قالت صحيفة "التايمز" البريطانية إن دول البلقان أصبحت تلعب دورا مهما في تغذية النزاعات في الشرق الأوسط.
وأوضحت
أن دول أوروبا الشرقية باعت إلى السعودية والأردن والإمارات العربية المتحدة أسلحة
ظهرت في أيدي المقاتلين باليمن وكل أطراف النزاع في سوريا.
وأضافت
أن صربيا والعراق اشتركا في موضوع واحد بعد الإطاحة بكل من سلوبدان ميلوسوفيتش وصدام
حسين وهو "السلاح".
ففي
الوقت الذي كان لدى صربيا تخمة من السلاح الذي يعود إلى مرحلة الحرب الباردة وصناعة
عسكرية غير مستخدمة فإن الحكومة العراقية لم تكن مهيأة لمحاربة تمرد عسكري.
ولهذا
وقعت البلدان في نهاية عام 2007 على صفقة سلاح بقيمة 190 مليون جنيه استرليني لتوفير
البنادق والرشاشات والأسلحة المضادة للدبابات والذخيرة والمتفجرات وغيرها.
اقرأ أيضا: FT: في السعودية تقشف على المواطنين وبذخ على السلاح
وبعد
13 عاما على هذه الصفقة لا تزال تردداتها واضحة حتى اليوم، فأربعون من المتظاهرين الذين
قتلوا في الاحتجاجات ضد الحكومة العراقية في الخريف الماضي ماتوا بعد ضربهم على الرأس
بقنابل الغاز المصنعة في صربيا.
وكشف
تقرير من شبكة البلقان للتحقيق الاستقصائي أن هذه القنابل جزء من الشحنة التي أرسلت
إلى العراق عام 2007. وكانت تلك الصفقة علامة مهمة بمرحلة ما بعد يوغسلافيا في مجال
تصدير السلاح وفتحت الباب أمام صفقات مربحة وعقود بالملايين.
وبحسب تقرير صدر هذا الشهر عن المعهد الجديد تاكتيكس في لندن والذي يدعمه متبرعون خاصون، فقد كانت صفقة القنابل الصربية إلى بغداد جزءا صغيرا من الأسلحة التي تم عقدها مع دول الشرق الأوسط والتي تضخمت على مدى العقد الماضي.
وتم بيع الأسلحة المصنعة في دول يوغسلافيا السابقة
إلى حكومات تضم السعودية والإمارات العربية المتحدة والأردن وظهرت في أيدي المقاتلين
في اليمن وسوريا.
ويقول
إلير كولا، الخبير الأمني الذي يعمل في البلقان: "قضى البلقان العشرين عاما الماضية
ولديه بنى عسكرية. ومع الربيع العربي والمسافة القصيرة بين المنطقتين كان من الواضح
أن تصبح تجارة المعدات العسكرية رائجة".
وأضاف: "والمشكلة هي ابتعاد الولايات المتحدة عن البلقان ومنطقة المتوسط بشكل سمح لقوى
ثالثة بملء الفراغ، وكان ميناء مرسين (جنوب تركيا) مركزا طوال هذه السنوات، وتركت الحروب
في اليمن وسوريا وليبيا تداعيات مهمة على صناعة السلاح في البلقان ودول أوروبا الشرقية".
وتقول
الصحيفة إن السعودية تعتبر أكبر مشتر لسلاح البلقان حيث اشترت أسلحة بـ 750 مليون
جنيه استرليني في الفترة ما بين 2012- 2016.
وتم بيع الرشاش الصربي إلى الرياض عبر تاجر سلاح
بلغاري وانتهى بيد الفرقة 13 في الجيش السوري الحر، والتي حصلت في مرحلة ما على دعم تركيا
والسعودية وقطر.
وتم شراء شحنة أخرى تعود إلى مرحلة يوغسلافيا السابقة
وتشتمل على بنادق قتالية من كرواتيا حيث اشترتها السعودية وتم شحنها إلى الأردن ونقلت
لاحقا إلى الجيش السوري الحر في جنوب سوريا.
كما أن البنادق القتالية الكرواتية التي اشتراها
العراق وصلت إلى يد مقاتلي حزب الله الذي وقف مع بشار الأسد في الحرب.
وتمت مصادرة أسلحة كرواتية من حزب العمال الكردستاني
المحظور وحركة أحرار الشام المتشددة في سوريا.
وفي
الوقت نفسه اشترت الإمارات العربية المتحدة أسلحة بـ 120 مليون جنيه استرليني من البلقان،
واستثمرت في ذات الفترة في صناعة الدفاع الصربية، وعقدت اتفاقيات عام 2016 مع المعهد
الفني العسكري، المعهد البحثي التابع للصناعة العسكرية الصربية وأس دي بي أر جوكوإيمبورت
لتطوير قاذفة صواريخ.
وبحلول عام 2017 كانت الإمارات أكبر متعاقد أجنبي
مع صناعة السلاح الصربية، وظهرت مشترياتها في يد الجماعات الوكيلة لها في اليمن والمقاتلين
في جيش خليفة حفتر الذي تدعمه في ليبيا. كما استثمرت الإمارات بشكل واسع في الزراعة
والنقل والبناء في صربيا.
وحذر
معدو التقرير من زيادة صفقات السلاح مع تلاشي فرص انضمام صربيا إلى الاتحاد الأوروبي
وفشل هذا في فرض قواعده المتعلقة بمنع تصدير السلاح.
وتنص قواعد الاتحاد الأوروبي على مراقبة ثمانية معايير
منها ضرورة مراقبة وجهة السلاح بعيدا عن المشتري الأصلي. وتظل الرقابة غير تامة وبدون
رادع للدول الأعضاء التي تخرق الحظر.
وفي
الوقت الذي رشحت فيه صربيا ومونتينغرو وشمال مقدونيا وألبانيا لعضوية الاتحاد إلا أن
ملفاتها أجلت بسبب انشغال الاتحاد بأزمات أخرى وقضايا مثل خروج بريطانيا أو البريكسيت.
وهو ما قلل من نفوذ بروكسل بالتدخل في تصدير السلاح.
اقرأ أيضا: سلاح أمريكا يستحوذ على صفقات الإمارات.. تعرف على أبرزها
ويعلق إليا روبانيس، المؤلف الرئيسي للتقرير أن "في البلقان، الدول الصغيرة الغنية يمكنها عمل تغيير في مجال الأعمال، ولو كانت هناك دولة تستثمر في صناعة السلاح فلا يتم نقاش أثر هذا على النظام السياسي أو الاقتصاد".
ويضيف: "الاتحاد الأوروبي هو الذي بيده إحداث
تغيير وربما ساهم في زيادة المحاسبة الإقليمية ولكنه لم يقم بذلك".
ويشير إلى أن العضوية في الاتحاد الأوروبي ربما
جلبت مشاكل أخرى. فالأسلحة التي استخدمتها الخلية التي هاجمت المجلة الفرنسية
"شارلي إبيدو" عام 2015، كان مصدرها من كرواتيا الدولة العضو في الاتحاد.
وربما تم شراء الأسلحة من خلال النظام الذي لا تتم مراقبته بشكل كبير وهو الشنغن (تعرفة الدخول للاتحاد الأوروبي).
ومع
ذلك، يحذر الخبراء أنه إن لم يتم إعادة منطقة البلقان إلى الاتحاد الأوروبي فإن صادراتها
من السلاح إلى المناطق الأكثر اشتعالا ستزداد.
ويقول
بيتر ويزمان، الباحث في مركز ستوكهولم لأبحاث السلام العالمي إنه: "من المهم أن
يحذر الاتحاد الأوروبي دول البلقان من المخاطر، وأن تتبادل أجهزة مخابراتها المعلومات
حول أين تصل هذه الأسلحة".
MEE: حكم فرنسي مرتقب بدعوى ضد "رفعت الأسد"
هل ستقرر الانتخابات الأمريكية مستقبل الأسد في سوريا؟
صحيفة: أميرة إماراتية طلبت المساعدة للهرب مصيرها مجهول