يسود حالة من الترقب الشارع السوداني الأربعاء، بعد يوم من احتجاجات شعبية عمت البلاد بذكرى "مليونية 30 يونيو"، راح ضحيتها أحد المتظاهرين بمدينة أم درمان غرب العاصمة الخرطوم، فيما قالت الحكومة الانتقالية إنها فتحت تحقيقا بهذا الشأن.
وأعلنت الحكومة السودانية في وقت متأخر من مساء الثلاثاء، عن فتح تحقيق بمقتل متظاهر وإصابة آخرين، في احتجاجات "مليونية 30 يونيو"، والتي انطلقت بالخرطوم وعدد من الولايات السودانية، فيما انشقت مجموعة من منظمي المظاهرات عن "تجمع المهنيين" السودانيين.
وقال وزير الإعلام السوداني
فيصل محمد صالح في بيان نشره التلفزيون الرسمي، إن "رسالة المتظاهرين وصلت
كاملة، والحكومة عازمة على الاستجابة للمطالب، وتحويلها إلى قرارات تنفيذية بدءا
من الأربعاء"، مضيفا أن "المباحثات مع الحركات المسلحة ستتواصل، لتحقيق
اتفاق السلام، يكون مدخلا للبناء والتنمية".
وأفاد صالح بأن الأجهزة
العدلية فتحت تحقيقا حول مقتل مواطن سوداني بأم درمان غربي العاصمة الخرطوم، خلال
تظاهرات الثلاثاء، وإصابة عدد من المواطنين.
وتخلل المظاهرات، سيطرة فصيل من تجمع المهنيين السودانيين، على الصفحة الرسمية للتجمع بموقع التواصل
الاجتماعي "فيسبوك"، ما أشعل الخلافات مجددا بالتزامن مع "مليونية
30 يونيو".
اقرأ أيضا: قتيل سوداني بإطلاق نار خلال تظاهرات "مليونية 30 يونيو"
وقال فصيل لتجمع المهنيين
السودانيين في بيان صحفي: "يؤسفنا أن ننقل لكم أن صفحة تجمع المهنيين،
الموسومة بالعلامة الزرقاء على الفيسبوك، قد جرى اختطافها منذ الثالثة والربع عصر
الثلاثاء، بواسطة المجموعة المنشقة".
وأضاف البيان: "سنتابع كل الإجراءات الفنية والقانونية لاستعادة الصفحة، وما ينشر عليها لا
يمثل مواقف تجمع المهنيين".
ذريعة الانشقاق
لكن الفصيل الذي سيطر على إدارة
صفحة تجمع المهنيين رد في بيانه قائلا: "قناعة منا أن هذه الصفحة ملك لشعبنا،
وانطلاقا من واقع مسؤوليتنا جميعا بأمن وتأمين مواكب اليوم، رأينا أنه لا بد من استلام
دفة النشر في الصفحة".
وأضاف أن "الصفحة ستظل
مملوكة بشكل كامل لقوى الثورة، ولرفاقنا في الضفة الأخرى ولا نسعى إلى الاستبداد بإدارتها"، بحسب ما ورد في البيان.
وبدأ التجمع مشواره في 2018
بإجراء دراسات حول الأجور في البلاد، ومدى كفايتها لمتطلبات المعيشة، وقدم مذكرات حول
هذه القضية لأجهزة حكومية تنفيذية وتشريعية.
اقرأ أيضا: انقسام بـ"مليونية 30 يونيو" بالسودان واعتقالات بحزب البشير
وتحوّل مع بدء الحراك الشعبي
في 19 كانون الأول/ ديسمبر من العام نفسه، المناهض لنظام الرئيس المعزول عمر البشير،
إلى منصة لإعلان مطالبه وقيادة الجماهير في الشوارع.
ويتكون التجمع من عدة أجسام
مهنية، أبرزها: "لجنة أطباء السودان المركزية"، و"تحالف المحامين الديمقراطيين"،
و"تجمع المهندسين"، و"شبكة الصحفيين"، و"لجنة المعلمين"،
و"اللجنة التمهيدية للبيطريين"، و"لجنة الصيادلة".
وفي 6 حزيران/ يونيو الماضي،
أقر تجمع المهنيين السودانيين، أحد أبرز مكونات الحراك الشعبي ضد الرئيس المعزول، عمر
البشير، بوجود أزمة داخل صفوفه.
وفي وقت سابق، أعلنت لجنة
أطباء السودان مقتل متظاهر ضمن المشاركين باحتجاجات "مليونية 30 يونيو"
بمدينة أم درمان، إثر رصاصة في الصدر.
حصيلة المصابين
وأصدرت اللجنة ذاتها، صباح الأربعاء، بيانا آخرا أعلنت فيه عن إصابة عشرات المتظاهرين بجروح، بينهم أربعة برصاص حي، خلال احتجاجات الثلاثاء بالعاصمة الخرطوم ومدن أخرى.
وقالت اللجنة إن أربعة متظاهرين أصيبوا بالرصاص الحي، إلى جانب "44 إصابة في الرأس متفاوتة الخطورة بعضها بسبب عبوات الغاز المسيل للدموع، وعشرات الإصابات نتيجة للضرب وحالات اختناق عديدة جراء استخدام الغاز المسيل للدموع".
وتابع البيان: "هناك إصابات عديدة متفرقة نتيجة للضرب بالـ(طوب)، نتجت عنها جروح وكدمات سطحية".
وخرجت في 30 حزيران/ يونيو
2019 مظاهرات، مكنت من التوصل إلى اتفاق سياسي في 21 آب/ أغسطس 2019، لإدارة
المرحلة الانتقالية التي تستمر 39 شهرا تنتهي بإجراء انتخابات، ويتقاسم خلالها السلطة
كل من الجيش وتحالف "قوى إعلان الحرية والتغيير"، بجانب حكومة انتقالية.
اقرأ أيضا: حمدوك يتعهد بقرارات حاسمة قبل ساعات من مليونية 30 يونيو
وعزلت قيادة الجيش، في 11 نيسان/
أبريل 2019، البشير (1989- 2019) من الرئاسة تحت وطأة احتجاجات شعبية بدأت أواخر
2018، تنديدا بتردي الأوضاع الاقتصادية.
وكان مقررا الإعلان عن تشكيلة
المجلس التشريعي، في 17 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، وفقا للوثيقة الدستورية الخاصة
بالمرحلة الانتقالية.
وأنهى المجلس العسكري المحلول،
تكليف ولاة الولايات، وكلف قادة الفرق والمناطق العسكرية بتسيير المهام، ثم طلب الولاة
العسكريون، إعفاءهم من مناصبهم، واختيار ولاة مدنيين.
لكن تفاهمات تم التوصل إليها
بين الحكومة السودانية والقوى المسلحة، في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، أدت إلى تأجيل
هذه الخطوة لحين التوصل إلى اتفاق سلام شامل، يضمن مشاركة حاملي السلاح في السلطة.
هتاف المحتجين
وخلال مظاهرات "30
يونيو" تجمع المحتجون ولوحوا بالأعلام السودانية بمدن الخرطوم والخرطوم بحري
وأم درمان، بعدما أغلقت الحكومة الطرق والجسور المؤدية إلى وسط المدينة.
ووقعت احتجاجات مماثلة في كسلا
بشرق البلاد وفي إقليم دارفور المضطرب، وهتف المحتجون "حرية سلام وعدالة"،
وهو شعار الحركة المناهضة للبشير، وسد بعض المحتجين الشوارع بإطارات سيارات مشتعلة.
وللتجمع يوم 30 حزيران/ يونيو رمزية كبيرة، إذ يوافق الذكرى السنوية لوصول البشير إلى الحكم في انقلاب عسكري عام 1989، ويوافق أيضا تاريخ خروج مسيرات بالآلاف العام الماضي للضغط على قادة الجيش الذين تولوا السلطة عقب الإطاحة بالبشير، وذلك بهدف استئناف المفاوضات الخاصة بإبرام اتفاق سلمي لتقاسم السلطة مع المعارضة المدنية.
وتفرض الخرطوم حظرا للتجول يبدأ
من الساعة الثالثة عصرا وحتى السادسة صباحا، كإجراء احترازي لمحاولة احتواء انتشار
فيروس كورونا المستجد، خصوصا مع تسجيل أكثر من تسعة آلاف إصابة بالوباء، بينها أكثر
من 570 وفاة.
قتيل سوداني بإطلاق نار خلال تظاهرات "مليونية 30 يونيو"
انقسام بـ"مليونية 30 يونيو" بالسودان واعتقالات بحزب البشير
جدل محتدم بمفاوضات سد النهضة وتحفظ على ورقة إثيوبية