أكد الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية في المغرب نبيل بن عبد الله، أن البلد حقق إنجازا تاريخيا من خلال إقرار الولايات المتحدة الأمريكية بمغربية الصحراء، ونفى أن يكون هذا الإنجاز، الذي وصفه بـ "التاريخي" لقاء مساومة بالقضية الفلسطينية.
وقال نبيل بن عبد الله في حديث خاص لـ "عربي21": "الحديث عن مقابل بالنسبة للإعلان الأمريكي الاعتراف بمغربية الصحراء والعلاقات المغربية مع إسرائيل، ليس في محله".
وأضاف: "إن إقرار الولايات المتحدة الأمريكية بحجمها وقوتها الدولية ومكانتها على مستوى الأمم المتحدة والعضوية الدائمة في مجلس الأمن، لهذا الموقف الداعم لمغربية الصحراء والداعم لسيادة المغرب على كافة أجزاء ترابه، هذا الموقف يشكل تحولا تاريخيا بالنسبة لقضية الصحراء، ويمكن أن نعتبر بأن الولايات المتحدة الأمريكية ستكون بمثابة القاطرة التي ستجر عددا من الدول الأخرى الكبيرة والمتوسطة والصغيرة إلى الالتحاق بالركب والالتحاق بالقطار المؤكد على مغربية الصحراء".
وأكد بن عبد الله "أن مقررات الأمم المتحدة المقبلة ومقررات مجلس الأمن ستكون مبصومة بهذا الموقف الأمريكي"، وقال: "إننا نقترب أكثر فأكثر من الحل النهائي القائم على سيادة المغرب على ترابه وبالطبع ممارسة الحكم الذاتي في المنطقة في إطار السيادة المغربية".
وحول العلاقات المغربية ـ الإسرائيلية، قال بن عبد الله: "بالموازاة مع ذلك وليس بالمقابل مع ذلك، عمل المغرب على توفير انفتاح نسبي على إسرائيل من خلال تأكيد أمور جارية إلى يومنا هذا".
وأشار إلى "أن المغرب يتوفر على جالية يهودية مغربية تقيم بإسرائيل ولهم جنسية إسرائيلية"، وقال: "أن يزور هؤلاء المغرب للقيام بشعائرهم الدينية ولزيارة الأماكن التي لها رمزية دينية، أن يتم ذلك بشكل مباشر، فالواقع أن ذلك كان يتم بشكل غير مباشر، أي عبر المرور عبر دول أوروبية للالتحاق بالمغرب".
كما ذكر بن عبد الله أن "وجود علاقات بين المصالح الأمنية المغربية وبين المصالح الأمنية الإسرائيلية كانت قائمة منذ عقود من الزمن خاصة في الفترة الأخيرة بالارتباط مع محاربة الإرهاب على الصعيد الدولي".
وأضاف: "الآن أن يكون هناك مكتب للاتصال في الأفق وليس الآن مباشرة كما ينص على ذلك البلاغ الصادر عن الديوان الملكي، فهذا أمر أكيد أنه اقترن بالنسبة للمملكة المغربية بالاتصال المهم الذي أجراه الملك محمد السادس مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، حيث أكد العاهل المغربي أنه لا شيء تغير بالنسبة للمواقف المبدئية للمغرب إزاء القضية الفلسطينية القائمة على ضرورة الإقرار النهائي للحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني على أراضيه في حدود 1967 مع القدس الشريف كعاصمة لهذه الدولة، ومع نظام خاص للقدس الشريف".
ووفق بن عبد الله فإن "إسرائيل توجد اليوم في وضع المساءلة"، وقال: "لا يمكن لإسرائيل أن تقوم دول ومن ضمنها المغرب بانفتاح نسبي عليها هكذا وأن تظل هي جامدة بتعنتها بجبروتها وباستمرارها في قهر واضطهاد وقمع الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية".
وأضاف: "لذلك المغرب سيتكلم من موقع أقوى ليؤكد مجددا بأن قضية فلسطين لها نفس أهمية قضية الصحراء بالنسبة للمغاربة.. وأننا سنواصل دعمنا لفلسطين وسنؤكد أكثر فأكثر على ضرورة إحداث تحول في الموقف الإسرائيلي على هذا المستوى".
وردا على سؤال وجهته له "عربي21" عما إذا كان من رأوا في الخطوة المغربية تجاه إسرائيل خذلانا للحق الفلسطيني، قال بن عبد الله: "أتكلم الآن وكلي عاطفة بالنسبة لقضية فلسطين، التي نعتبرها قضية وطنية بالنسبة لنا في المغرب، وشخصيا ناضلت من أجل القضية الفلسطينية لمدة 40 سنة، والمغرب كان معروفا بمواقفه الرائدة ملكا وحكومة وشعبا على مستوى الدفاع عن القضية الفلسطينية، ولذلك من الطبيعي أن تكون هناك بعض ردود الفعل هكذا التي تعتبر وكأن المغرب ساوم، أبدا، هناك من جهة مكتسب أساسي بالنسبة للمغرب، حيث لا يمكن لأي مغربي أن ينسى بأن المغرب قدم تضحيات جسيمة من أجل الإقرار بسيادته على صحرائه، هذا مكسب، لكن المغرب لن يتراجع أبدا عن الاستمرار في دعمه للقضية الفلسطينية، وبالتأكيد كما ورد في البلاغ الصادر عن الديوان الملكي بعد المكالمة الهاتفية بين الملك والرئيس الفلسطيني، لن نتراجع أبدا عن دعمنا للقضية الفلسطينية".
وتابع: "العلاقات مع إسرائيل لا يمكن أن تكون علاقات طبيعية كما هو الشأن بالنسبة لدول أخرى إلا إذا تم الإقرار النهائي بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.. هكذا يتعين أن نقارب الانفتاحات النسبية جدا التي كانت للمغرب".
وأكد بن عبد الله أن الخطوة المغربية مختلفة عن حطوات التطبيع التي نفذتها دول عربية مؤخرا، وقال: "فرق كبير بين ما قام به المغرب وما قامت به بعض الدول العربية مؤخرا، حيث ليس هنالك إقرار بعلاقات دبلوماسية الآن وحالا بشكل نهائي، ودون شرط أو قيد.. أبدا الأمر لا يمكن أن يقدم بهذه الصيغة".
وأضاف: "المغرب لن يتخلى عن فلسطين لا ملكا ولا حكومة ولا شعبا ولا قوى سياسية، ونحن من موقعنا في المعارضة اليوم نؤكد على أن عددا من الأحزاب المغربية ستظل حاملة لقضية فلسطين.. فلسطين في قلوبنا ولا يمكن أن نقبل أبدا جبروت إسرائيل وانتهاك إسرائيل للحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني ولن يكون هناك تطبيع لأي علاقات نهائية على جميع الأصعدة مع إسرائيل، إلا إذا تقدمت إسرائيل بخطى واضحة نحو الإقرار بالحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني"، على حد تعبيره.
يذكر أن حزب التقدم والاشتراكية هو حزب يساري مغربي، يصنف ضمن اليسار الديمقراطي، ويقول إن هويته تنبني على قيم العدالة الاجتماعية والتقدم والحداثة. اعترف به حكومياً يوم 23 آب (أغسطس) 1974، وكان بين 1969 و1974 يسمى حزب التحرر والاشتراكية قبل ترخيصه، وهو وريث الحزب الشيوعي المغربي (الذي أسس عام 1943).
كان شريكا في الحكم مع حزب العدالة والتنمية قبل أن يختار الخروج إلى المعارضة مطلع العام الجاري بسبب تباينات في وجهات النظر مع مكونات التحالف الحكومي الحالي.
إقرأ أيضا: منظمة مغربية: التطبيع مع الكيان الصهيوني "سقطة" مرفوضة
وأمس أعلن الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب، عبر "تويتر"، عن موافقة إسرائيل والمملكة المغربية على إقامة علاقات دبلوماسية كاملة بينهما، وعن اعتراف بلاده بمغربية الصحراء.
وبعدها بوقت قصير، أعلن العاهل المغربي استئناف الاتصالات الرسمية الثنائية والعلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل "في أقرب الآجال"، وفق بيان صدر عن الديوان الملكي.
لكنه شدد على أن ذلك "لا يمس بأي حال من الأحوال، الالتزام الدائم والموصول للمغرب في الدفاع عن القضية الفلسطينية العادلة، وانخراطه البناء من أجل إقرار سلام عادل ودائم بمنطقة الشرق الأوسط".
وبدأ المغرب مع إسرائيل، علاقات على مستوى منخفض عام 1993 بعد التوصل لاتفاقية "أوسلو"، لكن الرباط جمدتها بعد اندلاع الانتفاضة الفلسطينية، وتحديدا عام 2002.
وهكذا يصبح المغرب رابع دولة عربية تطبع علاقاتها مع إسرائيل بعد الإمارات والبحرين والسودان، لينضموا جميعا إلى بلدين عربيين أبرما اتفاقي سلام مع إسرائيل، وهما الأردن (1994) ومصر (1979).