قالت صحيفة
"نيويورك تايمز"؛ إن إصرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، على
إقامة علاقات مع دول الخليج، لم ينجح لأنه أصبح أكثر إقناعا، ولكن لأن دينامية
المنطقة والعالم تغيرت.
وقالت الصحيفة في
تقرير ترجمته "عربي21" إن نتنياهو منذ عام 2009 وهو يخبر الإسرائيليين،
أنه يستطيع إقامة علاقات مع الدول العربية دون الحاجة لإقامة سلام مع الفلسطينيين، وحقق ما يريده يوم الخميس عندما أعلن عن اتفاق للتطبيع مع الإمارات العربية
المتحدة.
وأشارت إلى أن نتنياهو
قام في كل مناسبة سنحت له بمضايقة دول الخليج، ودفعها للخروج من التعاون السري مع
إسرائيل والكشف علنا عن العلاقات. ومرة بعد الأخرى تردد قادتها وطالبوه بحل النزاع
مع الفلسطينيين، ثم بعدها يكون لكل حادث حديث.
وبدا نتنياهو في حديثه
المتواصل عن علاقات مع دول عربية وإسلامية، منفصلا عن الواقع أو حالما، لكن
الإتفاق الذي عقده مع الإمارات كان نتاج تطورات بالمنطقة مثل الربيع العربي، الذي
أعطى دول الخليج صورة من أن الغضب الشعبي بسبب القمع والفساد هما أخطر على
حكمها من أي تداعيات بسبب الفشل في التضامن مع الفلسطينيين.
ولفتت الصحيفة إلى أن الربيع
العربي، غير الحسابات الخليجية عندما وقفت إدارة باراك أوباما متفرجة على سقوط
نظام حسني مبارك في مصر، ورفضت التدخل في سوريا، حتى بعد استخدام السلاح الكيماوي
ضد المدنيين.
أما العامل الأخير، فهو
التأثير الإيراني المتزايد في المنطقة من اليمن إلى العراق ولبنان وسوريا، حيث
بدأت دول الخليج ترى في طهران تهديدا أكبر عليها من إسرائيل، فلم تتردد في
حملتها ضد إيران.
وبحسب ياكوف ميردودر،
مستشار نتنياهو السابق للأمن القومي، فقد كانت دول الخليج تسمع من مصر والأردن حول
فائدة إسرائيل في أمور الأمن القومي. وأدت التغيرات الديمغرافية في دول الخليج
إلى دفع حكوماتها بتأكيد أولويات أخرى، مثل خلق فرص عمل، التي أصبحت أهم من
دعم القضية الفلسطينية، في وقت أعجب قادة دول الخليج بالتقدم الاقتصادي
والتكنولوجي الإسرائيلي.
وقالت الصحيفة؛ إنه لو
ثبت الاتفاق مع الإمارات، فسيكون أول محاولة سلام يعد بها نتنياهو الإسرائيليين مع
دول عربية منذ 11 عاما. ويأمل أن تحذو دول عربية حذو الإمارات.
وفي يوم الجمعة قال
جاريد كوشنر، مستشار وصهر الرئيس دونالد ترامب، إن تطبيع العلاقات مع السعودية بات
"محتوما". وتوقع، يوم السبت، وزير الأمن الإسرائيلي إيلي كوهين أن يقيم
السودان علاقات دبلوماسية كاملة مع إسرائيل بنهاية هذا العام.
اقرأ أيضا: عريقات: اتفاق الإمارات يضع القدس تحت السيادة الاسرائيلية
وأشارت الصحيفة إلى أن
المحللين تساءلوا، فيما إن كانت الدول العربية الـ 19 ستحذو حذو الإمارات، وتفتح
علاقات مع إسرائيل. فيما تزال الشعوب العربية تنظر لإسرائيل كدولة مغتصبة للأراضي
الفلسطينية في الضفة الغربية، وتتعاون مع مصر في فرض حصار ظالم على قطاع غزة.
وورث نتنياهو تقاليد
طويلة من رؤساء الوزراء السابقين، الذين حاولوا عقد اتفاقيات سلام مع الدول
العربية، لكنها كانت كما يقول أوزي أراد، مستشار نتنياهو للشؤون الخارجية في التسعينيات،
تحالفات لتحقيق المنفعة ووقتية. ففي الستينيات من القرن الماضي قام الطيران
الإسرائيلي بإنزال السلاح إلى اليمن لمساعدة السعودية، التي كانت تدعم الملكيين ضد
الثوريين الجمهوريين الذين دعمتهم مصر.
واحتفظت إسرائيل
بعلاقات مع عمان منذ السبعينيات من القرن الماضي. وفي عام 1996 بعد توقيع معاهدة
أوسلو، فتحت إسرائيل بعثات لمتابعة المصالح الدبلوماسية لها في قطر وعمان والمغرب
وتونس.
وأغلقت كلها بعد
الانتفاضة الثانية. ولكن دول الخليج حملت إمكانيات لإسرائيل، أكثر من "السلام
البارد" الذي عقدته مع مصر والأردن اللتين خاضتا حروبا معها. ويقول أراد؛ إن
هذه الدولة لم تكن داعية للحرب في النزاع العربي- الإسرائيلي. و"اتخذت مواقف
لكن لم يسفك دم، وكانت بعيدة، وكانت دول غنية بالنفط تهمها المصالح والفرص
الاقتصادية".
وقالت الصحيفة: "اكتشفت
إسرائيل مع زيادة تنسيقها السري مع العالم العربي، أن الكثير من دوله كانت عملية
ومتعاونة، رغم شجبها العلني لها ودعمها للمبادرة العربية، التي اشترطت حل النزاع
الفلسطيني قبل أي تقدم نحو التطبيع.
وفي مقابلة مع مدير
الموساد مائير داغان قبل وفاته عام 2016 قال؛ إن "هناك تقاطعا كبيرا في
المصالح، وليس صغيرا، بيننا وبين عدد من الدول العربية".
وقاد داغان الموساد ما
بين 2002- 2011 حيث أضاف أن "مصالح معظم هذه الدول الأردن، مصر، السعودية،
إمارات الخليج والمغرب وغيرها لا تتطابق مع مصالح الثوريين الشيعة وحلفائهم في
دمشق، علاوة على الجماعات الشيعية المسلحة. وأكثر ما كانت تخشاه هذه الدول العربية
هو التفكير بإيران نووية، وربما كان خوفها أكثر من إسرائيل".
وقاد هذا التعاون بحسب
الصحيفة، إلى إنجازات عظيمة للمخابرات الإسرائيلية، بما فيها القدرة على مراقبة
وضرب المسلحين في لبنان وسوريا، وتحديد السفارات الإيرانية التي كانت ترسل الناشطين
حول العالم، ونشر المعلومات حول البرنامج النووي الإيراني. وبعد إعادة انتخابه عام
2009 سيطر نتنياهو على الدبلوماسية السرية هذه.
وقال دوري غولد،
الدبلوماسي السابق ومستشار نتنياهو، إن الأخير كان مسحورا بالعالم العربي. وتذكر
غولد كيف اجتمع نتنياهو مع عدد من الصحفيين العرب في عام 1991 حيث "تحدث
إليهم ليس كشخص معاد، ولكن كمن يريد العمل معهم".
وكرئيس للوزراء حاول
نتيناهو الحصول على تعاون وصفقات صغيرة من القادة الذين قابلهم. وفي تحرك مبكر ضغط
الدبلوماسيون الإسرائيليون من أجل فتح مكتب إسرائيلي في مقرات الوكالة الدولية
للطاقة المتجددة، التي اتخذت من أبو ظبي مقرا لها في محاولة من الأخيرة تقوية
وضعها الدولي.
وقالت الصحيفة؛ إنه في
2015 افتتحت إسرائيل مقرا دائما لها، وهي أول بعثة دبلوماسية في الإمارات. وبهذه
الطريقة تم تحقيق الأمر خطوة بعد خطوة، وخلق شبكة كاملة من التعاون". ويقول
المقربون من نتنياهو؛ إن دول الخليج أصبحت تنجذب أكثر لإسرائيل بسبب سحق أوباما
القوات الأمريكية، وقرارات الانسحاب المتعجلة التي أعلنها دونالد ترامب.
وقال مسؤول إسرائيلي: "لم يكن هناك أحد راغبا بحليف ضعيف". وأضاف: "إسرائيل في المنطقة،
ولن نصبح الانعزاليين الجدد أو نتحول نحو آسيا. وهناك تقاطع في المصالح حيث أصبح
أعداء اسرائيل أعداءنا".
لكن اغتيال قائد حماس
في دبي بدون تنبيه المخابرات المحلية، ومحاولة التوبة من خلال بيع الإمارات طائرات
مسيرة، أعادت عمل إسرائيل مع الإمارات للوراء عدة سنوات. لكن هذا لم يوقف حماس
نتنياهو للتوصل إلى اتفاقيات مع دول الخليج.
ولفتت الصحيفة إلى مناسبة
في واشنطن، حث فيها دبلوماسي سعودي إسرائيل لحل النزاع مع الفلسطينيين كي تنتعش
علاقات التعاون. ونقلت عنه: "قلت لا تعطوا مفتاح التغيير للفلسطينيين" و"كان
هذا هو جوهر حديثنا مع دول الخليج لماذا تعطون المفتاح للفلسطينيين؟".
لكن نتنياهو بدأ
بالكشف عن العلاقات السرية. ولسنوات عدة منع الرقيب العسكري الكشف عن علاقات تعاون
إسرائيلية- عربية خشية من أن تؤدي إلى تظاهرات ضد الدول العربية المتعاونة.
وعندما خفف نتنياهو من
الرقابة وبدأ بالحديث، لم تندلع المظاهرات وبدا الرأي العام العربي غير مبال. وتم
تكبير الكثير من التطورات، فقد منحت إسرائيل مصر الدور الرئيسي للتفاوض مع حماس،
للإفراج عن جندي إسرائيلي اختطفته الحركة. كما سمح لموفد قطري بإيصال المال إلى
قطاع غزة.
وأمرت إسرائيل
دبلوماسييها بدعم السعودية في نزاعها مع إيران وحزب الله في لبنان. وقامت إسرائيل
بشن غارات ضد مواقع لتنظيم الدولة في سيناء لمساعدة مصر. وردت السعودية بمنح
الخطوط الهندية من نيودلهي- تل أبيب التحليق فوق أجوائها. وزار نتنياهو عمان وقابل
في شباط/فبراير رئيس المجلس السيادي، وفتح ممرا جويا للخطوط الجوية الإسرائيلية إلى
أمريكا اللاتينية.
وقالت الصحيفة: "بالنسبة
للإمارات، فقد كان السؤال حول كيفية الإعلان عن العلاقات. وفي 2018 التقى نتنياهو
مع يوسف العتيبة، سفير الإمارات في أمريكا بالصدفة بمطعم في واشنطن وتحدثا حول
تحسين العلاقات بين البلدين. وعندما قالت سارة نتنياهو إنها تأمل بزيارة العتيبة
القدس، أجاب إن شاء الله".
وفي العام الماضي تحدث
العتيبة مع كوشنر حول إمكانية فتح علاقات دبلوماسية مع إسرائيل. وقال كوشنر في
مقابلة، "هذا أمر نراه محتوما لو وجدنا الطريق الصحيح لعمله، ونحن
مهتمون". وزاد الزخم عندما وصل الإماراتيون وممثلون عن دولتين عربيتين إلى
البيت الأبيض لمناقشة مؤتمر البحرين الذي رعته أمريكا.
وقالت الصحيفة؛ إن "خطة
الضم التي لوح بها نتنياهو، أعطته شيئا كان يريده أكثر؛ هو التطبيع".
FP: تطبيع الإمارات مع إسرائيل ليس من أجل الفلسطينيين
الإندبندنت: تغيير تاريخي بالشرق الأوسط.. دول تتراجع قوتها
WP: خطط الضم تأجلت لرفض المجتمع الدولي ونصف الإسرائيليين لها