"أنت جندي خائن، سنطبق عليك أقصى العقوبات"..
لم تكن هذه رسالة تحذير عسكرية من قائد في الميدان لأحد جنوده المتخاذلين في
مواجهة العدو، وإنما كانت رسالة صوتية وجهها مسؤول في وزارة الصحة المصرية لأحد الأطباء
بعد شكواه من نقص التجهيزات الطبية المتوفرة في مواجهة وباء كورونا.
"تنظيم كورونا"
ليس مزحة عزيزي القارئ، وليس محض سخرية أو استهزاء بفشل هذا النظام، ولكنه للأسف
حقيقة موجعة في زمن كان التكافل والتضامن والتخفيف عن الشعوب هو شعار كل الحكومات
في مواجهة كورونا؛ إلا النظام المصري الحالي بقيادة السيسي، فقد كان شعاره القمع
أولا وثانيا وآخرا.
بداية الأمر جاءت بتعيين
ضباط في الأمن الوطني في اللجنة العليا التي تشرف على مواجهة كورونا في محافظات
مصر المختلفة، ثم بدأ النظام يطلق العنان للعقلية الأمنية في التعامل مع الفيروس
القاتل، فكانت التعليمات الأمنية يعلو صوتها عن أي تعليمات أخرى، وكانت الحلول
البوليسية هي الاستراتيجية الحاكمة لأي قرار سيتم اتخاذه. ووصل الأمر بالتأكيد إلى
النهاية المتوقعة عندما يتولى ضابط في الأمن الوطني إدارة أي شيء داخل الدولة.
بدأ النظام يطلق العنان للعقلية الأمنية في التعامل مع الفيروس القاتل، فكانت التعليمات الأمنية يعلو صوتها عن أي تعليمات أخرى، وكانت الحلول البوليسية هي الاستراتيجية الحاكمة لأي قرار سيتم اتخاذه
العقلية الأمنية تذهب بمصر إلى حافة الهاوية، فما بين "تنظيم كورونا" لقلب نظام الحكم وتنظيم إجراءات تفشي المرض داخل السجون بشكل متعمد، يُغرق النظام المصري نفسه في جرائم متتالية
لا أعلم كيف يفكر السيسي
وحاشيته عند اتخاذ قرار باعتقال طبيب أو طبيبة أو حتى مواطن عادي، في ظل ارتفاع
درجات الحرارة الآن في مصر وتكدس السجون بآلاف المعتقلين داخلها؛ عدد كبير منهم مصابون
بأمراض مزمنة ويعانون من الإهمال الطبي المتعمد، كما تمنعهم مصلحة السجون من العلاج
اللازم والتريض، وهم الأكثر عرضة لخطر الموت بفيرس كورونا داخل محبسهم.
إدارة السجون المصرية
تستخدم ما يعرف بـ"غرف التأديب" كأماكن للعزل، تلك الغرف المعروفة بافتقادها
لمنافذ التهوية والنظافة، ولا تصلح بأي شكل كمكان آمن لعزل المصاب، أضف إلى ذلك التعنت
الشديد في منع الزيارات للأهالي بحجة التباعد الاجتماعي ومنع تفشي كورونا.. إصابة
سجين واحد تعني تفشي الوباء داخل سجن بأكمله، بضباطه وضباط الصف والعساكر إضافة
إلى السجناء.
العقلية الأمنية تذهب بمصر
إلى حافة الهاوية، فما بين "تنظيم كورونا" لقلب نظام الحكم وتنظيم
إجراءات تفشي المرض داخل السجون بشكل متعمد، يُغرق النظام المصري نفسه في جرائم
متتالية تجعله خالدا في الصفحة الأولى من مزابل التاريخ.