وجه صاعد في المشهد السياسي التونسي، مقرب جدا من الرئيس قيس سعيّد ومن دائرته الضيقة، شغل سابقا موقع مستشار الرئيس للشؤون القانونية في "قصر قرطاج".
كلف بتشكيل حكومة جديدة للبلاد بعد نحو عشرة أيام من قبول استقالة إلياس الفخفاخ الذي لاحقته شبهات "تضارب مصالح".
لم يسبق له أن مارس العمل الحزبي أو انتسب لأي من الأحزاب الموجودة على الساحة، ولم يعقد تحالفات مسبقا مع أي من القوى السياسية المحلية.
هشام المشيشي المولود عام 1974، حاصل على شهادة الأستاذية في القانون من كلية الحقوق والعلوم السياسية من "جامعة تونس المنار"، وكذلك على شهادة الدراسات بالمرحلة العليا لـ"المدرسة الوطنية للإدارة" بتونس، وعلى ماجستير في الإدارة العامة من "المدرسة الوطنية للإدارة بستراسبورغ" بفرنسا.
كان ظهوره لوسائل الإعلام للمرة الأولى حين عين عضوا في لجنة تقصي الحقائق عن الفساد والرشوة بعد الثورة التونسية التي أطاحت بنظام زين العابدين بن علي عام 2011، وعين بعدها رئيسا لديوان وزير النقل، ثم تقلد نفس المنصب في وزارة شؤون المرأة ثم وزارة الشؤون الاجتماعية وبعدها وزارة الصحة. وفيما بعد عين مديرا عاما للوكالة الوطنية للرقابة الصحية والبيئية للمنتجات.
ومع انتقال الرئيس التونسي سعيّد إلى "قصر قرطاج" عينه في منصب مستشار أول لرئيس الجمهورية مكلفا بالشؤون القانونية في شباط/ فبراير الماضي، قبيل تعيينه على رأس وزارة الداخلية في حكومة الفخفاخ المستقيلة التي لم تنجح في الحصول على ثقة الأحزاب والبرلمان.
ولم يرد اسم المشيشي ضمن الأسماء التي عرضتها الأحزاب السياسية والكتل البرلمانية على رئيس الجمهورية الذي "تجاهل" الأسماء المطروحة عليه وليقدم للأحزاب والبرلمان مرشحه "الخاص" الذي يرى أنه الأنسب لقيادة المرحلة.
ويواجه "مرشح الرئيس"، مهمة صعبة تتمثل في حشد أغلبية في برلمان منقسم بعمق، لتمرير تشكيلته خلال شهر واحد فقط. ويشترط، لنيل ثقة البرلمان، الحصول على موافقة الأغلبية المطلقة من الأعضاء، أي 109 أصوات.
وفي حال الفشل يتم حل البرلمان من رئيس الدولة، وبحسب الدستور التونسي، فإنه "إن لم يتم تكوين حكومة خلال أربعة أشهر منذ التكليف الأول فإنه يمكن لرئيس الجمهورية الدعوة لانتخابات تشريعية مبكرة، في أجل أدناه 45 يوما، وأقصاه 90 يوما".
ويرى مراقبون أن افتقار المشيشي للخبرة في المجال الاقتصادي سيصعب على البلاد إمكانية الحصول على مساعدات وقروض مالية من الخارج، خاصة أن الدائنين الخارجيين يشترطون تطبيق إجراءات اقتصادية مؤلمة قبل الموافقة على أي قرض.
ومما يعقد مهمة المشيشي أنه ليس مرشحا لأي من الأحزاب الممثلة في البرلمان وليس من السهل عليه نيل ثقتها عند التصويت على تشكيلته الحكومية المقبلة. ورغم أن "حركة النهضة" لا تتمتع بالأغلبية النيابية لكنها تملك أكبر كتلة في مجلس النواب وبالتالي لا بد لأي تشكيلة حكومية محتملة أن تحظى برضاها.
وأشارت مواقع إعلامية تونسية إلى أن الرئيس التونسي "تعمد" تجنب الأسماء المقترحة خاصة من قبل "النهضة" واعتمد على وجه الخصوص على أسماء تحظى بثقته شخصيا.
فهو على ما يبدو يريد تطبيق المقترحات التي ناقشها في حملته الانتخابية الرئاسية وهي مراجعة النظام السياسي من أجل الذهاب إلى نظام رئاسي لتعزيز صلاحيات الرئيس والحد من تشتت السلطات بين البرلمان والحكومة والرئاسة.
ويقول محللون، إن المشيشي ليس له خلفية اقتصادية بينما تعاني المالية العامة وضعا حرجا للغاية، وتحتاج البلاد لإصلاحات عاجلة يطالب بها المقرضون الدوليون.
الرئيس سعيّد وهو الخبير القانوني يعرف أنه وضع البرلمان والأحزاب في زاوية ضيقة فإما حصول مرشحه ، "القانوني" أيضا، على الثقة وإما الذهاب إلى انتخابات جديدة. وهو خيار لا يحبذه الكثيرون.