سلطت الصحف
الإسرائيلية الضوء على الانفجار الهائل الذي ضرب
بيروت عصر الثلاثاء، وتسبب بحالة
رعب غير مسبوقة ودمار واسع، إضافة إلى مقتل وإصابة وتشريد مئات آلاف المواطنين.
"هآرتس"..
اشتعال سياسي
وأوضحت صحيفة
"
هآرتس" الإسرائيلية، في مقال نشرته للكاتب تسفي برئيل، أنه بعد نشر
الأفلام القصيرة عن الانفجار الفظيع الذي وقع الثلاثاء في ميناء بيروت، أثيرت
"سلسلة توقعات حول الأسباب والعوامل المسؤولة عن الحدث".
ولفتت إلى أن
"الانفجار ذكّر الكثيرين بسلسلة الانفجارات التي حدثت في
لبنان في
الثمانينيات والانفجار الكبير في 2005 الذي قتل فيه رئيس الحكومة رفيق
الحريري"، منوهة إلى أن "أصابع الاتهام في لبنان وجهت إلى إسرائيل،
ورافقها تفسير يوضح، أن المس بميناء بيروت هو جزء من المعركة التي تشنها إسرائيل
ضد إيران".
وأشارت إلى أن وجود
"علامات استفهام يجب على الجهات الأمنية اللبنانية الإجابة عنها؛ تتعلق
بملكية المخازن التي انفجرت، ونوعية "المواد القابلة للاشتعال"، ولا يقل
أهمية عن ذلك سؤال: هل هناك المزيد من تركيزات مواد كهذه في الميناء والأحياء
السكنية وفي مواقع حساسة أخرى؟ وهذا السؤال، ستكون له تداعيات مهمة، ليس فقط على
طبيعة نشاطات حزب الله، بل أيضا على الصراع السياسي الجاري في لبنان".
وأضافت: "حتى لو
تبين أن الانفجار سببه حادث وليس عملية، فإن حجم الضرر الكبير والعدد المرتفع
للقتلى والمصابين سيطرح أسئلة حادة حول تخزين الذخيرة والصواريخ والوسائل القتالية
والمواد المتفجرة في التجمعات السكانية"، موضحة أن من يعيش في محيط "مخازن
الصواريخ"، يدرك "الخطر الذي يتهدده؛ إن كان بحادثة تتسبب بانفجار أو بضربة
إسرائيلية متعمدة لهذه المواقع".
وقدرت
"هآرتس"، أن "تفكيك هذه المخازن وإبعادها عن التجمعات السكانية،
موضوع حساس سياسيا، والمعنى؛ نزع سلاح "المقاومة اللبنانية" وإبقاء
الدولة خالية من قوة تردع إسرائيل"، مرجحة أن يؤدي الانفجار إلى "تغيير
على الأقل في الخطاب العام المدني، وربما أيضا في أوساط جزء من القيادة
السياسية".
وفي حال كانت التهمة
الرسمية للحكومة اللبنانية، أن الانفجار كان بسبب "إهمال صيانة المخازن
القابلة للانفجار، فهي ستضطر لفحص تهديد مواقع تخزين أخرى"، بحسب الصحيفة
التي نبهت أن
انفجار بيروت يحمل "رسالة صادمة لإيران؛ التي أعلنت قبل شهر عن
نيتها إرسال سفن مساعدة للبنان منها ناقلات نفط، وسفن سيتم تركيب محطات طاقة عليها
توفر الكهرباء لبيروت".
وكشفت الصحيفة عن قلق
إسرائيلي، أن تصبح سفن المساعدات الإيرانية بمثابة "خط تزويد منظم ليس فقط
للنفط والطحين والأدوية، بل أيضا للسلاح والذخيرة وقطع الغيار للصواريخ".
وبناء على ذلك، فإنه "حتى لو أن جزءا من محطات ميناء بيروت كانت قادرة على مواصلة العمل، فالخوف
اللبناني من سيناريو ضرر متعمد، إسرائيلي أو غير ذلك، للسفن الإيرانية سيصبح
ملموسا".
ونبهت أنه إلى
"جانب التداعيات السياسية، فقد تلقت حكومة لبنان ضربة شديدة في قناة التزويد
الأكثر حيوية، والتي من شأنها المس بقدرته على استيراد بضائع ضرورية، وأن يدير
بصورة منظمة حركة الاستيراد والتصدير، حيث يعتبر ميناء بيروت، أحد الموانئ المهمة
والأساسية في الشرق الأوسط الذي تمر عبره بضائع من أوروبا إلى سوريا، العراق،
الأردن ودول الخليج".
وذكرت أن ميناء بيروت،
هو "أحد مصادر الدخل الهامة للدولة، ووقف نشاطه في الفترة التي فيها لبنان
بحاجة لكل دولار، سيساهم في الاشتعال السياسي الذي يهدد استقرار لبنان".
"إسرائيل
اليوم".. ثلاثة حرائق
من جانبها، أوضحت
صحيفة "
إسرائيل اليوم" في مقال للمستشرق الإسرائيلي عوديد غرانوت، أن
الكلمات عجزت عن وصف "شدة الانفجار المدوي الذي هز بيروت كلها، وألسنة النار
الضخمة التي صدرت عن عنبر 12 وسحب الدخان السوداء والبيضاء التي غطت المنطقة
بأسرها".
وأشارت إلى الروايات
العدة التي تحدثت عن سبب الانفجار، وذكرت أنه "بخلاف حالات في الماضي، لم
يسارع حزب الله في توجيه الاتهام لإسرائيل، كما لم يلمح بتخريب مقصود ولم يهدد
بمحاسبة المسؤولين عما حصل"، منوهة أن الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله،
"القلق"، سيحاول "إطفاء ثلاثة حرائق يعد مسؤولا عنها، واحتمالاتها
التدميرية لا تقل عن ما حصل في الميناء".
الحريق الأول؛
"الأزمة المالية في لبنان، على خلفية ضائقة اقتصادية غير مسبوقة جعلت الدولة
مفلسة وعلى شفا الانهيار التام، وكثيرون في لبنان يتهمون حزب الله؛ الشريك في
الحكومة، بالمسؤولية عن الوضع".
والثاني، "يرتبط
بانفجار أصغر بكثير ولكنه فتاك بأضعاف، اغتيل فيه قبل 15 سنة رئيس وزراء لبنان،
رفيق الحريري، بأمر من سوريا وبتنفيذ مباشر من حزب الله"، بحسب الصحيفة.
وأما الحريق الثالث
الذي يهدد لبنان، فـ"يرتبط بالمعادلة التي خلقها نصرالله، والتي تلزمه بالرد
على كل ضربة إسرائيلية تستهدف نشطاء الحزب، حتى لو كانت خارج نطاق لبنان".
ونبهت أن
"نصرالله يرى حشود القوات الاسرائيلية على الحدود، ويفهم أنه في حال ارتكب خطأ، فإن الرد الإسرائيلي قد يشعل حريقا ضخما آخر في لبنان، لا يمكن لأحد في
هذه الدولة البائسة أن يطفئه، والكل هناك سيتهمون حزب الله".