صحافة دولية

WP: أربعة أسباب تفسر دور "إسرائيل" في تفجيرات إيران

تدمير أجهزة الطرد المركزي في هجمات ستاكسنت عمق الرغبة الإيرانية بتطوير برامج نووية سرية- تويتر

نشرت صحيفة "واشنطن بوست" مقالا لداليا داسا كي، مديرة مركز سياسات الشرق الأوسط بمؤسسة راند، حللت فيه الدور الإسرائيلي بالتفجيرات الإيرانية الأخيرة.


وقالت الكاتبة في تقرير ترجمته "عربي21" إن هناك أربعة أسباب وراء شن "إسرائيل" حربا خفية تقوم بها بطريقة أكثر وضوحا، وقد تترك تداعيات سلبية عليها.

 

وتضيف أن إيران شهدت خلال الأسابيع الماضية سلسلة من التفجيرات غير العادية ضربت عددا من المنشآت الحيوية مثل مركز تخصيب نووي ومصانع وأنابيب غاز، بشكل دعا عددا من الدبلوماسيين والمحللين للتكهن بوجود أصابع إسرائيلية أو أمريكية أو جهات أخرى في الهجمات.


ورغم صعوبة الحصول على معلومات حقيقية من داخل إيران، إلا أن هناك أدلة متناقضة برزت خاصة فيما يتعلق بالهجوم على مواقع مرتبطة بالبرامج الصاروخية والنووية.

 

اقرأ أيضا: حريق في ميناء بوشهر الإيراني يطال سبع سفن (شاهد)

وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" استندت على "مصدر استخباراتي شرق أوسطي" زعم أن "إسرائيل هي التي فجرت المنشأة النووية في نطنز، وفي البناية التي استأنفت فيها إيران نشاطات التخصيب بأجهزة الطرد المركزي المتقدمة". ونشرت صحيفة "ذا تايمز اوف إسرائيل" أن هذا المسؤول ربما كان مدير الموساد يوسي كوهين.


وترى الكاتبة بـ"واشنطن بوست" أن هذه الحوادث تعكس توترا متزايدا وتصعيدا بين إيران والولايات المتحدة و"إسرائيل" ومنذ خروج الرئيس دونالد ترامب من المعاهدة النووية في أيار/مايو 2018.

 

وتضيف أن التوتر المتزايد هي قصة عادية، بما في ذلك الطائرة المسيرة التي قتلت قائد فيلق القدس قاسم سليماني في كانون الثاني/يناير. وردت إيران بضرب قواعد عسكرية في العراق ينتشر فيها الجنود الأمريكيون.

 

ولكن التوتر المتزايد بين إيران و"إسرائيل" غير مفهوم بدرجة كبيرة. ورجحت عدة تقارير أن "إسرائيل وجدت فرصة الآن لضرب مفاعل نطنز، وأنها قد تواصل عمليات التخريب في داخل إيران".

ولعل الدافع لهذا الاعتقاد عدة عوامل، الأول منها: أن إسرائيل ترى الفرصة سانحة في ما تعتقد أنه ضعف إيراني. حيث يعتقد صناع السياسة في "إسرائيل"، على نحو مشابه لإدارة ترامب، أن إيران تعيش حالة ضعف.

 

وبناء على محادثات مع محللين إسرائيليين فإنهم يرون أن "الضعف الإيراني" نابع من سياسة أقصى ضغط التي تمارسها الولايات المتحدة، وآثار فيروس كورونا، بالإضافة لتداعيات التظاهرات العامة التي شهدتها البلاد في الخريف الماضي.

 

ويرى المحللون الأمنيون الإسرائيليون أن عملية قتل سليماني كانت ناجحة، وهم بهذه الحالة يتفقون مع رواية إدارة ترامب أن العملية أعادت سياسة الردع التي تمنع إيران من ضرب الأهداف الأمريكية أو شركائها في المنطقة.

 

ومع أن هذا الحديث جاء في وقت ردت فيه الجماعات الموالية لإيران في العراق بهجمات صاروخية ضد الجنود الأمريكيين وقتلت جنديين أمريكيين وآخر بريطاني.

 

اقرأ أيضا: إسرائيل تتوقع هجوما من الحوثيين ردا على استهداف إيران

وحاولت إيران في نيسان/أبريل شن هجوم إلكتروني ضد البنى التحتية المائية الإسرائيلية. فيما فشلت الولايات المتحدة في الحصول على دعم دولي لتمديد حظر السلاح على إيران الذي سينتهي في تشرين الأول/أكتوبر.

 

ومن وجهة نظر "إسرائيل" فضعف إيران وعزلتها يخلق فرصة لعمليات جديدة. وقال مسؤول دفاعي إسرائيلي بارز إن الإيرانيين ينتظرون نهاية فترة ترامب ويأملون باتفاقية نووية جديدة مع جوزيف بايدن.

 

أما العامل الثاني فهو "عقيدة الأخطبوط" الإسرائيلية. وبناء على هذه العقيدة فيجب ضرب إيران مباشرة، وهذه العقيدة التي دعا إليها وزير الحرب الإسرائيلي السابق نفتالي بينت وتشمل ضرب الإيرانيين في سوريا والعراق وليس الجماعات الوكيلة عن طهران بالمنطقة مثل حزب الله اللبناني.

 

وقد شنت "إسرائيل" وعلى مدى سنين "حملة ما بين الحروب" الهادفة لمنع الإيرانيين من بناء موطئ قدم لهم على الحدو الإسرائيلية مع سوريا. ولكن "إسرائيل" وسعت حملتها لتشمل العراق، وهو ميدان حساس في ضوء الوجود الأمريكي فيه.

 

وما هو مهم هي النزعة الإسرائيلية للاعتراف بوضوح أنها تقف وراء الهجمات بشكل نقل المواجهة من "حرب الظل" إلى "حرب مفتوحة".


ويضاف إلى هذين العاملين عامل ثالث وهو "تاريخ إسرائيل في ضرب المواقع النووية بالمنطقة، ومنع أي دولة من اكتساب القوة النووية". فقد دمرت إسرائيل مفاعل أوزيراك العراقي عام 1981، والمنشأة النووية السورية في الكبار عام 2007، وساعدت كما قيل بشن حرب إلكترونية ضد أجهزة الطرد المركزي الإيرانية عام 2009 حيث تم نشر فيروس ستاكسنت.

 

وحتى لو كانت الهجمات ناجحة فمن غير الواضح أنها حققت مكاسب استراتيجية. وفي بعض الحالات زادت من السباق الإقليمي على التسلح النووي.

 

ووجد العالم السياسي مالفريد بروت- هيغهامر أدلة أرشيفية أن تدمير مفاعل أوزيراك دفعت صدام حسين للبحث عن طرق لبناء القدرة النووية وعلى مدى عقد من الزمان.

 

وتوقفت المحاولات بشكل عملي بعد حرب الخليج 1991 عندما قامت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بإزالة الأسلحة المرتبطة بالبرامج النووية ودمرت المنشآت النووية المعروفة.

 

ورغم تدمير أجهزة الطرد المركزي في هجمات ستاكسنت إلا أنه عمق الرغبة الإيرانية بتطوير برامج نووية سرية. بل واستطاعت تطوير برامجها النووية بطريقة يمكنها من تحويل اليورانيوم إلى أسلحة وبمدى أسابيع، وذلك حسب بعض التقارير.

 

اقرأ أيضا: كاتب إسرائيلي: رهان نتنياهو على إفشال النووي الإيراني "خاسر"
 

والعامل الرابع المهم هو إدارة ترامب التي لا تقوم بالحد من نشاطات "إسرائيل". فهي وإن لم تستبعد عملا عسكريا علنيا ضد إيران ولكنها كما ورد في تقرير "نيويورك تايمز" تقوم بالتنسيق مع "إسرائيل" في العمليات الأخيرة.

 

وفي الحد الأدنى ربما كان لدى "إسرائيل" الضوء الأخضر، في وقت يختفي فيه النقاش داخل المؤسسة العسكرية والسياسية والأمنية حول منافع الخيارات العسكرية ضد إيران كما كان يحدث في الماضي.

 

وبناء على هذه العوامل الأربعة فتورط "إسرائيل" بالهجوم على مفاعل نطنز ليس مستغربا بل وهناك عمليات أخرى قادمة. لكن رهان "إسرائيل" على عدم الرد الإيراني فيه مخاطرة، وفقا للكاتبة.

 

وقالت: "من الصعب السيطرة على التصعيد عندما تكون الأمور ملتهبة، خاصة عندما يضغط المتشددون باتجاه رد انتقامي. وبعمليات كهذه تقوم أمريكا وإسرائيل بدفع إيران نحو تمسك أقوى بالبرنامج النووي ومواجهات إقليمية خطيرة".