نشرت وكالة "بلومبيرغ" الأمريكية تقريرا، أعده الكاتب تيموثي كلداس، أكد فيه على أن خصخصة الشركات العسكرية بمصر لن توقف سيطرة الجيش على اقتصاد البلاد.
وأشار الكاتب إلى أنه بعد انقضاء عدة سنوات من التوسعات الهائلة للشركات المملوكة للجيش، يقول المسؤولون المصريون إن التغيير يلوح في الأفق.
ويعود ذلك، بحسب ما يراه الكاتب، إلى عمل صندوق الثروة السيادية الجديد في مصر على تهيئة مجموعة من الشركات المملوكة للجيش؛ من أجل بيع أسهمها لمستثمرين من القطاع الخاص، مع إمكانية بيع أسهم أخرى في البورصة المصرية. وحسب ما ورد، يعتزم الصندوق تولي الاستثمار في الشركات بنفسه.
وصرحت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، هالة السعيد، بأن بيع الشركات العسكرية سيمثل "تحولا تاريخيا في هيكلة الاقتصاد المصري".
لكن هذا التحول قد يكون "أقل شأنا مما يبدو عليه"، إذ قد تكون النتيجة النهائية له هي "ترسيخ اعتماد القطاع الخاص على النمو الذي تقوده الحكومة، لتعزيز الاتجاه السائد منذ سنوات"، كما يقول الكاتب.
اقرأ أيضا: الأمن المصري يعتقل 5 من أقرباء الفنان المعارض هشام عبدالله
ويستدرك بالقول: "لكن ذلك لا ينفي حقيقة وجود بوادر تغيير في الأفق. فمن أجل بيع أي أسهم سيتعين على الجيش نشر تقييمات الشركات المعنية". منوها إلى أنه عادة ما تكون الشؤون المالية للجيش وجميع أعماله بعيدة عن متناول عامة الناس، بذريعة أن الكشف عنها يهدد الأمن القومي.
وتابع: "أما الآن، لا بد من إسقاط الحجة القائلة إن الموارد المالية لمصانع معالجة الأسماك ومصانع المعكرونة من أسرار الدولة الحساسة لدفع الاستثمار".
ومع ذلك، يظل مدى ما سيتم الكشف عنه غير واضح، كما يقول الكاتب الذي ينبه إلى أنه رغم لزوم الإفصاحات العلنية لبيع الأسهم في البورصة، لكن الجيش طالما قام بوضع استثناءات للقواعد، وفقا لمصالحه ومشاريعه، وتبنيه النهج ذاته في البورصة المصرية "سيهدد موثوقية المعاملات".
ويقول الكاتب: "يبدو أن الجيش قد استنتج أن بإمكانه تقبل قدر معين من الشفافية، مقابل الوصول إلى رأس المال من خلال بيع الأسهم. وقد يكون ذلك الدافع الرئيسي وراء التطور الأخير في النمو الذي تقوده الدولة، الذي أصبح سمة مميزة لحكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي".
وأردف "سيتمكن جهاز مشروعات الخدمة الوطنية للقوات المسلحة، التابع لوزارة الدفاع، من جمع رؤوس الأموال بالاعتماد على سوق القطاع الخاص، لدعم استثماراتها وعمليات التوسع، بدلا من الاعتماد على التدفق النقدي والقروض من البنوك الحكومية".
وكانت الوزيرة السعيد قد أوضحت أن الحكومة لن تنسحب من السوق، بل تدعو القطاع الخاص للاستثمار معها. كما أوضح الرئيس التنفيذي للصندوق السيادي، أيمن سليمان، أن عروض استثمار أكثر استدامة "تتمحور حول شراكات بين القطاعين العام والخاص، مقابل الخصخصة فقط".
ويعلق الكاتب "على أي حال، لن تضمن "الخصخصة" وضع حد لتدخل الشركات التي تتمتع بولاءات سياسية. فخلال فترة رئاسة حسني مبارك، استولت النخب الحاكمة بانتظام على الشركات المخصخصة من خلال امتياز الوصول. وكان من المتوقع أن يساهم المشترون في الحزب الحاكم والمبادرات والحملات الرئاسية".
ويعتبر الوصول إلى الموارد المالية للشركات العسكرية غير ممكن حتى بالنسبة لمراجعي حسابات الدولة، ولا تتدفق أرباحها إلى خزائن الدولة، وإنما تظل حصرا تحت تصرف المؤسسة العسكرية، وفقا لما قاله الكاتب، وأضاف "خلافا للشركات التقليدية المملوكة للدولة، فإن هذه الشركات قادرة على فرض المزيد من الإكراه على المنافسة مع الجهات الفاعلة في القطاع الخاص".
وأكمل إن "هذه الجهود الجديدة لزيادة رأس المال من خلال الاستثمارات الخاصة، تأتي في إطار تطوير الاقتصاد السياسي لحكومة السيسي، التي بدأت تتشكل منذ انقلاب 2013. وتلعب الشركات المملوكة للمؤسسة العسكرية دورا مهما في نماء الاقتصاد المصري".
وأردف "كان التحفيز الحكومي المكرس للمشاريع الضخمة وتطوير البنية التحتية الكبيرة، سببا في دفع النمو في السنوات الأخيرة. وكثيرا ما يتم توجيه العقود الخاصة بهذه المشاريع إلى الشركات المملوكة للمؤسسة العسكرية دون تنظيم مناقصات تنافسية. ثم تقوم الشركات العسكرية بالتعاقد على قسم كبير من العمل مع الشركات الخاصة".
وأوضح أن هذا الأسلوب من شأنه أن "يُمكن الجيش من تحديد الفائزين والخاسرين في القطاع الخاص، وضمان اعتمادهم على الحكومة للوصول إلى الإنفاق الحكومي".
اقرأ أيضا: مصدر لـ"عربي21": هذه الملفات سيناقشها وفد مصر مع الوفاق
وأكد على أن بيع الأسهم سيمنح الجيش "حق الوصول إلى الثروة المملوكة للقطاع الخاص، التي لها وجهات بديلة قليلة. ونظرا لظروف الاستثمار غير المواتية، يقع تقييد الكثير من الثروة الخاصة للبلد في استثمارات عقارية وودائع مصرفية عالية الفائدة".
وأضاف "ساهمت مجموعة المزايا الرسمية غير القابلة للمنافسة التي تتمتع بها الشركات المملوكة للدولة، إلى جانب توسعها الهائل، في انكماش القطاع الخاص".
ووفقا للكاتب، "كان الكثيرون من مجتمع الأعمال المصري متحفظين، بشكل مفهوم، بشأن التنافس المباشر مع الشركات العسكرية. الآن، ربما يكون الجيش قد وجد طريقة للوصول إلى رؤوس أموالهم المتوقفة وزيادة تشابك مصالحهم. الهدف ليس مجرد تجميع الثروة، وإنما التحكم في كيفية تجميع الثروة ومن يقوم بذلك".
وينبه إلى أنه "السيطرة على إنتاج الثروة وتوزيعها للحكومة لا تسمح بشراء الولاءات فحسب، بل تمنع أيضا ظهور أي منافسة. إذا كانت مصر ستنتقل إلى اقتصاد يقوده القطاع الخاص، وهو ما كان من المفترض أن تسهله عمليات الإنقاذ المتكررة من صندوق النقد الدولي، فإن ذلك يعني أن الشركات الخاصة ستكون قادرة على إنتاج الثروة وتوزيعها بشكل مستقل".
وحسب عدد من التقارير المستقلة، ينقل عنها الكاتب فإن "التدخلات العدوانية في الاقتصاد من قبل الشركات المملوكة للدولة قد أعاقت الاستثمار المحلي والأجنبي وأدت إلى انكماش القطاع الخاص".
FP: دول الخليج وأمريكا جنت على الديمقراطية بالعالم العربي
إيكونوميست: لا داعي للاحتفال بالربيع العربي في عيده العاشر
استطلاع رأي يظهر التغيرات بدول الربيع العربي بعد الثورات