نشرت مجلة "فورين بوليسي" تقريرا قالت
فيه إن إدارة ترامب احتفلت بعيد ميلاد الأمم المتحدة الخامس والسبعين بتصعيد
حملتها لقتل أحد أهم الاتفاقيات خلال هذا القرن، وهي الاتفاقية النووية مع إيران
عام 2015.
وقالت المجلة في تقرير ترجمته
"عربي21" إن الجهود أحادية الجانب من أمريكا لإعادة فرض العقوبات على
إيران، ذهبت أدراج الرياح حيث أكدت القوى داخل الأمم المتحدة تأييدها للاتفاقية، وقاوم
الأمين العام للأمم المتحدة أنتونيو غوتيريش طلبا من وزير الخارجية الأمريكي، مايك
بومبيو لإعادة فرض العقوبات متعددة الأطراف.
وحث معظم كبار المسؤولين في إدارة ترامب – بمن
فيهم بومبيو ووزير الدفاع مارك إسبر ومستشار الأمن القومي روبرت أوبراين – في
مؤتمر صحفي الدول الأخرى للالتزام بإعلانها يوم الاثنين عن فرض عقوبات الأمم
المتحدة التي كانت موجودة قبل اتفاقية عام 2015 التي تم التوصل إليها مع إيران
بالمفاوضات خلال إدارة أوباما، وأعلنت أمريكا أيضا المزيد من العقوبات أحادية
الجانب على المسؤولين والمؤسسات الإيرانية ذات العلاقة بإنتاج الأسلحة.
ولم يتبع أحد تقريبا أمريكا، ما يبرز آخر فشل
لجهود إدارة ترامب في حشد العالم خلف حملة الضغط الأقصى ضد إيران. فلم يستمع أحد
من الموقعين على اتفاقية عام 2015، بما فيهم بريطانيا وفرنسا وألمانيا والاتحاد
الأوروبي والصين وروسيا، إلى نداء أمريكا
بالعقوبات، مع أن الأخيرة حصلت على تعبير عن الدعم من إسرائيل، كما دعمت دول
الخليج العربية تجديد حظر الأسلحة على إيران.
أما سفيرة ترامب للأمم المتحدة، كيلي كرافت، فتجاهلت هذا الرفض التاريخي. وقالت: "لا نحتاج إلى مشجعين لتأكيد صحة بوصلتنا
الأخلاقية. ولا نجد ارتياحا بناء على الأعداد فقط، وخاصة عندما وجد الأكثرية
أنفسهم في موقع غير مريح يضمن استمرار الإرهاب والفوضى والصراع.. ونرفض أن نكون
أعضاء في ذلك النادي".
وقال بومبيو: "إن البلد المعزولة اليوم هي
ليست الولايات المتحدة ولكنها إيران.. بهذه الأفعال جعلنا الأمر واضحا بأن على كل
دولة عضو في الأمم المتحدة مسؤولية فرض هذه العقوبات، وذلك يشمل بالتأكيد المملكة
المتحدة وفرنسا وألمانيا، ونتوقع بشكل كبير أن تفرض تلك الدول هذه العقوبات".
وقال المسؤولون الأوروبيون إنه ليس لديهم خطط لإعادة فرض العقوبات على إيران.
وتصر إدارة ترامب أنها تملك الحق في إعادة فرض
العقوبات لأنها كانت طرفا في الاتفاقية عام 2015 قبل أن تنسحب منها عام 2018. وأصدر
وزراء خارجية المملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا بيانا قالوا فيه إن ادعاء أمريكا
"لا يمكن أن يحمل مفعولا قانونيا"، لأن الأطراف الحاليين للاتفاقية فقط
هم من يحق لهم تفعيل هذه الآلية.
ويثير هذا المأزق مجموعة من الأسئلة القانونية
والسياسية، التي ليس لها أجوبة بخصوص إمكانية واشنطن أن تفرض من طرف واحد عقوبات
متعددة الأطراف دون التعاون مع القوى في الأمم المتحدة، كما أنها تؤكد مدى ضجر
أقرب حلفاء أمريكا من أحادية إدارة ترامب.
وقال ريتشارد غوان، المسؤول عن شؤون الأمم المتحدة
في مجموعة الأزمات الدولية: "بصراحة هناك مستوى من الضجر من هذه الإدارة في
مجلس الأمن.. فبعد ثلاث سنوات ونصف من تفكيك ترامب للترتيبات متعددة الأطراف فإن هناك
القليل من الثقة تبقت في أمريكا حاليا".
اقرأ أيضا: MEE: "خيانة" الإمارات قد تشعل حربا باردة جديدة مع إيران
وتعمقت الأزمة مع القوى الأوروبية عندما سعت
أمريكا لمنع انتهاء حظر الأمم المتحدة على الأسلحة ضد إيران. وأحد شروط الاتفاقية
النووية لعام 2015 مع إيران هي أن يتم تخفيف الحظر على الأسلحة لإيران هذا العام،
وفي 20 آب/ أغسطس.
وقالت إن بومبيو حاول أن يفعل العقوبات ثانية من خلال رسالة لرئيس مجلس
الأمن ديان تريانسياه دجاني من إندونيسيا بحجة أن إيران تخرق الاتفاقية، ولكن ردت
كل من بريطانيا والصين وفرنسا وألمانيا وروسيا – وكلها أعضاء في مجلس الأمن – بأنه
لا يمكن لأمريكا أن تفعل بند إعادة العقوبات في الاتفاقية كونها لم تعد مشاركة في
الاتفاقية.
وخلال عطلة نهاية الأسبوع أخبر غوتيريش بومبيو،
بأن مكتبه لن يستطيع دعم تلك الجهود لإعادة فرض العقوبات ما لم يتوصل المجلس
المنقسم إلى اتفاق على الموضوع، ولم يفعل: فقد فشل مشروع قرار مجلس الأمن الذي تقدمت
به أمريكا في آب/ أغسطس بهامش كبير حيث امتنع كل حلفاء أمريكا الأوروبيين عن
التصويت وأيدته بلد واحدة هي جمهورية الدومينيكان.
وتحذر إدارة ترامب من أنه دون فرض العقوبات فإن
بإمكان إيران تعزيز برنامجها النووي والعسكري، حتى وإن كان البلد لا يزال تحت نظام
عقوبات صارم من أمريكا والاتحاد الأوروبي. وقالت وكالة الاستخبارات الدفاعية
التابعة للبنتاغون في تقرير لها العام الماضي إن سلاح الطيران الإيراني سيحاول في
الغالب الحصول على مقاتلات من الجيل الرابع من روسيا عندما ينتهي الحظر على بيع
الأسلحة لإيران في شهر تشرين أول/ أكتوبر.
ويرى بعض المسؤولين السابقين أن جهود إدارة
ترامب لتفعيل بند العقوبات كطريقة للقضاء على الاتفاقية النووية قد تضطر إدارة بايدن المحتملة إلى أن تعيد التفاوض على اتفاقية عام 2015 من الصفر.
وقال غاريت بلين، منسق وزارة الخارجية السابق
لتطبيق الاتفاقية النووية مع إيران في إدارة أوباما: "عندما بدأت إدارة ترامب
بالسير في هذا الطريق كان واضحا ما الذي أرادوا فعله.. لقد أرادوا تحطيم ما تبقى
منها، ووجدوا أن بند العقوبات هو السبيل لفعل ذلك".
وأثار جدل الإدارة القانوني لتفعيل بند
العقوبات الانتقاد حتى من الصقور تجاه إيران.
وقال مستشار الأمن القومي السابق جون بولتون في
تغريدة له يوم الاثنين: "محاولة إدارة ترامب الفاشلة في العودة للعقوبات سوف.. تضعف الجهود الأمريكية لإنهاء برنامج الأسلحة النووية الإيراني". وعبر
بولتون عن قلقه من أن بايدن إن فاز في الانتخابات في تشرين ثاني/ نوفمبر، فإنه يمكنه أن
يستخدم إصرار إدارة ترامب على أن تبقى أمريكا طرفا في الاتفاقية ما يجعله يعود إليها
بسهولة.
وكان نائب الرئيس السابق، بايدن، قد كرر
الأسبوع الماضي أنه سوف يعود للاتفاقية مقابل التزام الإيرانيين بحدود برنامجها
النووي. وقال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، متحدثا في فعالية استضافها
مجلس العلاقات الخارجية يوم الاثنين، إن لدى إيران يورانيوم مخصبا "لثلاث
قنابل"، ورفض الالتزام بمفاوضات جديدة إن تم انتخاب بايدن رئيسا لأمريكا.
وقالت المجلة: "ومع ذلك فإن إدارة ترامب
تركت الباب مفتوحا". وقال أوبرايان خلال الإيجاز الصحفي يوم الاثنين:
"إن كانت إيران مستعدة للتخلي عن الإرهاب الاقليمي والحروب بالوكالة ومستعدة
لإنهاء سعيها للحصول على القنبلة الذرية فإنه يمكن لإيران أن تصبح بلدا مزدهرا.. وللأسف
لم يختر النظام هذا السبيل. نأمل في أنه بهذه
العقوبات المجددة سوف يكون هناك بعض الحث لإيران على أن تغير تصرفاتها".
وقال ظريف يوم الاثنين إن إيران "لم تتردد
أبدا في أن تتفاوض"، ولكنها لن تتفاوض على أي شيء أكثر من اتفاقية 2015.
بوليتيكا إكستيريور: ما هو النظام الدولي الذي تريده الصين؟
FA: يمكن لواشنطن الحفاظ على نفوذها بالشرق الأوسط بثمن أقل
FP: اتفاقيات التطبيع تشكل كابوسا استراتيجيا لإيران