سلطت صحيفة هآرتس العبرية، الضوء على تأثير اتفاق التطبيع بين الإمارات والاحتلال الإسرائيلي، على مصر والأردن، والذي من الممكن أن يتسبب بتآكل مكانة مصر في عهد عبد الفتاح السيسي، الذي يخشى سرقة التاج من قبل ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد.
وأوضحت الصحيفة، في مقال نشرته للكاتب تسفي برئيل، أن موت الشاعر المصري صلاح عبد الصبور عام 1981، "لم يكن صدفة، فعندما كان رئيسا للجنة المنظمة لمعرض الكتاب الذي شاركت فيه إسرائيل، تعرض لانتقاد لاذع بسبب مشاركة إسرائيل، خلافا للموقف الذي تبنته رابطة الكتاب ضد التطبيع".
وفي حفل بمنزله، تقدم منه رسام الكاريكاتير بهجت عثمان وصرخ عليه: "لقد بعت روحك بثمن بخس، يا صلاح"، وبحسب الصحيفة "يبدو أن هذه كانت تهمة كبيرة جدا بالنسبة للشاعر الذي تعرض لنوبة قلبية وتوفي"، منوهة أن جبهة رجال الفكر في مصر، وهي جهة غير حكومية، "واصلت مكافحة العلاقات الثقافية مع إسرائيل، وصاغت أنظمة صارمة ضد أي مظاهر للتطبيع".
وبعد مرور سنوات، ثارت عاصفة أخرى جديدة، بسبب ترجمة أدب باللغة العربية إلى اللغة العبرية وبالعكس، وهو الأمر الذي اعتبر جزءا من التطبيع، وتهديدا "للروح العربية".
اقرأ أيضا : صحيفة إسرائيلية: سندفع ثمنا باهظا لمحاولة تجاوز الفلسطينيين
وأكدت الصحيفة، أن "التطبيع مع الإمارات بالنسبة للمفكرين العرب بشكل عام والمصريين بشكل خاص، لا يشكل فقط سكينا في ظهر الفلسطينيين، بل هي تخريب شديد للنضال الذي منحهم مكانة حراس العتبة والوطنيين الحقيقيين ضد النظام الذي خان الأمة، ووقع على اتفاق السلام مع إسرائيل، وطالما أن الثقافة تتم مقاطعتها- كما قالوا- فإن السلام سيواصل كونه سلاما باردا".
ونوهت أن "الخوف من التطبيع بين إسرائيل والإمارات، يغلفه المفكرون بذرائع سياسية موجهة بالأساس ضد محمد بن زايد، وهم يعبرون عن القلق من سقوطه في شرك زرعته له تل أبيب وواشنطن".
أضرار محتملة
ونقلت "هآرتس"، عن الصحافي الفلسطيني سامي فرحان، تأكيده أن اتفاق التطبيع "سيمس ضمير الشعب الإماراتي وبالسمعة الطيبة للإمارات على اعتبار أنها حامية التضامن العربي، وسيحدث شرخا بسبب هذا الاتفاق بين الجمهور المحلي والحاكم مثلما حدث في مصر بين الرئيس أنور السادات والشعب المصري، كما سيفقد الاتفاق مع إسرائيل أبو ظبي التضامن العربي معها".
وأكدت أن "القلق على سلامة الإمارات، لا يمكن أن يطمس المخاوف السياسية المخيفة التي تقلق بالتحديد الدول التي وقعت على اتفاقات سلام مع إسرائيل مثل مصر والأردن"، مشيرة إلى انتقاد الأمير علي بن الحسين، الأخ غير الشقيق للملك عبد الله، ملك الأردن، لاتفاق التطبيع مع الإمارات، حيث عدد "الأضرار المحتملة التي ستلحق بالأردن بسبب الاتفاق".
وأشارت إلى أن "الأردن يعرف العلاقات الوثيقة بين تل أبيب وأبو ظبي، ولكن لم يتم إشراكه في عملية المفاوضات"، موضحا أن ملك الأردن لم ينتقد الاتفاق، لأن عمان تعتمد اقتصاديا على مساعدات الإمارات، وهناك آلاف الأردنيين الذين يعملون هناك، ولكن مهمة الانتقاد تركها للمتحدثين في الأردن، ومنهم وزير الخارجية أيمن الصفدي، الذي أكد في بيان مشترك مع صائب عريقات، أن الاحتلال أساس النزاع".
ونوهت إلى أنه "لم تكن هناك أي حاجة لتفسيرات أكثر للبيان، لفهم غضب الأردن، الذي يعتبر خطوة الإمارات تجاوزا صارخا للمبادرة العربية، التي تعد بالتطبيع مع إسرائيل فقط مقابل انسحاب كامل من المناطق"، موضحة أن "القلق الرئيسي للأردن، أن تطالب السعودية بحماية الأماكن المقدسة في القدس بدل عمان؛ صاحبة الرعاية كما نص عليها اتفاق السلام".
قلق ابن زايد
وأما بالنسبة لمصر، التي كان زعيم نظامها عبد الفتاح السيسي أول المهنئين لمحمد بن زايد على خطوة التطبيع، وحازت تلك التهنئة على شكر رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، فهي "تعاني من تقلصات في المعدة من نوع مختلف، فهي توأم الإمارات، حيث اعتاد السيسي على التشاور مع ابن زايد في الأمور العسكرية والسياسية، والداخلية أيضا، وهما شريكان في حرب ليبيا إلى جانب الجنرال الانفصالي خليفة حفتر".
ومع ذلك، "فمصر تمسك بملفين حصريين يمنحانها وزنا دوليا متميزا؛ فهي تشكل ركيزة إسرائيل في المواجهة مع حماس، وهي تبني لصالح تل أبيب شبكة العلاقات مع عدد من الدول العربية، تعززت جدا في فترة السيسي، وحولت مصر لحليف في مسألة النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين، كما أن تل أبيب منحت مصر السيسي مساعدات عسكرية، وحصلت أيضا على عناق دافئ من الرئيس الأمريكي ترامب الذي وصف السيسي بأنه الديكتاتور المحبب إليه".
ونقلا عن محللين مصريين، رأت الصحيفة أن "الاتفاق بين إسرائيل والإمارات، من شأنه أن يعمل على تآكل مكانة مصر السياسية، ونقل مركز الاهتمام الإقليمي من القاهرة للخليج، خاصة إذا انضمت دول أخرى في الخليج لهذا الاحتفال".
وأفادت أن "الخوف، أن يصبح ولي عهد ابو ظبي، من الآن الهامس في أذن الإسرائيليين والأمريكيين أيضا، وأن يسرق التاج من السيسي"، منوهة أن "ابن زايد هو المستشار غير الرسمي لترامب في شؤون الشرق الأوسط، ووزنه بالمال أثقل من وزن السيسي، لكن لا يوجد في ذلك ما من شأنه أن يعتم على الأهمية الإقليمية لمصر، التي تعتمد اقتصاديا على الإمارات".
ونبهت إلى أن ولي عهد أو ظبي، "ينتظر بتوتر وقلق نتائج الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، وفي حال فاز جو بايدن، فإن ابن زايد سيفقد مركز قوته في واشنطن، في حين، أن السيسي ورغم قمعه لحقوق الإنسان في مصر، فهو الزعيم المحبب للديمقراطيين".
وبحسب "هآرتس"، "من هنا تأتي أهمية الاتفاق مع إسرائيل في نظر ابن زايد، الذي يعتقد وبحق بأنه سيساعده على بناء تأثيره في الإدارة الأمريكية الجديدة".
كاتب إسرائيلي: التطبيع مع السودان يحقق لنا فائدة "ثلاثية"
هذه أهم أوجه التعاون بين الإمارات وإسرائيل بعد التطبيع
موشيه إلعاد: الإمارات تخطط لعودة دحلان للساحة الفلسطينية