نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريرا كشف أن متعافين من كورونا في مصر يتاجرون في بلازما دمهم ضاربا أمثلة على ذلك.
ونقل معد التقرير عمرو إمام، قصة توضح مثالا على ذلك، قائلا: "الوقت بدأ ينفد لأخت زوج سالي الخولي التي هي بحاجة لـ "بلازما النقاهة" للتعافي من فيروس كورونا".
وأضاف في التقرير الذي ترجمته "عربي21": "مر على قريبة الخولي أيام في العناية المركزة في أحد مستشفيات القاهرة واقترح الأخصائيون الذين يقومون على علاجها البلازما كي تتعافى"، والبلازما هي أكثر الأدوات نجاعة في مصر لمعالجة حالات الإصابة الصعبة بفيروس كورونا حتى الآن.
وقالت الخولي، وهي سيدة أعمال في منتصف الأربعينيات من العمر، لموقع ميدل إيست آي: "استخدمت كل طريقة للبحث عن متعافين من مرضى فيروس كورونا يمكنهم التبرع بالدم لنا".
وآخر طريقة تضمنت عرضا بـ40 ألف جنيه مصري (2400 دولار) للحصول على متبرع.
اقرأ أيضا: حياة المصريين في خطر
وهذا العرض ليس عشوائيا، حيث أصبحت "بلازما النقاهة" سلعة عليها طلب كبير في مصر، حيث نجحت المستشفيات في استخدام البلازما من دم مرضى الكورونا بعد 14 يوما من شفائهم لمعالجة مرضى كوفيد-19 الذين هم في حالة حرجة.
ويحتوي دم أولئك الذين تعافوا من المرض الجديد على الأجسام المضادة التي تعرف وتحارب مسببات المرض.
ويقوم الأطباء بفصل البلازما، أحد مكونات الدم، ويعطونها لمرضى الكورونا لمساعدة جهاز المناعة لديهم على رفض مسبب المرض بشكل أكثر فاعلية.
وشفي حتى الآن عدد من المرضى الذين كانوا في حالة حرجة بسبب الإصابة بفيروس كورونا بعد أن تم حقنهم ببلازما دم المتعافين.
وحيث أحس المتعافون من المرض بوجود فرصة، أصبحوا غير مستعدين للتبرع بدمهم مجانا، ويطلبون مقابلا لتبرعهم بالدم، حيث إنهم يضعون سعرا مرتفعا، يصل إلى آلاف الدولارات للوحدة الواحدة من الدم.
وتم إنشاء عشرات صفحات التواصل الاجتماعي لربط من يريدون شراء البلازما مع من يريدون بيعها.
وبعض من يريدون شراء البلازما يتحدثون علنا عن استعدادهم للدفع للمتعافين من فيروس كورونا، ويقومون بتحديد فصيلة الدم وأحيانا المبلغ المالي الذي لديهم استعدادا لأن يدفعوه.
وتحول سوق بلازما الدم الناشئ إلى موضوع نقاش على برامج الحوار في الإعلام المصري وبين عامة الشعب.
أما السلطات الصحية فتنتقد هذا التوجه الجديد.
وقال الدكتور وجدي عبدالمؤمن، مدير قسم أمراض الرئة في وزارة الصحة، لموقع ميدل إيست آي: "المشكلة أننا لا نستطيع إكراه المرضى المتعافين على التبرع بالدم".
ويأتي الاتجار المتزايد ببلازما الدم في مصر في وقت تحاول فيه مصر أن تقلل فرص تفشي الفيروس وتقليل عدد الوفيات وإعادة البلد تدريجيا إلى حالة قريبة من الطبيعية.
وأعلنت الحكومة يوم الأحد أنها ستفتح المطارات في 1 تموز/ يوليو وتبدأ باستقبال السياح في منتجعاتها الساحلية.
ويتلقى الغالبية العظمى من المرضى العلاج في المستشفيات الحكومية مجانا. ولذلك صدم المصريون لدى سماعهم بأن المرضى المتعافين يحاولون التكسب من هذا الوضع.
ووجد موقع ميدل إيست آي صعوبة في إيجاد شخص متعاف يعرض دمه للبيع ومستعد أن يتحدث عن الموضوع.
ويقول بعض الخبراء الاجتماعيين إنه لا شيء يبرر فعلهم. وقال سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسي في الجامعة الأمريكية في القاهرة: "هذا صحيح خاصة بالنسبة للناس الذين يريدون أن يتكسبوا من تعافيهم مع علمهم أن بإمكانهم إنقاذ حياة مرضى آخرين عن طريق التبرع بالدم.. ولا يمكن أن يبرر ذلك بالفقر ولا بالظروف الاقتصادية الصعبة".
وحتى الآن تعافى 11,108 أشخاص من المرض وغادروا المستشفيات، ولكن المثير أنه حتى 10 حزيران/ يونيو قام 45 شخصا منهم فقط بالتبرع بالدم بحسب وزيرة الصحة هالة زايد.
وجعلت قلة الحماسة من جهة المتعافين من فيروس كورونا وتجارة البلازما المتزايدة المؤسسة الدينية تتدخل، وقال الأزهر إن بيع المتعافين من فيروس كورونا لبلازما الدم لا يتماشى مع تعاليم الإسلام.
وقالت الفتوى الصادرة عن مركز الفتاوى الإلكتروني الدولي التابع للأزهر: "إن بيع الشخص المتعافي لبلازما الدم يعتبر استغلالا للجائحة، وهو حرام".
وأضاف البيان الصادر في 8 حزيران/ يونيو إن "جسد الإنسان، بما فيه من لحم ودم هو ملك لله".
اقرأ أيضا: 10 فوائد صحية ستشجعك على التبرع بالدم (تفاعلي)
وانتقد رئيس المركز، أسامة الحديدي، المرضى المتعافين الذين يسعون للتربح من التبرع بدمهم، وقال: "يجب على هؤلاء الناس أن يتذكروا حالهم قبل الشفاء.. ويجب عليهم ألا يستغلوا حاجة الناس الآخرين لدمهم الغني بالأجسام المضادة ويحاولوا التربح منه".
ويقوم أشخاص عاديون بإطلاق حملات لتشجيع المتعافين على التبرع بالدم لإنقاذ الأرواح.
وأطلقت أحد الحملات في محافظة المنيا وسط البلاد. وقال الذين أطلقوا الحملة إنه بالتبرع بدمهم، يمكن للمرضى المتعافين أن يقفوا مع بلدهم في جهودها لاحتواء تفشي فيروس كورونا.
ويستجيب بعض الناس بشكل إيجابي. فقام شاكر الصمدي، الذي يعمل في المبيعات وفي أوائل الخمسينيات من عمره، بالتبرع بالدم بعد أسبوعين من تعافيه من فيروس كورونا قبل شهر. وكان واحدا من 45 شخصا متعافيا تبرعوا بالدم لحد الآن.
وقال الصمدي: "كان المرض مؤلما جدا لي.. ويجب ألا يموت أحد منه ما دام يمكن لأشخاص تعافوا مثلي أن يساعدوا".
ويقوم مرضى متعافون آخرون بفعل نفس الشيء عن طريق نشر أرقامهم على صفحات فيسبوك للتواصل مع أقارب مرضى يبحثون عمن يتبرع لهم بالدم.
وقام بعض الناس بنشر أرقام هواتف لأشخاص يقولون إنهم مستعدون للتبرع بدمهم، ولكن عندما حاولت الخولي الاتصال بهم كانت معظم الأرقام التي اتصلت بها إما لا تعمل أو أن أصحابها نشروها للتسلية.
والمؤسف أن مثل هذه الأفعال تزيد من حالة اليأس بين أقارب المرضى الذين هم بحاجة ماسة إلى التبرعات وتجعلهم أكثر استعدادا للدفع مقابل الحصول على الدم.
وكنتيجة لهذا اضطر أشخاص مثل الخولي أن يلجأوا للإعلان على مواقع الإعلام الاجتماعي عن استعدادهم للدفع للحصول على المتبرعين.
وتوضح الخولي قرارها باللجوء إلى الإعلان بقولها إن أخت زوجها "تموت في المستشفى وهي بحالة ماسة لبلازما النقاهة لتتعافى.. وفي المحصلة لا أحد يمكنه إكراه الناس على التبرع بدمهم".
"ذا أتلانتيك": الشعب الأمريكي أمام عنصرية كورونا والشرطة معا
CNN: ترامب منح ديكتاتوريي العالم صكا على بياض
شبيغل: قطر قوة تتطور وتحقق مكاسب سياسية واقتصادية