أخذت تصريحات وزير الداخلية العراقي الأسبق، السياسي باقر الزبيدي، مساحة واسعة في وسائل محلية وعربية، بعد حديثه عن سيناريو يعده حزب البعث العراقي بقيادة عزت الدوري، وبدعم من الولايات المتحدة، للقيام بانقلاب عسكري خلال المرحلة المقبلة.
حديث الزبيدي أثار تساؤلات حول إمكانيات حزب البعث، فيما إذا كان بالفعل اخترق المؤسسة العسكرية العراقية، أم أن التصريحات تحمل أبعادا سياسية؛ لإعادة تخويف الشارع الشيعي من حقبة "البعث"، وتحشيدهم انتخابيا وراء الأحزاب الشيعية التقليدية؟
سيناريو مستبعد
وردا على هذه التساؤلات، قال النائب ناصر هركي، مقرر لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي، لـ"عربي21"، إنه "حتى الآن لم نلمس أي معطيات، وكذلك لم تصلنا معلومات عن وجود سيناريو يعده حزب البعث للقيام بانقلاب عسكري في العراق".
واستبعد هركي حدوث انقلاب في العراق، بالقول: "أنا شخصيا أستبعد كل البعد حدوث مثل هذا الأمر، لأن العراق فيه مصادر قوة متعددة، وليس مثل باقي الدول جيش واحد فقط، ويمكن أن يقوم في يوم من الأيام بانقلاب عسكري".
وفي السياق ذاته، رأى رعد الدهلكي، النائب عن تحالف "القوى العراقية"، في حديث لـ"عربي21"، أنه "بعد عام 2003 وفي ظل الديمقراطية الجديدة، لا يوجد هناك انقلاب عسكري في العراق، لكن من الممكن حدوث انقلاب بارد من خلال صناديق الاقتراع".
أما بخصوص قدرة البعثيين على تنفيذ ذلك، قال الدهلكي إن "17 عاما مدة كافية لانتهاء هذا الحزب وضباطه، لأن من كان منهم عمره 40 عاما في 2003، اليوم اقترب من عتبة الـ60. وإذا كانت هناك حركة بعثية حقيقية، فمن الغريب تخوف حكومة عمرها 17 من هذه التحركات".
وزاد الدهلكي في حديثه، قائلا: "أما على صعيد المؤسسة العسكرية العراقية، فإنه حتى الثوابت عندها تشدد؛ بسبب فرض الإرادات السياسية والتدخلات المباشرة فيها".
اقرأ أيضا: سياسي عراقي يحذر من انقلاب ببلاده.. ما علاقة الدوري والسيسي؟
دعاية انتخابية
"هركي" اعتبر توقيت إطلاق مثل هذه التصريحات تدخل في خانة التسابق الانتخابي، بالقول: "الكل يعرف أنه أثناء مرحلة الانتخابات تبدأ المزايدات السياسية، وتصيح هذه من أولويات عمل جميع الأحزاب الموجودة في الساحة العراقية".
وحدد رئيس الحكومة العراقية، مصطفى الكاظمي، يوم السادس من حزيران/ يونيو من العام المقبل 2021 موعدا لإجراء الانتخابات العامة البرلمانية المبكرة في العراق، بحضور مراقبين دوليين.
من جهته، قال الدهلكي لـ"عربي21" إن "السياسيين الذين مسكوا السلطة بعد عام 2003، لم يقدموا شيئا للشارع العراقي بمختلف مكوناته طيلة 17 عاما، ففي بداية الأمر كان السنة ناقمين على الحكومة لأسباب كثيرة، ثم تململ الأكراد بسبب عدم الوفاء بالوعود، واليوم الشارع الشيعي هو من ينقم عليهم".
وتابع: "لذلك ليس لديهم ما يروجون له في السباق الانتخابي المقبل سوى موضوع حزب البعث، لذلك أعتقد أن الزبيدي يتكلم من نسج الخيال، ويعمل على دعاية انتخابية سابقة لأوانها؛ لعدم وجود إنجازات حقيقية تدعم هذا الحزب أو ذاك".
ولفت النائب إلى أن "الزبيدي يعتقد أنه يحشد الشارع الشيعي لانتخاب الأحزاب الشيعية التقليدية، لكن شارع الشيعة اليوم هو من كشف عدم قدرة هذه الأحزاب على إدارة السلطة منذ عام 2003، ويعلم أيضا أنها لم تقدم له شيئا سوى التحدث عن المؤامرات والانقلابات".
وحتى وقت كتابة هذا التقرير، لم يصدر أي تصريح رسمي من الحكومة العراقية يؤكد أو ينفي وجود مخطط يقوده "حزب البعث" بقيادة الدوري للقيام بانقلاب عسكري في العراق.
"دعم غربي"
وزعم القيادي في "المجلس الأعلى الإسلامي العراقي"، في مقال نشره على صفحته على "فيسبوك" بعنوان "الانقلاب العسكري القادم في العراق"، أن "المؤتمرات التي عقدها حزب البعث المنحل في أمريكا ودول غربية أخرى هي نواة ما يجري الآن من حراك يقوده الجناح العسكري للحزب".
واتهم الزبيدي شخصيات قال إنها "محسوبة على العملية السياسية بعد الغزو الأمريكي للبلاد عام 2003 وهربت من العراق، وبعثيين مقيمين في كردستان العراق ودول غربية للتحشيد لهذه المؤتمرات"، مشيرا إلى أنها "انتهت بقرار تفويض الجناح العسكري للبعث بعد أن فشل مشروع الحزب السياسي".
اقرأ أيضا: خبراء: سيناريو خطير ينتظر العراق بمغادرة البعثات الدبلوماسية
ولفت وزير الداخلية الأسبق إلى أن "الدوري -الذي قال إنه يقود مقاتلين تابعين للطريقة النقشبندية- يحضر للانقلاب بالتنسيق مع ضباط سابقين من نظام صدام حسين".
وذكر أن دولتين إقليميتين (لم يسمهما) "تختلفان بشدة حول دعم هذا المشروع، رغم أن الكثير من التحركات البعثية كانت تجري على أراضيهما، مشيرا إلى أنه سيكشف في وقت لاحق عن هذا المشروع الانقلابي".
وفي منشور ثان نشره الزبيدي، الاثنين، قال فيه إن "بعض القوى تسعى لإحياء (تحالف البعث وداعش) من أجل تكوين نواة الانقلاب العسكري، وسط انشغال الحكومة العراقية بأزمة كورونا، والأزمة الاقتصادية الخانقة، ومعضلة الانتخابات، مع تراجع لدور الأحزاب السياسية وتأثيرها في صنع القرار".
وادعى أن الخطة التي وضعها ضباط بعثيون في دولة أوربية "تستند إلى إيصال البلاد إلى حافة الانفجار، والوصول إلى السلطة في غفلة من الزمن، كما حدث في الانقلابات البعثية الدموية السابقة، مستندين إلى غضب الشارع من الفساد المستشري، وضياع الدولة، وتداخل الصلاحيات، الذي تسبب لغاية اللحظة في إحياء بؤر الإرهاب في مناطق عديدة".
لماذا عجزت "مينسك" عن حل نزاع قره باغ طيلة 28 عاما؟
ما الرسائل التي حملتها الهجمات الصاروخية على أربيل؟
خبراء: سيناريو خطير ينتظر العراق بمغادرة البعثات الدبلوماسية