ملفات وتقارير

هل تحسم حرب "تيغراي" بإثيوبيا قريبا.. وما دور الإمارات؟

"المؤكد أن المعركة داخل ميكيلي لن تكون سهلة بالنسبة لآبي أحمد وحلفائه"- ديوان ولي عهد أبوظبي

تنتهي الأربعاء مهلة الـ72 ساعة التي منحها رئيس الورزاء الإثيوبي، آبي أحمد، لقوات إقليم تيغراي، لإلقاء السلاح والاستسلام، مع اقتراب الجيش الفيدرالي وحلفاؤه من مشارف مدينة ميكيلي، عاصمة الإقليم، وسط حديث عن لعب "مسيّرات إماراتية" دورا في المعركة.

 

وفي المقابل، لم تظهر "الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي"، اكتراثا بالمهلة، التي تنتهي بالتزامن مع دخول الحرب أسبوعها الرابع، رغم تضمنها تحذيرات من أديس أبابا للمدنيين في الإقليم بأن الحملة ستكون قاسية، وبأنه سيتوجب عليهم حماية أنفسهم.

 

وتحدثت "عربي21" مع الناشط الإثيوبي، مصطفى حبشي، الذي استبعد صدقية الأنباء عن تواجد القوات الفيدرالية على مشارف ميكيلي، مشيرا إلى أن بيانات جبهة تيغراي تتحدث عن إلحاق خسائر كبيرة في صفوف خصومها.

 

لكن حبشي أكد في الوقت ذاته أن "الحذر هو سيد الموقف" في عاصمة تيغراي، التي تضم أكثر من نصف مليون مدني، حيث كل شيء متوقع، والجميع على أهبة الاستعداد.

 

وأوضح الناشط الإثيوبي أن حديث أديس أبابا عن قطع مسافات شاسعة في أراضي الإقليم لا يعكس الواقع العسكري، لاعتبارات أهمها غياب المعلومة الموثقة والمحايدة بحكم حظر وسائل الإعلام والاتصالات، واعتماد جبهة تحرير تيغراي استراتيجية حرب العصابات لضمان صمودها مدة أطول وعدم تعرض قواتها وعتادها للاستنزاف في ظل خضوعها للحصار.

 

ولفت في الإطار ذاته إلى أن الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي قامت قبل نحو عام ونصف بإجراء دورات تدريبية على حمل السلاح، على نطاق واسع في الإقليم.

 

وشدد حبشي على أن إقيلم تيغراي تمكن على الصمود حتى الآن رغم مواجهته ثلاث جبهات، الأولى مع القوات الفيدرالية، والثانية مع مسلحي إقليم الأمهرة، والثالثة مع الجيش الاريتري، فضلا عن "المسيرات الإماراتية".

 

المسيرات تتوج "الصداقة الثلاثية"

 

ولدى سؤاله عن دور أبو ظبي تحديدا، أوضح أن مشاركتها تأتي في إطار تحالفها الإقليمي مع كل من أديس أبابا وأسمرة.

 

ولم يحدد حبشي ما إذا كانت الطائرات المسيرة التي يدور الحديث حولها تدار من قبل قوات إماراتية على الأرض، لكنه أشار إلى تأكيد قائد جبهة تحرير تيغراي، دبرصيون جبراميكائيل، شنها غارات على الإقليم.

 

لكن الخبير في الشؤون الأفريقية، محمد صالح، رجّح أن يكون ميناء عصب الأريتري، الذي تديره أبو ظبي، منطلقا لنشاطها العسكري "المفترض" في المنطقة.

 

اقرأ أيضا: الغارديان: انزلاق إثيوبيا للفوضى كارثة على القرن الأفريقي

 

وأوضح "صالح"، في حديث لـ"عربي21"، أن أسمرة وأديس أبابا تنفيان المشاركة الإماراتية، ويصعب تأكيدها في ظل التعتيم الإعلامي غير المسبوق لما يجري في الإقليم.

 

وشدد صالح، وهو مدير وحدة الدراسات في المركز الأفريقي للأبحاث ودراسة السياسات (أفروبوليسي)، على أن جميع التقارير التي تتحدث عن تمكن أديس أبابا من بسط سيطرتها على مساحات شاسعة، وعن تسليم مقاتلين من التيغراي أنفسهم عبر إقليم عفر للقوات الفيدرالي، جميعها تقارير من طرف واحد لا يمكن التحقق منها تماما.

 

وأضاف: "المهلة العسكرية لثلاثة أيام، وهي الثانية التي يطلقها آبي أحمد، طويلة في العرف العسكري بالنسبة لطرف يقول إنه منتصر وقادر على حسم المعركة".

 

ومنذ تولي آبي أحمد السلطة في إثيوبيا عام 2018، تسارع التقارب بين أديس أبابا وأسمرة، رغم الحروب الطاحنة بين البلدين على مدار عقود، وسط حديث عن علاقة شخصية تجمعه بالرئيس الأريتري، أسياس أفورقي، فيما لعب ولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد، دور العراب، وهو المعني بنفوذ كبير في القرن الأفريقي.

 

 

 

وكان تقرير نشره موقع "ميليتاري أفريكا"، عام 2018، قد أكد نشر الإمارات طائرات مسيرة صينية الصنع، من طراز "Wing Loong II"، في إريتريا، وهي ذاتها التي قالت جبهة تحرير تيغراي إنها وجهت ضربات للإقليم، فيما قالت أوساط إريترية، مؤخرا، إن مسيرات من هذا الطراز ذاته التحقت بقوات البلاد الجوية، ويرجح مراقبون أن تكون أبوظبي سلمتها لأسمرة.

 

وتستخدم الإمارات هذه الطائرات في إطار تدخلاتها على الساحتين اليمنية والليبية.

 

 

"هذه هي النتيجة المؤكدة"

 

وبين حديث أديس أبابا عن قرب الحسم، وحديث التيغراي عن قتل أعداد هائلة من "القوات المعادية"، فإن المؤكد، بحسب الخبير الأفريقي، أن المعركة داخل ميكيلي لن تكون سهلة بالنسبة لآبي أحمد وحلفائه، سواء من حيث الكلفة العسكرية أو الإنسانية.

 

وتابع بأن الجيش الفيدرالي يقوده أفراد غير متمرسين بعد أن أطاح "أحمد" بقادته التقليديين الرئيسيين، بالنظر إلى أنهم كانوا من التيغراي، وسط حدث عن استجلاب ضباط من أريتريا للمساهمة في تحريك الجيش الإثيوبي.

 

وتدور في هذا السياق أنباء عن وجود خلافات بين آبي أحمد وعدد من قادته العسكرية من "الأمهرة"، بشأن التعجل بإطلاق معركة عاصمة تيغراي من عدمه، إذ يخشى رئيس الوزراء من خسائر كبيرة، فيما يريد من يوصفون بـ"الصقور" حسم الحرب بأي ثمن.

 

وحول موقف بقية الأقاليم من الدائرة، أوضح الناشط مصطفى حبشي أن الإدارات المحلية في أغلبها موالية لأديس أبابا، لكن المستوى الشعبي يشهد استياء متزايدا، ولا سيما إزاء تعرض المدنيين لانتهاكات.