قضايا وآراء

ترامب وسد النهضة..

1300x600
وأثناء انشغلنا بالمشاغل اليومية والمال السياسي في الانتخابات النيابية وتسريبات عبد الرحيم علي رجل الجزيرة والعربية.. خرج علينا الرئيس الأمريكي ترامب بتصريح غريب عجيب مبهم لا تفهم منه ماذا يريد.. فقد صرح لا فض فوه بأن مصر قد تقوم بعمل عسكري ضد سد النهضة الإثيوبي..

لم نكن نعلم أن من مهام ترامب الوظيفية أن يتحدث باسم الجيش المصري أو الرئاسة المصرية.. هل جلس أو هاتف مثلا صانع القرار المصري ترامب وقال له إننا في طريقنا لقصف سد النهضة؟.. إطلاقا لم يحدث بتاتا وأجزم بذلك؛ لأن صانع القرار لو أجرى أي تقدير موقف بسيط سيجد أن استحالة تدمير السد حقيقة ناصعة.. قد نصيب أو نعطل السد لفترة، ولكننا لن نستطيع تدميره لأسباب سياسية وفنية وعسكرية..

سياسياً.. مصر لا تستطيع القيام بعمل عسكري ضد السد لأسباب دولية؛ بسبب الصين (واحنا ما نقدرش على زعل الصين)، وهي ممول رئيس للسد، وكذلك لأسباب إقليمية، فالإمارات والسعودية وإسرائيل كذلك من ممولي السد ومن رعاته، ومن الأصدقاء الأساسيين للرئيس السيسي..

أما عسكريا، فإننا نجد أن هناك ثلاثة محاور متشابكة قد تلجأ لها مصر عسكريا؛ المحور الأول يستند على قوى المعارضة الإثيوبية التي حاولت أكثر من مرة تدمير السد في مراحل بنائه الأولى أكثر من مرة وقد تنجح في مرات قادمة، مثل جماعة 7 أيار/ مايو.

أما المحور الثاني فهو يعتمد على إرسال قوات خاصة كوماندوز تقوم بزرع متفجرات في جسم السد، وذلك يتطلب دعما لوجستيا. فقد تم الإعلان إعلامياً عن وجود قواعد عسكريه مصرية في جنوب السودان، إلا أن دولة جنوب السودان أعلنتها صريحة لا يوجد قواعد عسكرية مصرية على أراضيها. أما إرتيريا فقد نأت بنفسها عن ذلك الصراع.

لم يتبق لنا سوى المحور الثالث، وهو مرتبط بقاعدة برنيس في أقصي جنوب الوادي وبالقوة الجوية المصرية. فالمسافة بين سد النهضة وقاعدة برنيس 1400 كيلو متر، ومصر تملك طائرات الرافال التي تستطيع لأكثر من 3700 كيلومتر بدون التزود بالوقود، وتملك مصر أيضاً طائرات ميج 39 الروسية، التي تستطيع الطيران أكثر من 2500 كيلو متر بدون التزود بالوقود.

وعليه، فإن سد النهضة في مرمي اليد المصرية، إلا أن المعضلة الآن فنية متمثلة في نوع القنابل والصواريخ التي تستهدف السد، ولا بد أن تكون قنابل أعماق وصواريخ ذكية لتدمير السد، ومصر لا تملك تلك النوعية من الذخائر.. مين بقى سمح لترامب يستغل زنقته الانتخابية ويلاعب الصين في ملعبنا؟.. اللهم بلغت اللهم فاشهد..