قال الرئيس الأمريكي الأسبق باراك
أوباما في
مذكراته الجديدة، التي ستصدر يوم الثلاثاء "الأرض الموعودة" وهي
المذكرات التي وعد بكتابتها بعد خروجه من البيت الأبيض، إن انتخاب الأمريكيين لرجل
أسود كرئيس، ربما كان وراء الخوف الذي أخرج المشاعر الكامنة داخل الأمريكيين وأدى
لظهور ظاهرة دونالد
ترامب.
وفي تقرير لمجلة "
ذي أتلانتك"،
ترجمته "عربي21" أكد أنه كتب كتابه لتعليم الجيل من الأمريكيين، الذين
عرف آباؤهم أن المساواة والحياة الكريمة لجميع الأمريكيين مهمة لكنهم لم يؤمنوا
بها.
ونشرت المجلة مقدمة كتاب أوباما بوعد مقابلة
واسعة أجراها محرر المجلة جيفري غولدبيرغ، وستنشر يوم الإثنين. وأشار أوباما إلى أنه
بعد مغادرة البيت الأبيض على متن الطائرة الأولى في آخر رحلة له مع عائلته متجها
إلى الغرب، في إجازة طالما أجلها مع زوجته، أنه وميشيل كانا متعبين جسديا وعاطفيا
ليس بسبب ثمانية أعوام في العمل المستمر لكن لنتائج الانتخابات، التي أدت إلى شيء
معارض لكل ما عملا من أجله. وكان عزاؤهما أنهما فعلا ما يمكن فعله وتركا البلاد في
وضع أفضل مما كانت عليه.
ويقول إنه يأمل بتقديم رؤية صادقة عن حياته
كرئيس وليس تسجيلا تاريخيا للأحداث التي مرت عليه وشهدها ولكن تسجيل حوادث ثقافية
واقتصادية وسياسية شكلت تحديا له ولفريقه في الإدارة وكيفية الرد عليها.
ويرى أوباما أن الرئاسة بكل الهالة المحاطة بها
تظل وظيفة والحكومة الفدرالية هي عملية بشرية ومثل أية تجربة تعتريها لحظات الرضى
والخيبة والخلافات والفشل وانتصارات صغيرة كما يحدث مع بقية المواطنين. ويريد
أوباما أن يقدم للجيل الجديد الراغب في الحياة العامة، رؤية عن الكيفية التي أدت
به وهو من أصول وتراث مزيج، وكيف حاول تقديم نفسه لأمر أكبر واستطاع أن يحدد مكانه
وهدفه في الحياة.
وفي البداية اعتقد أنه قادر على حكاية القصة في
500 صفحة، لكن عملية الكتابة لم تسر حسب الخطة. وظل الكتاب ينمو ويكبر بالمنظور
والموضوع لدرجة أنه قرر تقسيم الكتاب إلى جزءين.
واعترف أن كتابا آخرين يمكنهم حكاية القصة
بكلمات أقل. والسبب أنه اضطر في بعض الأحيان إلى تقديم سياق للأحداث خاصة أنه لا يحب
الهوامش والشروح الجانبية. ووجد أنه لم يكن قادرا على شرح دوافعه من خلال تقديم
بيانات اقتصادية أو العودة لإيجازات البيت الأبيض لأنها جاءت من خلال مناقشات خاصة
أو دروس تلقاها وهو طفل من والدته.
وأهم
من محاولته تقديم سياق للأحداث التي عاشها كرئيس هو ما جرى للبلد، بعد أكثر من
ثلاثة أعوام على تلك الرحلة الأخيرة، فالبلد يعيش وسط وباء مات فيه أكثر من 230.000
شخص ودمرت الأعمال وزاد عدد العاطلين عن العمل إلى ملايين.
وهذا التنافس ليس جديدا بالطبع، لكنه وبطرق
أخرى علم التجربة الأمريكية. وهو متجسد في الوثائق المؤسسة التي أعلنت في النهاية
أن الجميع متساوون، لكنها تعاملت مع الرقيق على أنه ثلاثة أخماس رجل. وبدا هذا
واضحا في التعبيرات الأولى للمحكمة عندما قال القاضي العام للولايات المتحدة وبشكل
وقح للهنود الأصليين، إن حق قبائلهم في نقل الملكية، لا يمكن تنفيذه لأن محكمة
الغازي لا قدرة لها على الاعتراف بالمزاعم العادلة لمن تعرضوا للغزو.
وهو تنافس جرى في معارك مثل غيتي سبيرغ
وأبوماتوكس في أثناء الحرب الأهلية وفي
أروقة الكونغرس، وعلى جسر سيلما، ألاباما وفي كروم العنب بكاليفورنيا وفي شوارع
نيويورك. وهي منافسة جرت معظم الأحيان بين الجنود وشاركت فيها اتحادات العمال
والداعيات لحق المرأة في التصويت وعمال الموانئ وقادة الطلاب وموجات من المهاجرين
والناشطين المثليين الذين تسلحوا بيافطات ومطويات وأحذية للزحف.
وفي قلب الحرب الطويلة كان هناك سؤال بسيط، هل
يهمنا مناسبة واقع أمريكا بمثلها؟ ولو كان الجواب بنعم، فهل نعتقد أن مفهومنا عن
حكم النفس والحرية الفردية والمساواة في الفرص وأمام القانون ينطبق على الجميع؟ أم
أن الحقوق تفضل قلة على الكثرة. وهناك من يرى أن الوقت لم يأت بعد للتخلي عن الأسطورة
التي تعني فحص ماضي أمريكا، مع أن نظرة خاطفة لعناوين الأخبار تعطي فكرة أن هذه
المثل ظلت ثانوية للغزو والإخضاع ونظام العنصرية والرأسمالية الجشعة والتظاهر بغير
هذا يعني التواطؤ بلعبة زورت منذ البداية.
ويعترف
أوباما أنه شعر في أثناء كتابة مذكراته، حيث تأمل في رئاسته وما حدث منذ ذلك
بإغراء من أن عليه قول الحقيقة، أو الحذر من أجل استحضار ما سبق وقاله أبراهام
لينكولن في ملائكة الأمة. ويؤكد أنه ليس جاهزا أو مستعدا للتخلي عن القدرة التي
تمثلها أمريكا، ليس من أجل الجيل القادم ولكن لكل الإنسانية. وهو مقتنع أن الوباء
الذي تعيشه أمريكا اليوم هو تمظهر وعبارة عن إرباك للزحف المستمر لعالمنا
المترابط، وهو عالم لا يمكن للناس والثقافات تجنب التصادم فيه.
وأضافت المجلة: "وفي هذا العالم من شبكات
الإمداد والرأسمالية وعمليات تحويل المال الفورية ومنصات التواصل الإجتماعي
والشبكات الإرهابية العابرة للحدود والتغيرات المناخية والهجرات الجماعية
والتعقيدات المتزايدة التي تجبرنا على التعايش والتعاون والإعترف ببعضنا البعض
وإلا انتهينا".
وأشارت إلى أنه "ولهذا يراقب العالم
أمريكا- القوة العظمى الوحيدة في التاريخ المكونة من سكان جاؤوا من كل زاوية في
العالم ويمثلون كل الأعراق والأديان والثقافات، ولكي يشاهد إن كانت الديمقراطية
تعمل وليشاهدوا إن كنا نستطيع عمل ما لا يمكن لأية أمة عمله. وليروا إن كنا سننفذ
معاني ما نؤمن به. والحكم لم يصدر بعد، ولكن أوباما متفائل من الأعداد الكبيرة
التي خرجت للمشاركة في انتخاب جوزيف بايدن وكامالا هاريس. ولكنه يعرف أن عملية انتخابية
واحدة لا تكفي لحل الأزمة فانقسامنا عميق وتحدياتنا صعبة".
وأضافت: "ولو كنت متفائلا عن المستقبل فهذا
بسبب أني تعلمت الإيمان بإخواني المواطنين، خاصة الجيل القادم الذين يؤمنون بأن قيمة
المساواة بين الناس جزء من طبيعتهم الثانية. ومن يؤكدون على تحقيق المبادئ التي
علمهم إياها آباؤهم وأساتذتهم وقالوا لهم إنها صحيحة لكنهم لم يؤمنوا بها بشكل
كامل".
وقال أوباما إن الدواء السحري الذي وعد به
ترامب الملايين من الأمريكيين، جعلهم مصيدة للأرواح الشريرة التي ظلت تحوم على
حواف الحزب الجمهوري قبل أن تدخل المركز. وهي تمثل العداء للأجانب والفكر ونظريات
المؤامرة والكراهية للسود والناس من أصحاب البشرة البنية.
وقال أيضا: "كأن وجودي في البيت الأبيض حفز
الفزع الكامن، وكأنه إرباك نظام طبيعي وهو بالضبط ما فهمه ترامب عندما بدأ ينشر
التأكيدات أنني لم أولد في الولايات المتحدة وكنت رئيسا غير شرعي".
ويرى أوباما أن صعود ترامب من مقدم برنامج
تلفزيون الواقع إلى داعية لكذبة "الميلاد" التي زعمت أن أوباما لم يولد
في الولايات المتحدة لكي يصبح مرشحا من الخارج للحزب الجمهوري، ولرئيس كسر كل
الأعراف لم يأت من فراغ. وأشار أوباما مثل غيره إلى أن الترامبية تعود إلى الصعود
المفاجئ لسارة بالين، كمرشحة لنائب الرئيس في حملة جون ماكين عام 2008 والتي أدت
لولادة حزب الشاي بعد عامين، والذي احتج ضد العناية الصحية المتاحة للجميع.