الاتفاق على إطلاق عمليات عسكرية مشتركة ضد حزب العمال الكردستاني الانفصالي (PKK) أهم مخرجات الاجتماع السادس لمجلس التعاون التركي ـ الإيراني رفيع المستوى الذي عقد برئاسة زعيمي البلدين التركي رجب طيب أردوغان والإيراني حسن روحاني الثلاثاء الموافق 8 أيلول (سبتمبر) الحالي.
صحيفة (ميدل إيست آي) التي كشفت عن الاتفاق في تقرير للكاتب رجب صويلو أشارت إلى أن التعاون بين البلدين قديم في مجال ملاحقة حزب العمال؛ غير أنها المرة الأولى التي يتم فيها الاعتراف بهذا التعاون ومأسسته من قبل إيران وتركيا من خلال مجلس التعاون التركي ـ الإيراني؛ حقيقة تستحضر تساؤلا حول الدوافع الحقيقية للإعلان التركي ـ الإيراني في هذ التوقيت.
تساؤل تكمن الإجابة عنه بالبحث عن مصادر التهديد المشترك للدولتين الجاراتين تركيا وإيران خلال الأشهر القليلة الماضية؛ فتصاعد الضغوط على طهران بإعلان واشنطن نيتها تجديد العقوبات على إيران ومحاولة شرعنة الموقف الأمريكي بقرار من مجلس الأمن ـ فشلت واشنطن في استصداره في آب (أغسطس) الماضي ـ تزامن مع إعلان واشنطن رفعها الحظر عن بيع السلاح لجمهورية قبرص الرومية.
وفي حين أكد قادة الكيان الإسرائيلي بأن الاتفاق التطبيعي بين تل أبيب وأبو ظبي يستهدف طهران ونفوذها في المنطقة بشكل أساسي عبر إنشاء تحالف لمواجهتها عسكريا وأمنيا؛ شاركت أبو ظبي في مناورات عسكرية مع أثينا في بحر إيجة بداية الشهر الحالي أيلول (سبتمبر) مدعومة بموقف إسرائيلي داعم للجهود اليونانية لمحاصرة أنقرة في المتوسط.
هل تكفي تغريدة من خامنئي لتسريع التعاون التركي ـ الإيراني أم أن الضغوط المتصاعدة على البلدين ستدفعات القوتان الإقليميتان للتعاون بشكل يخلق تكاملا بين البلدين كحد أدنى أو تحالفات وعمليات تموضع جديدة تسير بالتوازي مع عملية التموضع والتحالف والتكامل التي تشهدها العلاقات الروسية الصينية في كثير من الجوانب؟
باريس لم تكن استثناء إذ قادت الجهود الأوروبية لمحاصرة تركيا شرق المتوسط على أمل حرمانها من حقول الغاز بحجة دعم اليونان؛ جهود بلغت حد تعزيز باريس حضورها العسكري شرق المتوسط وإجراء مناورات مشتركة مع اليونان مهدد بفرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على الجمهورية التركية.
لم يقتصر الأمر على شرق المتوسط إذ تعمق الرئيس الفرنسي شرقا في غرب آسيا فزار بغداد؛ ليعلن رفضه للتدخلات الخارجية في العراق؛ تدخلات استثنى نفسه منها بلقائه رئيس إقليم كردستان العراق (نيجيرفان برازاني) الذي سارع بدوره لزياة أنقرة شريكه الاقتصادي والأمني الأهم بعد أن أنهى ماكرون زيارته الإشكالية للإقليم وشملت لبنان والعراق؛ فرسائل ماكرون مزدوجة مست طهران وأنقرة في آن واحد ليأتي الرد بالإعلان التركي ـ الإيراني عن اتفاق مشترك لمواجهة حزب العمال الكردستاني.
الكشف عن الاتفاق حمل العديد من الرسائل للقوى الإقليمية والدولية التي ضاقت أنقرة وطهران ذرعا بها بعد أن ضاعفت جهودها لمحاصرة إيران وتركيا في غرب آسيا وشرق المتوسط؛ رسائل أكد عليها المرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي في تغريدة منشورة على موقع التواصل الاجتماعي تويتر يوم الثلاثاء 8 أيلول (سبتمبر) قال فيها "مع الحفاظ على يقظتها بشأن قضايا هذه المنطقة الحاسمة، يجب على الدول الإسلامية ـ ولا سيما دول غرب آسيا ـ ألا تنسى أبدًا عداء السياسيين والقادة الغربيين ضد الإسلام والمسلمين".
ختاما: تصريح خامنئي تزامن مع انعقاد القمة التركية ـ الإيرانية عبر تقنية الفيديو كونفرنس قدم فيه تشخيصا للتحديات التي تواجهها الدولتان متضمنا دعوة صريحة لكل من أنقرة وطهران الدولتان الإسلاميتان غرب آسيا لمزيد من التعاون بينهما؛ فهل تكفي تغريدة من خامنئي لتسريع التعاون التركي ـ الإيراني أم أن الضغوط المتصاعدة على البلدين ستدفعات القوتان الإقليميتان للتعاون بشكل يخلق تكاملا بين البلدين كحد أدنى أو تحالفات وعمليات تموضع جديدة تسير بالتوازي مع عملية التموضع والتحالف والتكامل التي تشهدها العلاقات الروسية الصينية في كثير من الجوانب؟
hazem ayyad
@hma36