لأول مرة في تاريخ الحياة الصحفية
المصرية تقوم
قوات الأمن بحبس العديد من الصحفيات والمدونات المصريات على خلفية عملهن
الصحفي.
كانت آخرهن الصحفية بسمة مصطفى، التي قررت
نيابة أمن الدولة العليا، الأحد، حبسها 15 يوماً على ذمة التحقيقات، غداة اختفائها
أثناء تغطيتها الاضطرابات التي شهدتها قرية العوامية بالأقصر، قبل أن يأمر النائب
العام لاحقا، بإخلاء سبيلها واستئنافِ التحقيقات في الواقعة.
ونشرت مصطفى مؤخرا بموقع "المنصة"
تقارير صحفية عن قضية "فيرمونت"، ومقتل "إسلام الأسترالي" في
قسم شرطة المنيب، وغيرها من التحقيقات والتقارير الصحفية.
وتحتل مصر المركز رقم 166 عالميًا، في التصنيف
العالمي لحرية الصحافة الذي تصدره منظمة مراسلون بلا حدود والذي يضم 180 دولة.
أرقام وإحصاءات
ولم يتسن لمراسل "عربي21" الوقوف على
أي أرقام من نقابة
الصحفيين بعد أن رفض أكثر من عضو في النقابة التعليق، لكن
المرصد العربي لحرية الإعلام (مستقل) نشر في تقرير له قائمة الصحفيين والإعلاميين
السجناء حتى نهاية سبتمبر 2020 وبلغ عددهم 78 صحفيا وصحفية من بينهن 6 صحفيات.
وبعد إخلاء سبيل الصحفية بسمة مصطفى مع استمرار
التحقيقات، لا تزال صحفيات ومدونات قيد الحبس، مثل؛ شيماء سامي، الصحفية بالشبكة
العربية لمعلومات حقوق الإنسان سابقا، وسلافة مجدي، الفائزة بجائزة الشجاعة
الصحافية الدولية لسنة 2020، وإسراء عبد الفتاح الصحفية بموقع التحرير، وسناء عبد
الفتاح، ناشطة ومدونة، علياء عواد بشبكة رصد، نجلاء محمد، بمركز الأهرام للدراسات،
ومي مجدي، صحفية حرة.
وفي آيار/ مايو الماضي، كشفت الشبكة العربية
لمعلومات حقوق الإنسان (غير حكومية) أن السلطات المصرية ألقت القبض على 11 صحفية
وصحفيا في الفترة ما بين آذار/ مارس وأيار/ مايو الماضيين، في زمن جائحة كورونا.
تجاوز الخطوط الحمراء
وانتقدت الأكاديمية المصرية، الدكتورة ليلى
سويف، والدة الناشطة والمدونة، سناء سيف، الهجمة غير المسبوقة على الفتيات سواء
العاملات في مجال حقوق الإنسان أو الصحافة والتدوين، قائلة: "علينا أن نوجه
للسلطات المصرية سؤالا مفاده لماذا تم القبض على الفتيات والسيدات لمجرد كتابة كلمتين
أو العمل الصحفي من المنزل؟".
وأضافت في حديثها لـ"عربي21":
"هناك أشياء عجيبة تحدث يجد المرء صعوبة في فهمها، وعلينا أن لا نبحث عن
تفسير لأنها لا تخضع للمنطق، كل من يكتب جملة للتنفيس عن
نفسه أو الحديث عن مشكلته سواء صحفي أو غير صحفي يواجه متاعب".
وأشارت إلى أنه "تم كسر الخطوط الحمراء
كلها، كانت هناك في ما مضى مثل تلك الخطوط لكنها الآن باتت من الماضي ولا يعتد بها،
ولذلك يجب فهم أننا أمام وضع صعب، فالأمور تغيرت بشكل كبير عن ذي قبل لأسباب
يعلمها الجميع".
لا فرق بين صحفي وصحفية
واعتبر وكيل لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشورى
المصري سابقا، الدكتور عز الكومي، أن "الصحافة في مصر شهدت خلال السنوات
الماضية انتكاسة، والحقيقة أن النظام لا يفرق بين صحفي وصحفية فالجميع مستهدف طالما
كان يسعى لتقديم الحقيقة، وهو دليل على هشاشة النظام".
وأوضح في حديثه لـ"عربي21":
"قرأنا كيف أحيل المتحدث العسكري المصري السابق العميد محمد سمير إلى النيابة
العامة بسبب مقالة له عن الانتخابات، لكنه غرد خارج السرب، وكان فيها ناصحا أمينا للسلطات، لكن النظام لا يستمع لصوت العقل ويفضل "المطبلاتية" والأبواق
الرخيصة".
وأكد أن "حبس الصحفيات يعد خروجا عن
المألوف، وربما غير مسبوق في منطقتنا، ومما لا شك فيه فإن ذلك يشكل منعطفاً خطيرا
في تكميم الأفواه وكسر الأقلام، ورأينا قبل شهور استهداف ذوي الإعلاميين المعارضين
بالخارج، والانتقام من ذويهم عقوبة لهم".
وسائل استهداف الصحفيين
من جهته؛ قال الدكتور أحمد عبد العزيز،
المستشار الإعلامي للرئيس الراحل محمد مرسي، إن "السلطات المصرية لم تتورع عن
قتل الصحفيات وليس حبسهن فقط؛ فلقد اغتالت رصاصات الأمن ابنتي الصحفية حبيبة التي
كانت تعمل في صحيفة جلف نيوز الإماراتية بعد دراستها الصحافة في الجامعة الأمريكية
أثناء تغطيتها أحداث فض اعتصام رابعة في أغسطس 2013".
وأضاف لـ"عربي21": "الحقيقة هي
العدو الأول للطاغية المستبد، ففي غيابها يرتكب كل الموبقات، باطمئنان كامل، وفي
وجودها يصاب بالجنون، ويصبح ناقل الحقيقة هدفا له، فيرهبه بالخطف، أو الإخفاء
القسري تارة، وبالحبس الاحتياطي الذي يمتد لسنوات تارة أخرى، وبالقتل تارة
أخرى".
واعتبر أن "هذا الترويع الهستيري للصحفيين
عموما، والصحفيات منهم على وجه الخصوص، لم يعد مجديا، في تغييب الحقيقة عن الرأي
العام، ففي ظل الانتشار الهائل والاستعمال "المفرط" لتطبيقات التواصل
الاجتماعي، لم يعد ممكنا إخفاء الحقيقة، حتى لو كانت في بقعة مجهولة من
الأرض".