الكهنوتي البغيض"، في إشارة منه إلى ثورة 26 أيلول/ سبتمبر 1962الذي أطاحت بنظام
آل حميد الدين، الذي يعد الحوثيون امتداد له.
وأشار السياسي اليمني إلى أن هناك علماء مجتهدين ومجددين
من وزن القاضي محمد بن علي الشوكاني أفاضوا في هذه المسألة وفي عدم وجهاتها الفقهية
والشرعية.
واستطرد: "ينبغي وضع مسعى الحوثيين نحو تقنين
الخمس في سياقه الحقيقي باعتباره ضرب من السطو على أرزاق العباد باسم الدين، ومحاولة
وقحة لتخصيص الدين وجعله امتيازا سلاليا وهو الدين العالمي".
وأكد الكاتب التميمي أن الرسول ما جاء ليكرس السخرة
ويشجع البطالة ويصادر الحقوق، بل شجع على العمل والإنتاج، وقد كان قدوة الناس جميعا
في السعي والعمل بهدف كسب الرزق، بل إنه عمل في التجارة لحساب المرأة التي ستصبح أولى
زوجاته صلى الله عليه وسلم.
"سلالية
مقيتة"
من جانبه، قال مستشار الرئيس اليمني، أحمد بن دغر إن
قانون الخمس "تعبير أكثر وضوحا عن عنصرية سلالية مقيتة".
وتساءل رئيس الوزراء اليمني السابق في تغريدة عبر موقع
"تويتر": "لست أدري كيف سيستقبل دعاة الحقوق والحريات من اليمنيين والغربيين
الذين يدافعون باستماتة عن الحوثيين هذا القانون"، مؤكدا أنه "إن لم يكن
هذا القانون عنصريا فماذا تكون العنصرية".
"استخفاف
باليمنيين"
وفي أول تعليق رسمي من الحكومة المعترف بها دوليا،
قال رئيس الوزراء معين عبد الملك إن القانون الحوثي "سلالي وعنصري".
وكتب عبدالملك عبر "تويتر": "نشر الحوثيون
لما أطلقوا عليه قانون الزكاة القائم على التمييز السلالي والعنصري لا يكشف فقط عمق
إيغال هذه الجماعة في تمزيق نسيج المجتمع ورفضها لقيم المواطنة المتساوية، بل يوضح
أيضا مدى استخفافها بالشعب وبالعالم وبكل فرص ودعوات السلام".
والإثنين، تم تداول قانون الزكاة، الذي أصدرته جماعة
الحوثي، على نطاق واسع، والذي ينص على أنه "يجب الخمس (20 %) في الركاز والمعادن
المستخرجة من باطن الأرض أو البحر من ذهب وفضة وماس ونحاس وعقيق وزمرد، وسمك ولؤلؤ
وعنبر".
كما نص على أنه يجب الخمس في العسل إذا غنم من الشجر
والكهوف.
وبشأن مصارف كل ما سبق، فحدد القانون ستة أسهم، الأول
والثاني، لله ويصرف في مصالح المسلمين، ولرسوله ويتصرف به ولي الأمر.
أما الأسهم الأربعة فتصرف لذوي القربى من بني هاشم،
واليتامى والمساكين وابن السبيل، لعموم المسلمين من فيهم بني هاشم.
ولم يتسن لـ"عربي21" الحصول على تعليق من
قيادات مسؤولة في الجماعة أو من الموالين لها، حول القانون.