كثيرة هي الأسباب التي تدفع بغالبية أوساط المعارضة السورية إلى تفضيل خسارة المرشح الديمقراطي جو بايدن أمام منافسه الرئيس الحالي دونالد ترامب، في الانتخابات الرئاسية الأمريكية التي ستجري مطلع تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل.
المؤيدون لترامب يشيرون إلى مواقفه
الواضحة من النظام السوري، خصوصا إقراره قانون عقوبات "قيصر" لحماية
المدنيين في سوريا، بعد أن رفض الرئيس الأمريكي السابق الديمقراطي، باراك أوباما،
تمرير مشروع القانون في فترة ولايته، وهي العقوبات التي تعول المعارضة عليها
كثيرا، لدفع الأسد نحو تقديم تنازلات، من بينها احتمالية رحيله عن السلطة.
وقبل "قيصر"، وجهت إدارة
ترامب في العام 2018، ضربات عسكرية -وإن كانت محدودة- ضد أهداف عسكرية للنظام،
كعقاب للأخير على استخدامه السلاح الكيميائي في هجمات الغوطة الشرقية.
ومع احتدام السباق نحو البيت الأبيض،
ومع تواتر الأنباء من أمريكا التي تؤشر إلى حظوظ أكبر لبايدن، تبدو المعارضة
السورية قلقلة للغاية، وهو ما عبّر عنه المحلل السياسي المعارض للنظام السوري سامر
خليوي.
ترامب الأفضل
ويقول خليوي لـ"عربي21" إن
ترامب له مواقف متشددة مع حليف النظام السوري الأقوى، إيران، وظهرت بشكل واضح
بمقتل قائد "فيلق القدس"، قاسم سليماني، المسؤول الأول عن قتل المئات أو
الآلاف من السوريين، بضربات صاروخية أمريكية في بغداد، بداية العام الجاري 2020.
وتابع: "كما ساهم ترامب مؤخرا بدعم الموقف التركي في شمال غرب سوريا بشكل صريح، وأسهم بذلك في منع روسيا والنظام
السوري من اجتياح إدلب، وهذا يدفعنا إلى القول بأنه أفضل من بايدن، الذي ستكون
فترة رئاسته في حال الفوز، امتدادا لفترة حكم أوباما، الذي راوغ في الملف السوري،
ولم يقم بتحركات جدية لحماية الشعب السوري".
اقرأ أيضا: بايدن يتقدم بالاستطلاعات.. لكن هل يتكرر سيناريو 2016؟
واستذكر خليوي، في سياق دفاعه عن
أفضلية ترامب، وصف الأخير لرئيس النظام السوري بشار الأسد بـ"الحيوان"،
مستدركا بقوله: "صحيح أن غالبية مواقف ترامب من الأسد استعراضية، غير أن
مواقفه مختلفة تماما عن مواقف أوباما الديمقراطي، وتحديدا في موضوع استخدام
الأسلحة الكيمائية".
وثمة سبب آخر يدفع بالمحلل المعارض
إلى تفضيل ترامب، يشرحه بقوله: "في حال حصل ترامب على ولاية ثانية، فإن
احتمالية تحركه عسكريا ضد الأسد تكون أقوى؛ لأن الحسابات المتعلقة بالحصول على
ولاية رئاسية ثانية -كما هو حال بايدن- غير موجودة".
ومتفقا مع خليوي، أشار الباحث في الشأن
السوري، أحمد السعيد، إلى موقف بايدن العدائي المسبق لتركيا، وقال
لـ"عربي21": "صحيح أن وعيد بايدن للرئيس التركي رجب طيب أردوغان يأتي في إطار الدعاية الانتخابية، لكنه يعكس موقفا أوليا من تركيا".
وأضاف أن "أي إضعاف للدور
التركي سيشكل خسارة فادحة للمعارضة، خصوصا أن حلفاء الأخيرة باتوا قلة، وتركيا
تعد أقواهم".
بايدن الخيار الأسوأ
وحسب السعيد، فإن ما يجعل بايدن
الخيار الأسوأ للمعارضة السورية هو الخشية من تكرار السياسة القديمة لأوباما في
الملف السوري، موضحا: "في عهد أوباما، سلمت الإدارة الأمريكية الملف السوري
لروسيا، حيث سمحت واشنطن لموسكو، في خريف العام 2015، بالتدخل العسكري المباشر
لإنقاذ الأسد، ومنع سقوطه، وكذلك غضت الطرف عن التمدد الإيراني في سوريا، وغيرها
من دول المنطقة".
وهو ما أكد عليه سامر خليوي، معتبرا
أنه "في الغالب لن يكون بايدن متشددا مع الأسد، خصوصا بعد تعيين بايدن
للمسؤول الأمريكي ستيفن سايمون مستشارا له لشؤون الشرق الأوسط، والأخير له علاقة
جيدة مع الأسد، وزار دمشق في العام 2015 سرا".
اقرأ أيضا: ترامب يستغرب من منح "نوبل" لأوباما.. ويأمل بالحصول عليها
عضو الائتلاف السوري محمد عيسى،
استبعد في حديثه لـ"عربي21" أن يقوم الائتلاف المعارض بإصدار موقف من
المرشحين للرئاسة الأمريكية؛ لأن ذلك ليس شأنا سوريا.
وقال عيسى: "موقفي الشخصي أميل لترامب، فالأخير له مواقف واضحة من إيران حليفة النظام، وكذلك من النظام
السوري، فيما لم يعلن بايدن أي موقف واضح تجاه النظام السوري أو إيران".
بايدن أكثر وضوحا
ومختلفا مع القراءات السابقة، أكد
الباحث في جامعة "جورج واشنطن"، رضوان زيادة، أن إدارة ترامب لم تعتبر
القضية السورية يوما من أولوياتها، وإنما تعاملت معها من زاوية تحديد أو تحجيم
النفوذ الإيراني في المنطقة.
وتابع زيادة في حديثه
لـ"عربي21": "بينما قد يضع بايدن في حال فوزه القضية السورية على
قائمة أولويات الملفات الخارجية لإدارته"، مضيفا أن "لترامب رؤية
انعزالية عن العالم، ولذلك هو أعلن عن عزمه سحب قوات بلاده من سوريا، دون بحث
تأثيرات ذلك القرار".
ورجح أن يكون بايدن أكثر وضوحا تجاه
الملف السوري، وبالتالي قد يعيد ذلك الحياة للمسار السياسي، لإيجاد حل دائم للملف
السوري.
ماذا عن النظام؟
وسائل إعلام النظام السوري تحاول
تصوير الانتخابات الرئاسية الأمريكية على أنها شأن داخلي أمريكي، لكن من الواضح أن
النظام السوري يعتبر بايدن أقل تشددا من الرئيس الحالي ترامب.
وفي هذا الإطار، أكدت مصادر مقربة من
النظام أن دمشق تترقب باهتمام واضح نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية، مشيرة
إلى أن "هناك اعتقادا سائدا في دمشق بأن بايدن سيكون أفضل وألين في تعامله مع
النظام السوري من ترامب، الذي انتهج سياسة عدائية ضد دمشق".
وفي وقت سابق، قالت وسائل إعلام
أمريكية، إن فوز بايدن بالرئاسة الأمريكية سيدفعه إلى محاولة إصلاح نهج الولايات
المتحدة تجاه سوريا، النهج "الفاشل" منذ إدارة الرئيس السابق باراك
أوباما.
ترامب مهتم بولاية "الفضة والقمار".. هل يحرز اختراقا بالانتخابات؟
ندوة "عربي21": ابن سلمان تورط بأمريكا ولوبي الاحتلال لن ينقذه
استطلاعات رأي محسوبة على الجمهوريين تؤكد تفوق بايدن