استهجن خبراء وسياسيون
مصريون اتجاه حكومة رئيس سلطة الانقلاب، عبد الفتاح السيسي، تحميل المواطنين أزمة
نقص المياه، وفرض عقوبات مغلظة عليهم؛ بدعوى ترشيد الاستهلاك، بحسب تصريحات رسمية.
وتوعدت الحكومة المصرية
بتغليظ العقوبة على المصريين، بزعم الإسراف في استخدام المياه، إلى جانب معاقبتهم
برفع تعريفة استخدام المياه، حيث ارتفع سعر متر المياه خلال السنوات الماضية من
بضعة قروش فقط إلى نحو خمسمئة قرش، مضافا لها رسم الصرف الصحي.
وأقر السيسي أن مصر
دخلت مرحلة الفقر المائي، وقال خلال كلمته في الندوة التثقيفية الـ31 للقوات
المسلحة، في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، إن مصر دخلت مرحلة الفقر المائي وفق
المعدلات العالمية، حيث وصل نصيب الفرد إلى 500 م3 سنويا.
رغم تحمل نظام السيسي
مسؤولية فشل المفاوضات طوال السنوات الماضية، إلا أن رئيس الحكومة المصرية، مصطفى
مدبولي، شدد على ضرورة أن يتم العمل على تغليظ العقوبات على الإسراف في استخدام
المياه.
وقال مدبولي، الأحد،
خلال اجتماع حضره وزراء الري والموارد المائية والإسكان والزراعة، إنه يجب ترشيد
استهلاك المياه؛ بسبب حجم التحديات التي تواجه مصر في قطاع المياه، مؤكدا أن ذلك
"يفرض علينا ضرورة العمل على تحقيق وفر حقيقي في كميات المياه
المستهلكة".
"تزييف الواقع"
وكيل لجنة الزراعة
بمجلس النواب المصري سابقا، عبد الرحمن شكري، رفض ادعاءات الحكومة المصرية، قائلا:
"السيسي هو المسؤول أولا وأخيرا عن نقص المياه؛ من خلال تزييف الواقع، وتعهده
لهم مرارا بأنه لن يضيعهم، وهو أسلوب غير مقبول، إلى جانب توقيعه على وثيقة اتفاق
المبادئ مع إثيوبيا، وإهمال ملف محطات المياه، وإصلاح الشبكات القديمة".
وأوضح
لـ"عربي21": "كان عليه ( السيسي) أن يوجه جزءا من النفقات لإصلاح
شبكات المياه المتهالكة، التي تتسبب في فاقد قدره 30 بالمئة، إضافة إلى وجود
نباتات ضارة بالنيل كورد النيل تلتهم كميات كبيرة من المياه، وهناك نقص كبير في
المياه في عدد من المدن الساحلية والصعيد والمدن والقرى، فأين الإسراف في ظل نقص
المياه؟".
وأشار وكيل لجنة
الزراعة سابقا، إلى أن "حجم الأزمة سيظهر مع تحويل جزء من المياه لعاصمته
الإدارية والقرى السياحية وغيرها، المواطن يدفع تكلفة الفساد والآن الحكومة تريد
أن تحمله المسؤولية التي تتحملها هي ورئيسها السيسي"، معتبرا أن "الحديث
عن ترشيد استهلاك المياه لا قيمة له من دون إصلاح واستبدال الشبكات المتهالكة، لكن
تغليظ العقوبات، ورفع الأسعار، ينافي العدالة".
"لا بديل لنهر النيل"
وانتقد الأكاديمي
المصري، أستاذ العلوم الزراعية عبد التواب بركات، إجراءات حكومة السيسي تجاه
مواطنيها في أزمة نقص المياه، قائلا: "لن تجدي إجراءات الحكومة في ترشيد استهلاك
المياه، والتي تذكرنا بها فقط كلما فشلت جولة من مفاوضات سد النهضة"، مشيرا
إلى أنها "لن تجدي أي نفع في درء أزمة نقص المياه بسبب بدء إثيوبيا ملء
وتشغيل سد النهضة، ولتعلم الحكومة أن نهر النيل ليس له بديل".
وفي حديثه
لـ"عربي21" أعرب عن غضبه من تهديدات الحكومة، وقال: "قبل أن تفكر
الحكومة في رفع أسعار المياه أو تغليظ عقوبة الإسراف في استهلاكها، تخبرنا أولا عن
عقوبة من يفرط أو يضيع مياه النيل بأكملها بتوقيع اتفاق إعلان مبادئ أعطى إثيوبيا
الحق في اقتطاع حصة مصر من مياه النيل، وقد ألزم الدستور الحكومة بالمحافظة على
نهر النيل من الاعتداء عليه".
وحمّل بركات الحكومة
المصرية مسؤولية عدم ترشيد الاستهلاك بالقول: "إن معدل استهلاك مياه الشرب
يصل إلى 11 مليار متر مكعب يضيع نصفها في الشبكات المتهالكة، وإذا وزعت الحكومة
صنابير موفرة فإن نسبة التوفير تكون في حدود 30%، ما يعني توفير مليار ونصف فقط،
هذه المياه كان يعاد استخدامها مع مياه الصرف الصحي في الزراعة مرة أخرى في ما يعرف
بتدوير المياه، وهي من أعلى معدلات التدوير في العالم".
"ازدراء للشعب"
من جهتها
قالت رئيس المجلس الثوري المصري مها عزام إن تصريحات قائد الانقلاب تعكس ذعر
النظام من تراكم القلق الشعبي تجاه كارثة المياه وسد النهضة.
وأضافت في
بيان وصل "عربي21" نسخة منه أن "الحقائق عكس ما يدعيه المنقلب. مصر تعيش في حالة
فقر مائي حسب المعايير الدولية بـ ٥٧٠ متر مكعب للفرد (حد الفقر يعتبر ١٠٠٠ م مكعب
للفرد) وهذا الفقر المائي في تزايد. ففي ظل هذه الحالة كيف وقّع قائد الانقلاب على
اتفاقية سد النهضة الكارثية التي تهدد مستقبل مصر؟ فهذا ليس إلا دليل على حمق
وانعدام كفاءة وخيانة ضد مصلحة الشعب المصر ي ".
ونابعت أن
"من أدلة ازدراء النظام للشعب ولفقره المائي مشروع العاصمة الادارية الجديدة
والتي ستزيد في التفاوت بين الأغلبية الفقيرة مائيا وبين الأقلية لتسحب من المناطق
الزراعية المحيطة حوالي ٦٥٠ ألف متر مكعب من المياه يوميا لضخها في حمامات السباحة
للفيلات والمتنزهات للأثرياء".
وأكدت عزام
أن كل الإجراءات التي ستتخذها السلطات "لا تجدي أمام خطر السد. ناهيك عن خطر ملوحة مياه الدلتا في ٢٠٥٠ بسبب
ارتفاع مياه البحر نتيجة الاحتباس الحراري".
وشددت عزام
أن بقاء مصر يتطلب "إطاحته (السيسي) وكل من شارك في إهدار حقوق الشعب المصري
الأبدية في مياه النيل".
اقرأ أيضا: عباس كامل يبحث "سد النهضة" مع البرهان وحميدتي بالخرطوم
هل تدفع دول غربية لمواجهة "مصرية تركية" في ليبيا؟
إلى أي مدى أحرج هجوم "بئر العبد" السيسي وتفويضه بليبيا؟
ماذا بعد تفويض البرلمان للسيسي بإرسال قوات إلى ليبيا؟