وصل 20 نائبا من ذوي الخبرة العسكرية إلى مجلس النواب الأردني التاسع عشر 2020. البعض يتوجس خيفة منهم، ويرى أن المجلس أقرب الى العسكرية منه إلى المدنية، لكن وصول هؤلاء يعزز ثقة الشعب الأردني بالمؤسسة العسكرية والأمنية.
ضباط وقيادات عليا، متقاعدون من القوات المسلحة والأجهزة الأمنية ما بين فريق ولواء وعميد وعقيد، تجمعهم عقيدة محددة الملامح. قد نختلف، وقد تشتعل الصراعات معهم كذلك، لكنهم أردنيون وطنيون لا ينتسبون في ولائهم إلا لهذه الأرض.
نعم مجلس نواب، يفكر في القرارات، قبل أن يُسارع في إعلانها، يقدم مصلحة الأردن على مصلحته، يناقش ولا يوقع على بياض، يخاطب الشعب باعتباره مصدر السلطة، قبل مخاطبته السلطات.
فهم الأسرع في التعامل مع الأزمات والإجراءات، ويتقدمون على النواب أصحاب الشركات والمال الأسود أو غيرها.
بهذا يكون وجودهم إثراء للمجلس وقيمة يمكن استثمارها. فالعسكري كما السياسي قادر على الرقابة والتشريع، لكنه أكثر احترافية في اتخاذ القرارات. فالقادم ليس استثمارا ومقاولات وصفقات مالية، بقدر ما هي مشاريع وطنية ودفاع. فالعسكري في أثناء وبعد تقاعده، ينحصر ولاؤه للوطن لا لأحزاب أو المنظمات الداخلية أو الخارجية، مثل صبيان دحلان والصلعان مثلا!
مجلس يقوده نواب يؤمنون بحقيقة وحق الأردن في البقاء دون تسويات ومشاريع تصفية، دون تفتيت المكونات، وضرب العشائر وتهميشها.
مجلس يتعاضد به ويشد من أزره المعارض قبل الموالي، والإسلامي مع القومي، فجميعهم وطنيون أردنيون يرتبطون بالأرض، أرض يملكون فيها حكايات لن تنتهي، وقصص بقاء لن تحرق.
وطنيون يتحركون وفق وصفات داخلية لا خارجية تعمل على حفظ الأردن وإصلاحه، تنبع من داخله، لا من خارجه، نواب يصغون لما يقال في الداخل، لا لما يأتي من الخارج بتشوهاته.
نعم، ليكون المجلس الحالي الأخطر في عمر الدولة، يراقب ما يدور في الإقليم من مشاريع، مجلس يعتقد البعض أن وجوده جاء خدمة لمشاريع إقليمية، وشاهد زور، فيما نرى وجوده خطوة للأمام في سبيل حفظ الأردن، مجلس وجد للصمود، صمود لا يتزحزح، متكامل ويتناغم فيه صوت العسكر مع الأصوات الوطنية الأردنية، أصوات لم تصل إليه عبثا، بل وصلت لتتسق مع دورها المحسوم والمحدد، تسند ويراهن عليها، لا سيما أنها جاءت من صلب العشائر والأطراف، لا المركز، أطراف تمثل المخزن الاستراتيجي للأردن.
مع هذا، ثمة أصوات داخل المجلس التي تنادي وتسعى للقبول بالتسويات والمشاريع وفق سيناريوهات الإقليم، لكنها أصوات لن ترفع صوتها، وستبقى كما الذئاب يجوسون الليل، خوفا ورعبا من نور النهار، وظل تكتلات وطنية لن ترضخ.
من هذه الزاوية، يمكن النظر لوجود النواب ذوي الخلفية العسكرية في تشكيلة مجلس النواب التاسع عشر كصمام أمان لحركته، تتكامل سلطته التشريعية مع التنفيذية، تحديدا الجانب الأمني منها.
وعليه، لن أشكك بدور المجلس، ولن أحكم على فشله مسبقا، كون الفعل ضربا من الجنون، مجلس جاءت تشكيلته لتتوازن مع تشكيلة الأعيان، ولاحقا الحكومة، لخلق ثالوث وطني، ومحيط متكامل؛ لبقاء الدولة، لا فنائها.