اتهمت امرأة فرنسية من أصول جزائرية، الشرطة الفرنسية بمحاولة التغطية على عدوان ذي دوافع كراهية تعرضت له في تشرين أول (أكتوبر) الماضي في باريس، مؤكدة أنها مصرة على متابعة المتهمين بالاعتداء عليها وفق ما تمنحه لها القوانين المعمول بها في فرنسا.
وأوضحت المواطنة الفرنسية وتدعى آمال، وهي ذات أصول جزائرية، في حديث مع "عربي21"، أنها تعرضت هي وابنتا خالتها حنان وكنزة يوم الأربعاء 18 تشرين أول (أكتوبر) الماضي، إلى عدوان ذي دوافع لها علاقة بالكراهية، حيث كانت صحبة أبنائها ووالدتها وأبناء شقيقها في جولة وسط باريس قبل أن ينتهوا إلى زيارة برج إيفيل، ثم أخذ قسط من الراحة في الحديقة المحاذية له.
وقالت: "فجأة ونحن جالسون مع أبنائنا وهم يلعبون في الحديقة، إذا بفتاتين تجلسان إلى جانبنا وبصحبتهما كلب تركاه طليقا، وهو ما دفع بابنة خالتي التي كانت معنا للطلب منهما بأن يمسكا الكلب عن الأطفال، إلا أنهما ردتا عليها بعبارات حاقدة من مثل: ارحلوا عنا.. عودوا إلى دياركم فأنتم عرب قذرون".
وأضافت: "علت الأصوات فذهبت للاستفسار عن الأمر وأخذت ابنة خالتي حنان وطلبت منها الهدوء وعدم الالتفات لهذا الأمر، إلا أن ما راعني أنني أصبحت أنا أيضا مستهدفة بالشتيمة أولا، ثم بعد ذلك بالضرب، تبين لاحقا أنه لم يكن يدويا فقط، وإنما بسكين، حيث تعرضت لطعنات في ذراعي وكتفي وظهري، إلى أن سقطت على الأرض، مما أوجد حالة هلع كبرى، وتعالت أصوات أبنائي بالبكاء، فلاذت الفتاتان بالهروب".
وذكرت آمال، أنها تمالكت نفسها واتكأت على والدتها حتى تمكنت من الوصول إلى الشارع الرئيس، حيث سقطت أرضا في انتظار قدوم سيارة الإسعاف التي حملتها إلى المستشفى، وتم تقديم الإسعافات الأولية لها قبل أن يتم إخلاء سبيلها.
وأضافت: "لقد تم علاج الرضوض والكدمات التي خلفها العدوان، لكن الأطباء (لم يلاحظوا!) أن الأمر لم يكن يتعلق فقط برضوض وجراح جلدية، وإنما الأمر يتعلق بكسور عميقة في العروق والعظام، وهو ما تأكد بعد ذلك عند مراجعتي للطبيب مباشرة في اليوم الموالي، ولا أزال أتلقى العلاج إلى يومنا هذا، علما بأنني أعاني آلاما شديدة".
وأشارت آمال، إلى أنها "بمجرد قدرتها على المشي، توجهت إلى مركز الشرطة القريب منها لمتابعة المعتدين، إلا أنها صدمت بأمرين اثنين: الأول أنه تم اعتبار الاعتداء عملا جنائيا عاديا، وهو برأيها أمر غير صحيح، لأن من اعتدى عليها كان يردد لها عبارات كراهية وحقد ضد العرب والمسلمين ويدعوها وأبناءها لمغدارة فرنسا، والثاني أنها وجدت نفسها تواجه قضية من المعتديتين عليها بدعوى أنهما استلما رسائل تهديد عبر هواتفهما الجوالة".
وأضافت: "أنا لا أعرف المعتديتين ولم يسبق لي أن رأيتهما على الإطلاق، ومن وصل إليهما هم رجال الشرطة، ولا أحد من عائلتي يعرف عنهما شيئا ولا أحد منا يملك أرقام هواتفهما، وبالتالي فهذا ادعاء كاذب وليس له أي دليل.. وقد تمكن المحامي من تسليط الضوء على هذه النقطة".
وتحدثت آمال، وهي أم لأربعة أبناء، أنها قدمت من الجزائر في مطلع تسعينيات القرن الماضي، بعد أن فقدت جدها ووالدها، الأول بتفجير سيارته والثاني بذبحه واللعب برأسه أمام أعينها، بنبرة حزينة قائلة: "لم أكن أتصور وأنا التي فقدت جدي عام 1994 ثم والدي عام 1995 بالجزائر في عمليات إجرامية فيما كانت تشهده البلاد من أعمال عنف، أنني سألقى ذات المصير ولكن في فرنسا الأنوار وحقوق الإنسان والديمقراطية كما يدعون".
وأكدت آمال في ختام حديثها لـ "عربي21"، أنها وخالتها متمسكتان بحقهما في متابعة المعتدين عليهما، والذين خلفوا آثار رعب لهما ولأبنائهما ووالدة آمال، ستأخذ وقتا طويلا لكي يتجاوزوها.
وقالت: "بالأمس التقيت المحامي لمتابعة القضية، وقد أخبرني بأنه مستمر في معالجتها وعدم التفريط في إنصافنا أمام العدالة"، على حد تعبيرها.
وقد زودت حنان موقع "عربي21" بمجموعة من الصور، قالت بأنها تظهر آثار العدوان الذي تعرضت له، ننشرها مع هذا التقرير.
ويأتي الاعتداء على المواطنتين الفرنسيتين من أصول جزائرية في ظل توتر في العلاقة بين السلطات الفرنسية والمسلمين، ففي 2 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، تحدث ماكرون عن اقتراح مشروع قانون يحدد النزعة الانفصالية، حيث زعم أن الإسلام "يمر بأزمة في جميع أنحاء العالم".
واعتبر أن هذا الوضع يتطلب العمل لـ"تحرير الإسلام في فرنسا من التأثيرات الأجنبية".
وفي 16 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، قطع عبد الله أنزوروف (18 عاما)، من أصل شيشاني، رأس باتي، مدرس التاريخ والجغرافيا (47 عاما)، بعدما عرض على تلاميذه صورًا كاريكاتورية مسيئة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم في درس عن حرية التعبير.
وقد تعهد وزير الداخلية الفرنسي، جيرارد دارمانين، بأكبر حملة قمع حكومية على الإطلاق ضد من يسمونهم بـ "المتطرفين".
وتم فتح أكثر من 80 تحقيقًا واعتقال عشرات المشتبه بهم، ومداهمة منازل، كما فتح مكتب المدعي العام الوطني لمكافحة الإرهاب تحقيقًا، وبدأت السلطات في حل 51 جمعية إسلامية، لا سيما جمعية مكافحة الإسلاموفوبيا.
قيادي في مسلمي أوروبا: الحكومة تتجه لسحب قانون الأمن الشامل
كاتب فرنسي: إسلاموفوبيا الدولة أكبر خطر على الجمهورية
وزير لبناني سابق: اغتيال العالم النووي الإيراني يوتر المنطقة