طرحت الأنباء الواردة عن نية حكومة الوفاق الليبية الإفراج عن ناشطين اثنين روسيين تساؤلات حول دلالة وتداعيات هذه الخطوة، وما إذا كان الأمر تم عبر صفقة غيرت الموقف الروسي مؤخرا من الأزمة الليبية.
الروسيان، كانت الوفاق الليبية قد اعتقلتهما منذ عام، بتهمة التجسس لصالح سيف القذافي.
ونشرت وكالة بلومبيرغ الأمريكية، تقريرا مؤخرا، يفيد بأن الوفاق "وافقت بالفعل على إطلاق سراح الروسيين، المحتجزين في العاصمة طرابلس، وأنهما قد يصلان إلى موسكو خلال أيام".
وأضافت أن "الأمر تم بعد مفاوضات عدة، وأنه تسبب في حدوث انفراجة بين الوفاق وروسيا، بعدما دعمت الأخيرة خصما للحكومة (وهو اللواء المتقاعد خليفة حفتر)".
وبشأن المعلومات الرسمية بهذا الخصوص تعليقا على تقرير بلومبيرغ، تواصلت "عربي21" مع حكومة الوفاق الليبية، ولكنها رفضت التصريح حول الأمر، معللة بأن هناك تعليمات من رئاسة الحكومة تفيد بعدم التصريح بهذا الخصوص لوسائل الإعلام حتى الآن.
"تفاوض نشط"
من جهتها، صرحت المتحدثة باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، أن "الاتصالات بشأن هذه القضية أصبحت أكثر نشاطا، لكن من المبكر الحديث عن أي نتائج"، وفق تصريحات صحفية.
اقرأ أيضا: موسكو: "الوفاق" الليبية أكدت لنا قرب الإفراج عن روسيين
واحتجزت حكومة الوفاق كلّا من الروسيين "مكسيم شوغالي وسمير سيفان"، في أيار/ مايو 2019 بتهمة التواصل دون علم السلطات الليبية مع سيف القذافي، للمساعدة في هندسة عودته من خلال الانتخابات، مؤكدة أنه "ستتم محاكمة المعتقلين داخل ليبيا، لكنها مؤخرا قررت الإفراج عنهما".
"انفراجة" في العلاقات
من جهته، رأى أستاذ العلوم السياسية في جامعة صقريا التركية، خيري عمر، في حديثه لـ"عربي21"، أن "حكومة الوفاق ليست في حاجة إلى صفقات الآن، لكنها في حاجة إلى تحسين علاقتها بالفاعلين الدوليين، ومنهم روسيا، خاصة أن الحوار السياسي الليبي سيعيد هيكلة الحكومة والمجلس الرئاسي، وهناك ميل دولي نحو الحل السلمي".
وأوضح في تصريحاته أن "ملف احتجاز روسيين والإفراج عنهما يعد ملفا ثانويا تم حله طبقا للمعطيات الراهنة، خاصة أن روسيا بدأت مؤخرا باتخاذ مسافة واحدة من كل الأطراف الليبية، بعدما كانت تنحصر بين حفتر وأنصار الجماهيرية (القذافي)".
وأضاف أن "هذا التغير وإن كانت له أسباب موضوعية، فإنه سيدفع موسكو لاتخاذ مواقف إيجابية أكثر، خاصة أنها تريد تجنب الحصار الأمريكي لها في ليبيا"، وفق تقديره.
وبسؤاله عن دور تركي في الإفراج عن الروسيين، قال عمر: "تركيا لها دور ملموس في السياسة الليبية، وبينها وبين روسيا تنسيق وتواصل مستمر في ملفات عدة ومنها ليبيا، وكون أنقرة لم تعترض على الإفراج عن المحتجزين الروس، فهذا قد يشير إلى أنها تدعم انفراجة الوفاق على الفاعلين الدوليين".
"صفقة لصالح الحكومة"
وأشار المدون والكاتب الليبي، فرج فركاش، إلى أن "الحكومة شعرت بأنه حان الوقت لاستغلال ورقة المعتقلين الروسيين، خاصة أن الحديث عن إطلاق صراحهما ليس بجديد، وكانت هناك مفاوضات منذ مدة، أما بخصوص مواقف روسيا فهي أكدتها عبر وزير خارجيتها بأن الحل في ليبيا لن يمر إلا عبرها وعبر حليفتها تركيا".
وأضاف خلال تصريحاته لـ"عربي21" أن "صفقة إطلاق سراح المعتقلين تصب في هذا الاتجاه، وبما يخدم حكومة الوفاق التي يبدو أن روسيا تسعى من خلال التقارب معها أكثر إلى صفقات مماثلة لما حدث مع تركيا، تمكنها من نيل نصيب من إعادة الإعمار في ليبيا، وفي المجال النفطي"، بحسب تصوره.
وتابع: "المقابل لهذا هو ربما يكون الإبقاء على الوضع كما هو عليه، وإطالة فترة بقاء المجلس الرئاسي الحالي، وربما دعم تشكيل حكومة وحدة وطنية تمثل جميع الأطراف إن أمكن، وإن تعذر ذلك تستمر تفاهمات سوتشي، مع دعم وتثبيت وقف إطلاق النار والاتجاه إلى انتخابات عامة بعد حل معضلة الدستور".
"مرتزقة فاغنر"
وقال الصحفي من الجنوب الليبي، موسى تيهو ساي، لـ"عربي21"، إن "هذه الخطوة في هذا التوقيت هي محاولة من حكومة الوفاق لترضية الجانب الروسي كحسن نية من الحكومة، وتأكيدا بأنها ربما تقوم بعمل علاقات وشراكة كبيرة مع موسكو في مجالات عدة حال تخلت الأخيرة عن دعم حفتر، وسحب مرتزقة فاغنر".
اقرأ أيضا: صحيفة: نفوذ "فاغنر" في ليبيا يدفع واشنطن لتغيير موقفها
ما أهمية وأهداف الاتفاقية الأمنية بين قطر والوفاق الليبية؟
ماذا وراء حديث "عقيلة" عن مرحلة انتقالية ونقل الحكومة لسرت؟
اعتقال مسؤول ليبي بعد اتهامه بإهانة الثورة وموالاة "القذافي"