لا أبالغ إن قلت إن اللوبي المناصر للاحتلال في أوروبا سلّم مطمئنا جزءا من مهامه في الحرب على فلسطين والمسلمين - غربيا - لأذرع أبو ظبي الإعلامية، فاستلت سيوفها فتكا بكل ما هُو إسلامي في الدول الغربية، وكانت بالمرصاد لكل ما يُعنى بالإسلام من مساجد أو مؤسسات خيرية.
لم تعد القصة ترجمة عابرة لخبر صدر في الصحافة الغربية حول قضية تمس المسلمين بشكل سلبي، فهذا قد يكون له ما يسوغه صحفيا، ولكن الأمر تعدى ذلك ليصل إلى ملاحقة المؤسسات الإسلامية في الدول الغربية وتتبع ثغراتها وتلفيق الأكاذيب والادعاءات حولها، ولذلك بدلا من الشاهد الواحد؛ عشرة.
والبداية مع مع صحيفة "ذي ناشونال" (thenational.ae) وهي صحيفة إماراتية باللغة الإنجليزية، تقف بالمرصاد ضد الدعاة والعلماء وضد كبريات المؤسسات الخيرية الإسلامية مثل الإغاثة الإسلامية العالمية (Islamic Relief) أو هيومان أبيل أو غيرها؛ حيث تغمز بقناة الشيخ القرضاوي وبتجارب قيادات ناجحة بالعمل الخيري الإسلامي في أوروبا.
وتُتهم الصحيفة بوجود دور لها ولأذرع إماراتية مشابهة ترصد المنشورات القديمة لأعضاء مجالس إدارة المؤسسات الخيرية الإسلامية، حتى لو كانت باللغة العربية، وتترجم ما يمكن أن يحرج أولئك الأشخاص غربيا، خصوصا إذا كانت فيها عبارات تمجيد للمقاومة في فلسطين أو الثورة في سوريا أو رفض الانقلاب في مصر، حتى تتناقل المواقع الإخبارية الغربية ذلك وتثير ضجة حول أولئك الأشخاص، الأمر الذي أتى أكله فعلا بدفع عدد منهم للاستقالة من مواقعهم التطوعية في قيادة تلك المؤسسات الخيرية!
بل وصل الأمر بهم للغمز بقناة المدير السابق لمؤسسة هيومان أبيل الخيرية في بريطانيا، عثمان مقبل، بعد نجاحه بجلب تمويل لعدد من مشروعات منظمته من خلال مؤسسة قطر الخيرية! وكأن هذه تهمة! علما بأن ذلك قد جرى بِمَا يتسق والقوانين البريطانية الصارمة في مراقبة العمل الخيري.
يذكر أن مقبل نجح بمضاعفة حجم التبرعات لهيومان أبيل عدة مرات خلال قيادته لها، ومن إجمالي تبرعات للمؤسسة بنحو خمسة ملايين عام 2012 إلى نحو 60 مليونا عام 2017.
وقد نشرت صحيفة إماراتية منذ أيام تقريرا يحرض السلطات الإسبانية ضد مشاريع بناء مساجد في أسبانيا بتمويل قطري! ليشعر المرء أن الأمر تعدى الخصومة مع الإخوان أو قطر إلى الخصومة مع الدين نفسه.
أذكر سابقا كيف اشترطت أبو ظبي على بعض المؤسسات الخيرية في بريطانيا، والتي كانت تحظى بتمويل محدود منها، أن توقف إعلاناتها وتعاملاتها مع قناة الحوار إن أحبت استمرار ذلك الدعم. وكذلك فعلت الإغاثة الإسلامية ولَم تسلم، ووجدت نفسها بعد فترة على القائمة الإماراتية للمؤسسات الموسومة بالإرهاب!
ولا أدل من التحريض المباشر الذي قام بِه وزير خارجية الإمارات عبد الله بن زايد حين قال: هناك خمسون مليون مسلم في أوروبا والإرهاب يخرج من بينهم!!
وما كتبه من قبل أندرياس كريغ، الأستاذ المساعد المتخصص في دراسات الأمن في جامعة كينغز كوليدج في لندن، في مقال نشره بموقع لوبي لوغ الأمريكي؛ حول تفاصيل الدعم الإماراتي المالي لأحزاب اليمين المتطرف في الغرب، المعروفة بعدائها الشديد لكل ما هُو إسلامي.
نذكر هنا كيف انتشرت قصة تلقي حزب "الجبهة الوطنية" اليميني المتطرف في فرنسا، دعماً مالياً لحملاته الانتخابية بقيمة ثمانية ملايين يورو، من مصدر مشبوه في أبو ظبي.
وإن انتقلنا إلى جنوب آسيا، حيث الخلاف الباكستاني الهندي، نجد وقوف الإمارات مع الهند وتكريمها لرئيس وزرائها العنصري المتطرف، ونقرأ عن اتهامات لأبو ظبي بتمويل الحزب العنصري الحاكم في نيودلهي بنحو 12 مليون يورو!
وأكثر الضربات إيلاما ما فعله عدد من الوسطاء الإماراتيين في شراء عقارات بعض المقدسيين ثم إعادة بيعها للصهاينة!
لا أبالغ إن قلت أن لمحمد بن زايد وفريقه الحاكم في الإمارات المنبطح مؤخرا بشكل علني لدولة الاحتلال في اتفاقية سلام موهوم، ولأذرعه الإعلامية، يد في أي حرب على الإسلام والمسلمين بمعظم دول العالم، بحقد ولؤم يعجز المنطق عن تفسيره، أو الفطرة السليمة لأبناء أمتنا والمنسجمة مع دينهم ومبادئهم؛ عن استيعابه! وعليه فقد غدا واجب فضح شرور أولئك القوم فرض عين لا كفاية، وعزاؤنا أنهم لا يمثلون شعوب بلادهم حتى لو بدا الأمر بسطوتهم وقهرهم ظاهريا كذلك.
هل يمكن إسقاط اتفاق "أبراهام" الإماراتي الصهيوني؟
خيانة التطبيع درجات.. هذه أعلاها
البهجة المزيفة من دسم التحالف مع الصهيوني