نشر موقع
"ميدل إيست آي" البريطاني، تقريرا تساءل فيه عن المواقف المتذبذبة الصادرة
من السودان حول التطبيع مع إسرائيل، وإن كانت الخرطوم بدأت بالتراجع عن التقارب مع
إسرائيل.
وفي التقرير
الذي أعده مراسله محمد أمين، وترجمته "عربي21"، قال إن التطبيع الذي أعلن الأسبوع الماضي بين
الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل طرح أسئلة حول الدولة العربية التالية التي
ستعلن التطبيع، وقال إن السودان يحكمه الآن تحالف بين المدنيين التكنوقراط
والمسؤولين العسكريين.
وبحسب اتفاق
التشارك في السلطة فسيتم تنظيم الانتخابات بعد 39 شهرا من توقيعه. وفي الوقت الذي
التقى فيه مسؤول سوداني قادة إسرائيليين في شباط/ فبراير الماضي، تعمق الخلاف بين
المكون المدني والعسكري في السلطة، وأظهر عزل المتحدث باسم الخارجية السودانية
والرسائل المتناقضة من فروع الحكومة المختلفة التوتر حول موضوع مثير كالتطبيع.
فبعد 24 ساعة من إعلان الإمارات وإسرائيل صدر عن
الحكومة الانتقالية رسائل داعمة وأخرى رافضة مما يعطي صورة عن غياب الموقف المشترك
داخل المؤسسة الحاكمة. فعندما أثنى حيدر صادق، المتحدث باسم الخارجية السودانية
على الاتفاق في تصريحات نقلها الإعلام أعفي من منصبه.
وأشار إلى أن
الخرطوم وتل أبيب تقيمان علاقات سرية، وقالت الخارجية إنها "دهشت" من
تصريحات صادق وأكدت أن الحكومة لم تناقش إمكانية علاقات دبلوماسية مع إسرائيل. وفي
مكالمة هاتفية مع الموقع قال صادق إنه كان يعبر عن "آرائه الشخصية"
ولكنه تمسك بما قاله عن وجود علاقات سرية بين البلدين، وقال: "ما قلته يعكس
سياسة حكومتنا من التطبيع مع إسرائيل، لأن هناك اتصالات ولقاءات سياسية مفتوحة على
أكبر مستوى في الحكومة".
وناقض مدير الموساد الإسرائيلي، يوسي كوهين
التصريحات السودانية وقال إن حكومته تجري اتصالات مع السودان وأن التطبيع هو
"جزء من أجندة" العلاقات الدبلوماسية، ففي بداية العام الحالي التقى
رئيس المجلس السيادي عبد الفتاح البرهان مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين
نتنياهو في أوغندا وناقشا التطبيع. ونظر للقاء في حينه على أنه محاولة من الخرطوم للحصول على رضى واشنطن لكي ترفع العقوبات الصارمة عن السودان. ويقول أمين إن
التناقض في التعليقات وعزل الدبلوماسي أثار جدلا داخل مؤسسات الحكومة الانتقالية وائتلاف الحرية والتغيير.
اقرأ أيضا: حمدوك يبدي استعداده للاستقالة بعد تجدد الاحتجاجات
ونفى مصدر
مقرب من رئيس الوزراء عبدالله حمدوك أي نية للحكومة للاعتراف والتطبيع مع إسرائيل،
وقال المصدر إن الحكومة قررت تأجيل النقاش حول الموضوع واتخاذ قرار لحين انتخاب
حكومة في انتخابات 2022. كما انقسم الناشطون والمواطنون في السودان بشأن الموضوع.
وقال البعض إن التطبيع قد يؤثر على سيادة البلد، فيما يرى آخرون أن على السودان
البحث عن مصالحه.
وقال الطالب
الجامعي أحمد حسين (24 عاما) إن الحكومة الانتقالية لا تملك الحق في التطبيع مع
إسرائيل وإنه سيؤدي للتخلي عن استقلال وسيادة السودان.
وفي المقابل
قالت لبنى الطاهر (22 عاما) إن السودان "بلد أفريقي" ويجب ألا يهتم
بالقضايا العربية و"علينا النظر بموضوعية للعلاقات مع إسرائيل وفهم ألا دخل
لنا بموضوع فلسطين أو الجامعة العربية. فنحن بلد أفريقي وعلينا الاهتمام بمصالح
بلدنا".
كما انقسم
ائتلاف الحرية والتغيير حول الموضوع، فالأحزاب القومية في السودان مثل حزب الأمة
والحزب الشيوعي رفضا أي خطة للتطبيع فيما قبلت عناصر أخرى من قوى الحرية والتغيير.
وقال القيادي في قوى الحرية والتغيير حيدر الصافي إن التطبيع هو قضية وطنية ويجب
التعامل معها بهدوء وتشاور مع القطاعات الشعبية.
وقال: "أعتقد أن علينا العيش بسلام مع جيراننا بمن فيهم إسرائيل ولكن يجب وضع
الموضوع على طاولة مؤتمر دستوري تشارك فيه غالبية السودانيين".
إلا أن
الأحزاب الإسلامية بما فيها الحزب الحاكم
السابق ترفض خطاب التطبيع وحذرت من أنها ستنظم احتجاجات ضده. وتعتقد الباحثة
الإسرائيلية المتخصصة بشؤون السودان إنبال بن يهودا أن الخرطوم تتعرض لضغوط من
الولايات المتحدة وإسرائيل والإمارات لتطبيع العلاقات.
وقالت:
"يتعرض السودان بالتأكيد لضغوط من هؤلاء اللاعبين الثلاثة والمضي بالتطبيع.
ويمكن النظر لاتفاق إسرائيل والإمارات على أنه تعزيز للمسار الإسرائيلي مع
الخرطوم". وتشير إلى أن التطبيع سيكون طريقا لرفع السودان عن قائمة الدول
الراعية للإرهاب. وقالت إن حكومة البشير حاولت المسار نفسه لرفع العقوبات.
وتابعت:
"في العقد الماضي لاحظنا أن البشير وبعض طاقمه حاولوا الوصول إلى إسرائيل
للتحاور مع أمريكا من أجل رفع العقوبات، ونلاحظ نفس التوجه بهدف حذف السودان من
قائمة الدول الراعية للإرهاب".
ويرى دبلوماسي
أمريكي سابق أن السودان يحاول الوصول إلى واشنطن عبر القنوات الإسرائيلية
والإماراتية. وقال: "يعرف السودان أنه تم الاحتفاء بالإمارات في واشنطن
لعقدها سلاما مع إسرائيل وستنتفع اقتصاديا من علاقتها مع إدارة ترامب".
وقال كاميرون
هدسون الذي عمل في الممثلية الأمريكية بالخرطوم: "يجب على الخرطوم الاعتراف
وهي تقترب من التفاوض على علاقات جيدة مع واشنطن ورفعها عن قائمة الإرهاب أن
علاقات جيدة مع إسرائيل تزيد من فرصها".
ويرى هدسون الزميل في المجلس الأطلنطي أن تراجع
الخرطوم عن مواقفها هو بسبب الخلافات بين الجانبين المدني والعسكري.
وتابع: "التراجع اليوم من وزارة الخارجية
هي محاولة من القادة المدنيين لاستعادة الملف. والأمر ليس مثل شباط/ فبراير حيث قال
وزير الخارجية ورئيس الوزراء إنهما لم يعرفا باللقاء بين البرهان ونتنياهو".
وتقول بن
يهودا إن الخرطوم ربما أطلقت بالون اختبار لفحص درجة القبول الشعبي والإقليمي.
وقالت إن نفي الخرطوم بنوايا التطبيع مربكة. وإن الموقف الحقيقي للخرطوم من
إسرائيل غير واضح للرأي العام.
MEE: سكان القدس المحتلة يشعرون بخيانة الإمارات للأقصى
FT: السعودية هي هدف أمريكا التالي للتطبيع مع إسرائيل
FT: تطبيع الإمارات نكسة للسلام ونصر لنتنياهو