وسط حراك دبلوماسي حثيث حول ليبيا، ينعقد الاثنين مؤتمر في برلين هدفه تسريع الجهود لتحقيق وقف إطلاق النار بين طرفي النزاع، والدفع نحو حل سلمي للأزمة القائمة، في ظل تشكيك بجدوى نتائجه، وانعكاساتها على الوضع المتأزم سياسيا وعسكريا في البلاد.
وسيشارك في الاجتماع الذي يعقد عبر الفيديو، كل الدول التي حضرت قمة برلين الأولى التي جرت في كانون الثاني/ يناير الماضي إضافة إلى دول المنطقة، دون مشاركة أطراف النزاع.
وقال نائب مندوب ألمانيا في الأمم المتحدة غونتر سوتر، السبت في تصريح صحفي، إن "المؤتمر المنتظر يأتي في وقت حساس، وسط تسجيل تطورات مشجعة في ليبيا خلال الآونة الأخيرة"، بحسب التلفزيون الألماني "دويتشه فيله".
وأضاف: "نأمل أن نتوصل الاثنين إلى وقف الانتهاكات المتواصلة والصارخة لحظر الأسلحة المفروض على ليبيا منذ عام 2011، وكذلك تعزيز دور الأمم المتحدة بوصفها وسيطا محوريا في الحوار السياسي في ليبيا".
اقرأ أيضا: مؤتمر حول ليبيا بدعوة من برلين.. وتركيز على حظر الأسلحة
ويأتي الاجتماع على هامش الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة، وستطالب ألمانيا بتجديد الالتزامات التي جرى التعهد بها مطلع العام والعمل على تطبيقها، بحسب المصدر نفسه.
والسؤال الذي يطرح نفسه، هلى يسهم المؤتمر في دفع جهود الحل السلمي للأزمة، وهل تلتزم الدول المعنية بوقف إرسال السلاح لأطراف النزاع؟
دفعة قوية
المحلل السياسي الليبي، محمود شوبار بدا متفائلا بمخرجات المؤتمر المتوقعة، واعتبرها "دفعة قوية لإحلال السلام والاستقرار في ليبيا خلال المرحلة القادمة".
وقال شوبار في حديث خاص لـ"عربي21"، إن مؤتمر برلين "يعد أحد ركائز المفاوضات الدولية حول تثبيت وقف إطلاق النار وخروج المقاتلين الأجانب من البلاد، وحظر توريد السلاح، ووقف التدخل الأجنبي".
ورأى أن تبني المؤتمر للركائز المذكورة آنفا، "يمثل وجهة جديدة نحو تهيئة بيئة جيدة لتشكيل حكومة وحدة وطنية تعمل على تحسين الخدمات والبدء في مرحلة البناء من خلال عقد شراكة اقتصادية مع الدول الراغبة في المساهمة في البناء واعادة الاعمار".
لكن الكاتب والمحلل السياسي، عبد الله الكبير قلل من أهمية نتائج المؤتمر، باعتبار أن تدفق السلاح إلى أطراف النزاع الليبي ما زال متواصلا في ظل تضارب مصالح الأطراف الدولية، ما يعرقل حل الأزمة.
وفي حديث خاص لـ"عربي21" رأى الكبير في مؤتمر برلين "محاولة دولية جديدة بدفع أمريكي أكبر هذه المرة من أجل تجديد التزام الدول المنخرطة في النزاع الليبي في ما وقعوا عليه في برلين في يناير الماضي وخاصة وقف توريد السلاح لليبيا".
روسيا مسيطرة
وشدد على أن "أقصى ما يمكن أن يحققه المؤتمر هو تجميد الوضع الليبي إلى حين، فرغم إعلان وزير الخارجية الأمريكي تسخير كل الترسانة الدبلوماسية الأمريكية لحل الأزمة إلا أن روسيا ما زالت مسيطرة على مواقع استراتيجية مهمة في ليبيا ولا أظن أنها ستتخلى عنها بدون ثمن، وبوسعها عرقلة أي خطة للسلام".
اقرأ أيضا: "روح التفاهم" تسود الحوار الجاري بالمغرب بين الليبيين
وحول الدور الفرنسي قال: "فرنسا لا يبدو أنها تخلت عن أهدافها في ليبيا ولعل اللقاءات التي أجراها سفير أمريكا بليبيا مع مسؤولين فرنسيين بارزين كانت من أجل إقناع فرنسا بالخطة الأمريكية للحل في ليبيا وإقناع حليفهم في ليبيا خليفة حفتر بالتخلي عن وهم الحسم العسكري".
لا مؤشرات على انفراجة
وميدانيا، لا يجد الكبير أي "مؤشرات لانفراجة حقيقية قريبة، فالسلاح يتدفق ومرتزقة فاغنر يواصلون تحصين مواقعهم. والخلافات الداخلية سواء في طرابلس أو في الشرق قد تتصاعد في أي وقت".
ونهاية أيلول/ سبتمبر المنصرم، فشلت ألمانيا في تحصيل موافقة روسيا والصين على نشر رئيس لجنة العقوبات بمجلس الأمن جنتر ستر تقريرا دوليا، يفضح أسماء الدول والجهات المنتهكة لقرارات حظر السلاح المفروض على ليبيا.
وفي آذار/ مارس 2011، أصدر مجلس الأمن قراره 1970، وطالب فيه جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بمنع بيع أو توريد الأسلحة وما يتصل بها من أعتدة لليبيا، ورغم تمديد القرار مرات عدة، فقد كشفت تقارير أممية عن خرق الإمارات ومصر وروسيا وفرنسا للقرار.
ويعاني البلد الغني بالنفط صراعا مسلحا، منذ سنوات، فبدعم من دول عربية وغربية، تنازع قوات اللواء المتقاعد، خليفة حفتر الحكومة الليبية، المعترف بها دوليا، على الشرعية والسلطة، ما أسقط قتلى وجرحى بين المدنيين، بجانب دمار مادي هائل.
هل تنجح مهلة الـ90 يوما الدولية لإخراج "المرتزقة" من ليبيا؟
مشاورات ليبية جديدة بالمغرب.. هل يحضرها "عقيلة والمشري"؟
ماذا وراء رفع عقيلة صالح من قائمة العقوبات الأوروبية؟