نشرت مجلة "فورين
أفيرز" مقالا للأكاديمي محمد آية الله طبار، قال فيه إن الرئيس الأمريكي
دونالد ترامب انسحب من الاتفاق النووي الإيراني في أيار/ مايو 2018 بهدف صريح وهو
الضغط على إيران للتفاوض على صفقة أكثر ملاءمة لأمريكا.
ولهذه الغاية،
اتبعت أمريكا سياسة عقوبات "الضغط الأقصى" التي ألحقت أضرارا غير عادية
بالمجتمع الإيراني.
ومع ذلك، رفضت
طهران إعادة التفاوض على الاتفاقية، لأنها ترى أن القبول بمطالب أمريكا هو استسلام
كامل. وبدلا من ذلك، استأنفت إيران بعض أنشطتها النووية التي علقتها سابقاً. كما
واصلت، إن لم توسع، برنامجها الصاروخي وعمقت نفوذها الإقليمي.
وبالرغم من
هذا التصعيد الخطير من كلا الجانبين، يتوقع الكثيرون جولة جديدة من الدبلوماسية
المكوكية بين طهران وواشنطن بعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية الشهر المقبل.
وقال المرشح
الديمقراطي جو بايدن إنه في حالة انتخابه سيعود إلى الاتفاق النووي، الذي تم
التفاوض عليه عندما كان نائب الرئيس، وفي نفس الوقت أعرب الرئيس ترامب عن ثقته في
قدرته على إبرام اتفاق جديد مع إيران في غضون أسابيع إذا أعيد انتخابه.
ويتوقع أن
تعرض إدارة بايدن تخفيف العقوبات مقابل المزيد من القيود على أنشطة إيران النووية
أكثر مما تتطلبه الصفقة الأصلية.
اقرأ أيضا: MEE: خامنئي وجّه بوقف الهجمات على الأمريكيين بالعراق
من ناحية أخرى،
من المرجح أن تقدم إدارة ترامب القليل من الحوافز وتزيد الضغط على إيران لتقديم
تنازلات تتجاوز الإطار الأصلي. ويفترض الطرفان أن إيران بحاجة ماسة إلى مفاوضات
جديدة حتى تتمكن من تخفيف العقوبات من أمريكا وإنقاذ اقتصادها.
لكن الخطاب
السائد حول إيران داخل مؤسسة السياسة الخارجية في واشنطن يغفل نقطة حاسمة. فمنذ
انسحاب أمريكا من الاتفاق النووي في عام 2018، شهد المشهد السياسي الإيراني تحولا
جذريا أدى إلى تغيير جوهري في حسابات البلاد. كما أن إيران أصبحت تملك مصادر قوة
جديدة، محلية ودولية.
ونادرا ما كانت
السياسة الخارجية الإيرانية في تاريخ الجمهورية بالتماسك الذي هي عليه الآن. فعلى
مدى العقود الثلاثة التي فصلت بين وفاة آية الله الخميني عام 1989 واغتيال أمريكا
للجنرال الإيراني قاسم سليماني في يناير 2020، أدت التجاذبات الحزبية إلى إثارة
الفتنة داخل بيروقراطية الدولة، مما أدى إلى شل سياستها الخارجية.
فمثلا كان
يمكن للرئيس ووزير الخارجية أن يكونا على وشك تحقيق اختراق دبلوماسي فيقوم الحرس
الثوري بتخريب جهودهم ببيان أو عملية.
وأدى مقتل
سليماني، إلى جانب حملة العقوبات الأمريكية التي وصفها الرئيس الإيراني بأنها
"حرب اقتصادية"، إلى قيام الفصائل السياسية في البلاد بتعاون متناغم
بشكل غير عادي، مع وجود الحرس الثوري الإيراني في مقعد القيادة.
ومنذ الجولة الأخيرة من المفاوضات، أظهرت إيران
أن بإمكانها إغلاق نصف إنتاج النفط السعودي، وإسقاط الطائرات الأمريكية المسيرة في
الخليج العربي، وشن هجمات بالصواريخ البالستية على القوات الأمريكية في العراق.
ومما لا يثير الدهشة، أن قائد الحرس الثوري الإيراني يحث الآن الدبلوماسيين
الإيرانيين على عدم الخوف من أي شيء ومغادرة طاولة المفاوضات إذا هددهم المفاوضون
الأمريكيون مرة أخرى.
ويتجلى
التماسك بين الفصائل في الإجراءات الأخيرة لوزير الخارجية الإيراني محمد جواد
ظريف. فقد شكّل رفض الأمم المتحدة، في أيلول/ سبتمبر، إعادة فرض العقوبات على إيران
انتصارا دبلوماسيا لظريف، نفس وزير الخارجية الذي تفاوض على الاتفاق النووي
الإيراني، والذي اعتبره العديد من الإيرانيين بوابة لتحسين العلاقات مع أمريكا،
يعمل الآن على ترسيخ علاقات إيران مع روسيا ووضع اللمسات الأخيرة على اتفاقية
استراتيجية مدتها 25 عاما مع الصين.
وبالترحيب
بموسكو وبكين في الشرق الأوسط لتحقيق التوازن مع أمريكا، تسعى طهران إلى إنشاء
منطقة خالية من الدولار مع بعض جيرانها بالإضافة إلى روسيا والصين. وأجمعت النخبة
الآن على تحول إيران الحازم إلى الشرق بعد 30 عاما من الخلافات الداخلية المنهكة
بخصوص اتجاه السياسة الخارجية للبلاد. أما المعارضة المحلية لهذا التحول فسلبية
نسبيا، وهي شهادة أخرى على التغير في الوضع الداخلي لإيران.
وتتطلع إيران
الآن إلى روسيا والصين المعاديتين بشكل متزايد لأمريكا لأجل مصالحها الأمنية
والاقتصادية.
وليس فقط أن
إيران أصبح لها سياسة خارجية جديدة وأكثر توحدا، بل إن قادتها يدركون أيضا أن
مصداقية ومكانة أمريكا كدولة ذات كفاءة وليبرالية وديمقراطية قد تراجعت بين
الإيرانيين.
وفي بداية
جائحة كورونا، سارع المراقبون الأمريكيون إلى إرجاع عدم قدرة إيران على السيطرة
على تفشي المرض إلى مزيج من التعصب وعدم الكفاءة. ومع ذلك، بعد بضعة أشهر، رأى
العديد من الإيرانيين أن أغنى دولة في العالم لم تتعامل مع الوباء بشكل أفضل بكثير
مما فعلت دولتهم المنكوبة بالعقوبات.
ويجادل
المؤيدون الأمريكيون للاتفاق النووي بأنه يجب على أمريكا أن تكون مستعدة لتقديم
المزيد لإيران إذا كانت ترغب في الحصول على المزيد من التنازلات منها. ومع ذلك،
فإن العوامل المحلية والجيوستراتيجية المذكورة أعلاه ستجعل موقف إيران في أي
مفاوضات نووية أكثر قوة من ذي قبل.
الآن، لم تعد
القيادة الإيرانية - التي أصبحت أكثر ثقة وأقل انقساما مما كانت عليه في عام 2015
- تحبس أنفاسها لأجل حزمة تخفيف العقوبات الكبرى من أمريكا، كما يفترض الكثيرون في
واشنطن. ولكن قد تضع إيران أهدافا أصغر بكثير، وتسعى فقط إلى تخفيف القيود
المفروضة على الدول الأخرى حتى تتمكن من التعامل مع إيران.
ستتمحور
الجولة القادمة من المفاوضات بشكل شاق على خطوات ومعاملات محددة وقابلة للعكس
بسرعة.
أمريكا تغرّم طيران الإمارات 400 ألف دولار لتحليقها فوق إيران
جنرال روسي يحذر من استمرار التدخل "الكبير" لإيران بسوريا
واشنطن تفرض عقوبات على قاض إيراني حكم بإعدام بطل مصارعة