تراقب الولايات المتحدة بحذر التقارب الإيراني الصيني، لا سيما بعد الإعلان عن قرب اتفاق استراتيجي بين الجانبين، بحسب تقرير كتبه محرر الشؤون الدولية ديفيد جاردنر في صحيفة "الفايننشال تايمز"، وترجمته "عربي21".
ومن بين الخطوات التي باتت تتبناها الولايات المتحدة عقب الكشف عن الاتفاق "الإيراني الصيني"، أنها باتت تطلب من أقرب حلفائها العرب "المملكة
العربية السعودية ومصر والإمارات العربية المتحدة والبحرين" التوقف عن محاربة حليفها الآخر في الخليج "قطر".
ومنذ أكثر من ثلاث سنوات تقود السعودية هذه الدول نحو فرض حصار بري وجوي وبحري على الإمارة الصغيرة الغنية بالغاز.
ويوضح جاردنر أن هذا العداء السعودي سببه "الخطوط المفتوحة لقطر على إيران"، في حين أن الدافع الرئيسي لعداء مصر والإمارات
هو "دعم الدوحة لجماعة الإخوان المسلمين، والتحالف مع تركيا".
ويقول: "لقد غضبوا
جميعا من رعاية الأسرة الحاكمة القطرية لقناة الجزيرة، وهي القناة العربية التي
يعتقدون أنها تقوض حكمهم عبر الانتقاد الموجه إليهم".
ويشير إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب دعم في البداية "الحصار على قطر"، مقتنعا بأنه "ضربة قوية ضد الجهاديين". أما الآن فإن المبعوث الأمريكي الخاص لملف إيران برايان هوك يقول لهم (محاصرو قطر) أن عليهم أن يكفوا عن ذلك.
وقال هوك في الدوحة الأحد: "لقد استمر الخلاف لفترة طويلة للغاية، وهو يضر في نهاية المطاف بمصالحنا الإقليمية المشتركة في الاستقرار والازدهار والأمن".
اقرأ أيضا: هكذا سيؤثر اتفاق إيران الاستراتيجي مع الصين على واقعها
ويرجع هذا التغير بالموقف الأمريكي، بحسب الكاتب، إلى أنه بات يلوح في الأفق "التحالف بين إيران والصين"، حتى لو
كانت فقط "الخطوط العريضة" للاتفاق هي ما تم الكشف عنه.
ويعتبر الكاتب أن "الانقسامات في الخليج العربي هي مصدر إلهاء مدمر، عندما تفكر الصين في بناء وجود على شواطئ الخليج الإيرانية، أمام الأسطول الخامس للبحرية الأمريكية، ومقره في البحرين، وأكبر قاعدة جوية أمريكية في منطقة الشرق الأوسط في العديد في قطر".
وينبه إلى أنه "ربما نسي ترامب القاعدة الجوية
التي تستضيفها قطر، عندما حث بشكل عرضي على التحالف السعودي ضد القطريين".
وتناول الكاتب أن الحقائق حول الاتفاق المفترض بين الصين وإيران "قليلة". فبكين تقول القليل، وزعماء إيران "يتجنبون رد فعل عنيف من
القوميين الذين يزعمون أن إيران على وشك أن تصبح دولة عميلة صينية".
ويقول إن
الخطوط العريضة لمسودة الاتفاقية، تتحدث عن شراكة استراتيجية
شاملة (اتفاقية استثمار وأمن لمدة 25 عاما).
وبحسب الاتفاق، من المفترض أن تستثمر الصين في المطارات والموانئ،
والاتصالات والنقل، وحقول النفط والغاز، والبنية التحتية، والخدمات المصرفية، وهي بذلك "تلبي احتياجات إيران الاستثمارية غير الملباة".
في المقابل، ستوفر إيران شحنات ضخمة ومخفضة من النفط الإيران على مدار الفترة لتغطية حاجة الصين من واردات الطاقة التي وصلت إلى 10 ملايين برميل يوميا. وهذا
تقريبا ما تنتجه السعودية، خصم إيران اللدود.
وبدأت المناقشات حول هذه الاتفاقية الاستراتجية (بين إيران والصين) في عام 2016 عندما زار الرئيس الصيني شي
جين بينغ طهران والتقى الزعيم الإيراني علي خامنئي. وجاء ذلك بعد الاتفاق النووي التاريخي الذي وقعته إيران في عام 2015 مع الولايات المتحدة
والقوى الخمس الأخرى: فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة وروسيا والصين.
ونجم عن الاتفاق الشامل مخالفة لبرنامج إيران
النووي، وقلل من تخصيب اليورانيوم تحت إشراف دولي صارم. ومن وجهة نظر الرئيس
الأمريكي آنذاك باراك أوباما، فإن الاتفاق لم يتعامل فقط مع احتمال امتلاك إيران لسلاح نووي، ولكن من خلال إعادة دمج إيران في الاقتصاد العالمي، بما يجلب توازنا جديدا للقوى في الشرق الأوسط، ويجبر إيران والسعودية على الانفتاح على المنطقة.
ووفقا للكاتب، فقد تم طمس هذا الاحتمال بمجيء ترامب، الذي دعا
المملكة العربية السعودية لقيادة حملة لعزل إيران.
وفي عام 2018، انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، وأعاد ترامب فرض عقوبات صارمة على الاقتصاد الإيراني، وهدد بفرض عقوبات على الحلفاء وكذلك الخصوم الذين يتعاملون مع إيران.
اقرأ أيضا: قراءة إسرائيلية متشائمة للاتفاق الجديد بين إيران والصين
بالنسبة لإيران، ستكون صفقة الصين شريان الحياة
للهروب من هذا الخنق لاقتصادها. وبالنسبة للصين، يمكن أن تكون العلاقات الأوثق مع
إيران امتدادا منطقيا لمبادرة "الحزام والطريق" الطموحة، بالإضافة إلى رد على
موقف إدارة ترامب المواجه لبكين.
ورغم ذلك، قد تكون "الشراكة الاستراتيجية"
الإيرانية - الصينية أقل مما تراه العين. يمكن تفسير الجزء النفطي من الشراكة
بسهولة برغبة الصين الشديدة في استيراد النفط الخام. علما أنه لدى بكين صفقات إمداد مماثلة
طويلة الأمد مع روسيا لمدة 25 عاما، والعراق لمدة 20 عاما. الفرق هو أن ترامب
يحاول تقليل صادرات النفط الإيرانية إلى الصفر.
ومع ذلك، كان الخيار الأول لإيران، بعد توقيع الاتفاق النووي عام 2015 هو إنهاء وضعها المنبوذ، والسعي لإعادة بناء الروابط الاقتصادية مع الغرب بدلا من الشرق.
إن تفضيل إيران، الذي خربه ترامب، يمكن أن ينتعش إذا هزمه جو بايدن، منافسه الديمقراطي، في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل (موعد الانتخابات الرئاسية)، وأعاد إحياء الاتفاق النووي مع إيران.
ويقول الكاتب: "قد يتبين أن تحالف طهران مع بكين هو طريقة للإشارة إلى أن لديها خيارات. لا يزال من بينها الرغبة في الحصول على صفقات واستثمارات غربية، على الأرجح".
بزنس إنسايدر: حكومة جونسون تأمل بفوز بايدن لا ترامب
صحيفة إسبانية: إسرائيل تستغل آخر أيام ترامب لحرق إيران
بلومبيرغ: بايدن لن يحيد كثيرا عن سياسات ترامب الخارجية.. لماذا؟