ينشط شباب قطاع غزة في إطلاق البالونات الحارقة باتجاه الحقول الصهيونية في جنوب فلسطين المحتلة. وفي كثير من الأحيان تنجح هذه البالونات في الوصول إلى أهدافها وتشعل حرائق تؤدي إلى استنفار قوى الدفاع المدني الصهيوني، وإلى توتير الأوضاع في جنوب فلسطين على المستويين المدني والعسكري.
يشعر الصهاينة بالاستهداف من قبل هذه البالونات وهم يتخوفون من خسائر اقتصادية يمكن أن تلحق بهم، وهم يخشون أيضا تطور الحرائق إلى درجة يمكن أن تهدد فيه المنازل والنفوس. والتوتر يشمل أيضا المستوى العسكري الذي يبقى مستعدا لتنفيذ أوامر السياسيين في الرد وقصف مواقع في قطاع غزة يقولون إنها تابعة للمقاومة الفلسطينية.
وعلى المقلب الفلسطيني، الضربات الصهيونية المضادة متوقعة. الصهاينة يردون عادة على مختلف النشاطات العسكرية وشبه العسكرية التي يمارسها شباب قطاع غزة ضد الاحتلال. أي أن التوتر في قطاع غزة وارد باستمرار على المستويين المدني والعسكري. تأخذ فصائل المقاومة احتياطها تحسبا لغارات جوية صهيونية على قواعد عسكرية ومؤسسات مدنية ومعامل وورش صناعية. ويتحسب الناس عموما من الغارات المتوقعة لأن من عادة الصهاينة قصف مواقع مدنية وهدم منازل المواطنين وتعميق مآسيهم إلى أقصى حد ممكن. وعادة تستنفر فصائل المقاومة تحسبا من هجوم صهيوني واسع قد يؤدي إلى حرب جديدة على القطاع. أي أن معادلة التوتر قائمة لدى الطرفين، والاستنفار العسكري يبقى ضروريا ولو من قبيل الحيطة والحذر.
من السلوك العام لشباب فلسطين في قطاع غزة، نرى أنهم يسأمون الخمول الشبابي الذي ينتهي من خلال المواجهة مع الصهاينة. بين الحين والآخر يبتكر هؤلاء الشباب وسائل وأساليب جديدة في مضايقة الاحتلال والمستوطنين في جنوب فلسطين. ومن السهولة استفزاز الصهاينة من خلال هذه الابتكارات . وعلى الرغم من المعاناة الشديدة التي يعيشها أهلنا في قطاع غزة نتيجة الحصار ونقص الأموال إلا أن الشباب يرون أنفسهم ويحسبون قدراتهم من خلال المواجهات مع الصهاينة. لدى هؤلاء الشباب إصرار مستمر على إبقاء الصهاينة مشغولين في ما يبتدعه أهل غزة.
لكنني أرى أن فصائل المقاومة الفلسطينية ليست معنية بتصعيد الأمور الآن إلى درجة اشتعال حرب واسعة بينها وبين الكيان الصهيوني. الفصائل وأصحاب القرار العسكري في القطاع يحسبون الأثقال التي يتحملها أهل القطاع من ضائقات وآلام وضنك عيش. الفصائل لا تسعى إلى رفع مستوى هموم الناس وآلامهم وأحزانهم على الرغم من الإرادة الصلبة التي يبديها أهل القطاع في مواجهة الاعتداءات الصهيونية، وإصرارهم على المواجهة الندية التي تحول دائما دون تقدم جيش الصهاينة في القطاع.
على الرغم من المعاناة الشديدة التي يعيشها أهلنا في قطاع غزة نتيجة الحصار ونقص الأموال إلا أن الشباب يرون أنفسهم ويحسبون قدراتهم من خلال المواجهات مع الصهاينة. لدى هؤلاء الشباب إصرار مستمر على إبقاء الصهاينة مشغولين فيما يبتدعه أهل غزة.
الصهاينة ليسوا مهتمين أيضا بحرب شاملة ضد قطاع غزة لأن لديهم الكثير مما يشغلهم مثل التهديد الذي يفرضه حزب الله في الشمال، والأوضاع الداخلية اللبنانية، والتطلعات الإيرانية للانتقام. هذا فضلا عن الأوضاع الداخلية الصهيونية المضطربة على المستويين السياسي والشعبي. هم منشغلون بالحكومة واحتمال الذهاب إلى انتخابات رابعة، وبالمظاهرات المستمرة من أجل التخلص من نتنياهو كرئيس للوزراء. كما أنهم يعلمون من تجاربهم الحربية السابقة أن غزة عصية على الجيش الصهيوني على الرغم من إمكاناتها العسكرية المتواضعة. هم يدركون أن نوعية الجندي الفلسطيني تتفوق بأضعاف عن نوعية الجندي الصهيوني. الجندي الصهيوني أخذ يعتاد على التقهقر والهروب، والجندي الفلسطيني مستعد دائما لتلقي الرصاص في صدره وليس في ظهره.
الصهاينة يقصفون جوا مواقع متعددة في قطاع غزة، لكن هذه الغارات ما زالت ضمن الخط الذي لا تشتعل به الحرب. ومن المحتمل أن الصهاينة يريدون إيصال رسالة عسكرية مدمرة لحركة حماس ردا على اختبارها لصواريخ حديثة التصنيع قبل عدة أيام. أطلقت حماس صليات صاروخية باتجاه أهداف في البحر ما استثار الصهاينة وجعلهم يحسبون الحساب للتطور التقني المستمر لدى فصائل المقاومة.
باختصار، الحال في القطاع وحوله سيبقى على ما هو عليه في الوضع الراهن، وتبقى الأمور مرتبطة بشكل كبير في الوضع اللبناني الداخلي وتطورات الوضع الداخلي الصهيوني.
بيت العنكبوت وتطور القدرات الأمنية للمقاومة الفلسطينية
هل أوقفت السلطة الفلسطينية العمل بالاتفاقيات مع الصهاينة؟
تحريف الأمن القومي العربي.. تحطيم أنظمة لشعوبها!