* أدعو الرئيس إلى لعب دور إيجابي وملموس لحل الأزمة الراهنة من خلال احتضان حوار وطني ورعايته
* قيس سعيد خلافا لكل مَن سبقوه يكثف من لقاءاته بالعسكريين ويتناول معهم أمور السياسة.. هذا خطأ نرجو ألا يتحول لخطيئة
* أرفض تماما المقايضة بين الاستقرار والديمقراطية أو بين الديمقراطية والتنمية
* دعوة الرئيس لتفعيل المادة 80 من الدستور وإعلان الأحكام العرفية تمثل انقلابا ناعما على التجربة الديمقراطية
* الفشل في الاتفاق على خارطة طريق لإنهاء الأزمة قد يؤدي لانهيار الدولة وسيتسبب في توترات اجتماعية وفوضى
* هناك مخاوف من إقحام المؤسسة العسكرية لكن جيشنا بعيد تماما عن ذلك وليس له رأي في القضايا السياسية حتى الآن
* مبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل هي الأكثر جدية لتنظيم حوار وطني لكن الرئيس لم يتعاط معها بالقدر المأمول
دعا الأمين
العام للحزب الجمهوري التونسي، عصام الشابي، الرئيس قيس سعيد إلى أن "يلعب دورا إيجابيا وملموسا
خلال الأزمة الراهنة التي تشهدها البلاد من خلال فتح الطريق نحو احتضان حوار وطني
ورعايته، وفتح طريق أمام التونسيين للتغلب على هذه الصعوبات، وليس التلويح
بالاعتماد على المؤسستين الأمنية والعسكرية في الحل".
جاء ذلك في مقابلته الخاصة ضمن سلسلة
مقابلات مُصورة تجريها "عربي21"، تحت عنوان (ضيف "عربي21").
وشدّد "الشابي" على رفضه التام لما وصفه
بمحاولات الرئيس التونسي قيس سعيد إقحام المؤسسة العسكرية في صراعات وتجاذبات
سياسية، قائلا: "هذا الرئيس خلافا لكل مَن سبقوه يكثف من لقاءاته بالعسكريين،
ويخطب فيهم بخطب تتناول الشأن السياسي والقضايا الخلافية في البلاد، وهو خطأ أرجو
ألا يتحول إلى خطيئة، فلا يمكن أن يكون الحل للصعوبات التي تمر بها التجربة الديمقراطية
هو إقحام الجيش في هذه الصراعات".
وقال الأمين
العام للحزب الجمهوري: "أنا
أرفض المقايضة بين الاستقرار والديمقراطية، أو بين الديمقراطية وعسكرة الحياة
السياسية، ونرفض أي دعوة تطالب الرئيس بتفعيل المادة 80 من الدستور، وإعلان الأحكام
العرفية، أو حتى حل البرلمان؛ فهي حلول غير دستورية، وتمثل في حقيقة الأمر محاولات
للانقلاب الناعم على التجربة الديمقراطية".
وحذّر من خطورة
فشل دعوات ومبادرات حل الأزمة الراهنة بتونس، قائلا: "في حال فشلنا في
الاتفاق على خارطة طريق فسيؤدي ذلك إلى عواقب وخيمة وتأزم أكثر للأوضاع، بل إنه قد
يؤدي لانهيار أو تفكيك الدولة، وسيتسبب في توترات اجتماعية وفوضى لا يقبلها أي
تونسي، خاصة أن بلادنا لا تتحمل المزيد من الهزات أو الأزمات".
وفي ما يأتي نص المقابلة الخاصة مع "ضيف عربي21":
ما أبعاد محاولات ضرب البلاد من الداخل والخارج التي تحدث عنها الرئيس التونسي؟
أتفق مع
الرئيس قيس السعيد بأن التجربة التونسية تواجه أعداء في الداخل والخارج – رغم
تحفظي على بعض الألفاظ التي يستخدمها الرئيس لما تحتويه على صيغ مبالغة – فتونس هي
مهد ثورات الربيع العربي، ما جعل بعض القوى الإقليمية في العالم العربي تتوجس شرا
من هذا المد الديمقراطي والمرحلة الديمقراطية التي أسست لها ثورة الحرية والكرامة
في تونس، فعملت هذه القوى وبشكل علني على محاصرة هذه الظاهرة، ونجحت في ذلك في
مصر، لكنها أخفقت في أن يكون لها موضع قدم أو تأثير في تونس حتى الآن.
أيضا هناك
المتضررون من الثورة الذين قامت ضدهم الثورة أو كانوا منتفعين من المنظومة
القديمة، فنراهم اليوم يعودون للساحة محاولين إقناع التونسيين بأن ما تواجهه
البلاد من مصاعب اقتصادية هو نتيجة لتحول البلاد للنهج الديمقراطي، ويريدون إيهام
الناس بأن نظام حكم الفرد الواحد أو الاستبداد هو السبيل الوحيد للتغلب على
المصاعب المعيشية التي يعاني منها التونسيون، ونحن في الحزب الجمهوري نرى أنها
مقايضة، وهي نفس المقايضة التي اعتمد عليها نظام الراحل ابن علي، وهي التي انتفض
ضدها التونسيون، وهي نفسها التي راحت ضحيتها شعوب عربية عديدة تحت شعار «لا
صوت يعلو فوق صوت المعركة» أو شعار «المعركة القومية لتحرير فلسطين»، العديد من
الأنظمة العربية قايضت الديمقراطية الداخلية بالاستعداد للمعركة، فلا هي حررت
فلسطين ولا هي خاضت المعركة، ولا هي حققت آمال الشعوب في سيادة نفسها.
هل التوترات الأخيرة التي تشهدها البلاد طبيعية أم إنها مفتعلة ويتم الترتيب لها بهدف إرباك مؤسسات الدولة؟
التوترات التي
تشهدها البلاد في تونس لها أسبابها الموضوعية، والمناطق التي خرجت في الأيام
الأولى للثورة ضد الإقصاء والتهميش والتمييز الفئوي هي نفسها التي تخرج اليوم لرفع
نفس المطالب التي رفعتها خلال الثورة، مطالب الكرامة والحق في التنمية، وتوفير فرص
العمل. والقائمون على الحكم والذين تولوا السلطة من بعد الثورة حتى اليوم يتحملون
المسؤولية عن خيبة الأمل التي أصابت المواطنين التونسيين، ومن حق التونسيين أن يُعبّروا
عن مطالبهم كما كفله الدستور التونسي، وكفلته لهم ثورة الحرية والكرامة، لمطالبة
الدولة بالالتفات لهم وتخصيص سياسة تنموية حقيقية لهذه الجهات.
لكن في
المقابل هناك بعض القوى أو مراكز القوى التي تعمل على استغلال هذه الصعوبات؛
للترويج لأفكارها، ولتعميق جراح التجربة الديمقراطية في تونس.
خلاصة القول:
التحركات التي تشهدها بعض المناطق هي تحركات طبيعية ومشروعة، ولم يمر عام خلال
العشر سنوات التي تلت الثورة دون تحرك تلك المناطق في ذكرى الثورة؛ لتجدد الضغط ولتؤكد
أنها ما زالت تنتظر أن تعود الدولة التونسية لهذه المناطق بمشاريع تنموية حقيقية،
وفي نفس الوقت هناك مَن يستغل هذه المطالب لتعميق الصعوبات، وأعتقد أن المسؤولية بالأساس
تقع على عاتق مَن تولوا السلطة منذ انتصار الثورة وحتى اليوم.
ما هي القوى التي تستغل هذه الاحتجاجات والإضرابات بالتحديد؟
هناك مَن
يناصب العداء للثورة التونسية، وهناك بعض القوى التي تُعلن صراحة عن انتمائها
ودفاعها عن المنظومة القديمة، وهي القوى التي أتاحت لها الثورة الفرصة لأن تعود من
جديد للمشهد السياسي، كنّا نود أن تعود بعد التقييم لأدائها الكارثي ولفترة القمع
والاستبداد والفساد، وأن تعتذر للتونسيين، وأن تنخرط بروحها في بناء تونس الجديدة،
فأبت إلا أن تواصل غيها.
ومن أمثلة تلك
القوى التي لها مناطق نفوذ، أو التي تمتلك أبواقا إعلامية تلعب دورا كبيرا في رفع
درجة التوتر والإحباط لدى التونسيين، وأكبر ترجمة على هذه القوى هو الحزب الحر
الدستوري الذي تقوده عبير موسي، ويمثل الحزب كتلة برلمانية لها وزنها في البرلمان
وترتيبها الرابع أو الخامس من حيث الحجم، وتعمل من خلال تمثيلها البرلماني على
تعطيل عمل المؤسسات الديمقراطية، وتشويه العملية الديمقراطية، لإقناع الناس بأن الديمقراطية
لا تليق بهم، ولا يمكنها تحقيق آمالهم أو تطلعاتهم.
وهناك مع
الأسف قوى تدعي أنها من صفوف الثورة، لكنها متطرفة تتحالف مع قوى الفساد، ويمثل تلك
القوى ائتلاف الكرامة، وهي كتلة هجينة دخلت البرلمان بخطاب محافظ مليء بوعود
انتصار الثورة، لكنها سرعان ما انقلبت على وعودها الانتخابية، ففي حين ترفع شعار
محاربة المنظومة القديمة نجد أنها تقدم للمنظومة القديمة الخدمات والمبررات للنيل
من التجربة الديمقراطية.
الرئيس التونسي قيس سعيد قال إن الجيش قادر على التصدي لكل "محاولات الإرباك"، فضلا عن "المحاولات الإرهابية".. فهل سيكون هناك دور ما في المستقبل للمؤسسة العسكرية حال تأزم الأوضاع؟
المؤسسة
العسكرية دائما لها دور، فهي مؤسسة وطنية ومبعث فخر واعتزاز لكل التونسيين، ودورها
كما حدده الدستور، وكما كانت دائما مُلتزمة بروح الانضباط وبروح العقيدة العسكرية
التونسية التي تُبعد هذه المؤسسة عن التدخل في الحياة السياسية؛ فالعسكر في تونس لم
يسبق لهم أن تدخلوا في الحياة السياسية حتى في أصعب الظروف التي مرت بها البلاد،
حتى أيام الثورة كانت السلطة على قارعة الطريق، لكن -والحمد لله- لم يكن هناك أي مغامر
داخل القوات المسلحة ليغامر بالتقاط هذه السلطة.
وعندما يقول
الرئيس إنه يثق بأن القوات المسلحة ستكون هي الدرع الحامي للبلاد ضد خطر الإرهاب
فهذا صحيح مئة بالمئة، وعندما يقول إنها أحد دعائم تماسك الدولة فنحن نؤيده في ذلك
القول، لكن نختلف معه في تعدد محاولات – التي ربما تكون غير مقصودة – إقحام
المؤسسة العسكرية في صراعات وتجاذبات سياسية، ورئيس الجمهورية – خلافا لكل مَن
سبقوه – يكثف من لقاءاته بالعسكريين، ويخطب فيهم بخطب تتناول الشأن السياسي والقضايا
الخلافية في البلاد، وهو خطأ أرجو ألا يتحول إلى خطيئة، فلا يمكن أن يكون الحل
للصعوبات التي تمر بها التجربة الديمقراطية هو إقحام المؤسسة العسكرية – مع احترامنا
الكامل لها – في هذه الصراعات أو نوكل لها حل هذه الصراعات، التي يجب تُحل
بالاحتكام للقوانين والدساتير، التي وُضعت بالأساس للاحتكام لها عند الأزمات
والخلافات.
لذا، أنا أرفض
المقايضة بين الاستقرار والديمقراطية، أو بين الديمقراطية وعسكرة الحياة
السياسية، ونرفض أي دعوة – وخاصة التي أطلقت من بعض النخب السياسية مؤخرا – التي
تطالب صراحة الرئيس قيس سعيد بتفعيل المادة 80 من الدستور، وإعلان الأحكام
العرفية، أو حتى حل البرلمان التونسي، وهي حلول غير دستورية، وتمثل في حقيقة الأمر
محاولات للانقلاب الناعم على التجربة الديمقراطية.
ولاحظ معي أن
المتسببين في تأجيج الصعوبات ليسوا فقط من أبناء المنظومة القديمة، ولكن أيضا ممن
يزعمون أنهم أبناء الثورة أو ينتمون لها، نحن في تونس بحاجة لتثبيت القيم الديمقراطية،
وإلى تحكيم الدستور واحترام الشرعية، ولو لم تكن هذه المؤسسات قادرة على حل الأزمة
الحالية في البلاد فعلينا أن نسلك سبل الحوار الوطني لوضع خارطة طريق تساعد
السلطات والهيئات المنتخبة دون الانقلاب عليها، والعمل على معالجة هذه الأزمة في
ظل اتفاق ووحدة وطنية ولو على مدى قصير (سنتين أو ثلاث) لمعالجة الأزمة الاقتصادية
الخطيرة التي تعاني منها البلاد.
برأيك، لماذا يُقحم الرئيس التونسي الجيش في الأوضاع السياسية؟
هو لم يقحمها
بعد، هو يحاول أو ربما يخطئ عندما يتوجه بخطابه للعسكريين، أو عندما يوجه خطاباته
للشعب التونسي خلال استقباله قادة الجيوش التونسية، فهو لم يقحم العسكر، لكن هناك
مخاوف من إقحام المؤسسة العسكرية؛ فالرئيس قيس سعيد – الذي يتمتع بشرعية انتخابية
وقاعدة شعبية حقيقية – جاء بمسار سياسي فريد، وهو لم يمارس السياسة قط قبل انتخابه
رئيسا للجمهورية، وهو أستاذ في القانون الدستوري بالجامعة التونسية، وكانت له آراء
في المرحلة التأسيسية، لكنه لم يتعاط السياسة، فلم ينتم لحزب، ولم يمارس العمل
الاجتماعي ولا المدني ولا السياسي، بل يعتبر الأحزاب السياسية شرا لا بد منه، أو لا
بد من التخلص منه، ولا يؤمن بأن الديمقراطية تقوم على الأحزاب التي تضمن مشاركة
المواطنين في الحياة العامة والحياة السياسية، وقد قالها الرئيس صراحة: «الأحزاب
مثل الدواء المنتهية صلاحيته»، لذا نراه يريد أن يستعيض عن المؤسسات الحزبية
والمدنية والديمقراطية بالاعتماد على المؤسسة العسكرية المعروفة بأدائها المنضبط
والوطني.
أعتقد أن هذه
النزعة خاطئة، وقد دعونا - مع غيرنا من الديمقراطيين - الرئيس لتصحيح هذه الأخطاء
والتخلي عن هذا النهج باعتباره رئيسا لكل التونسيين، وهو مسؤول عن التواصل مع كل
الأحزاب السياسية والشخصيات الوطنية ومكونات المجتمع المدني، وأن يلعب دورا خلال
هذه الأزمة لفتح الطريق نحو احتضان حوار وطني ورعايته، وفتح طريق أمام التونسيين
للتغلب على هذه الصعوبات، وليس التلويح بالاعتماد على المؤسسة الأمنية والمؤسسة
العسكرية في الحل، فلدى هذه المؤسسة من المهام الكبيرة التي تتطلب التفرغ لها،
وليس إقحامها في مشاكل المدنيين، وفي المشاكل السياسية والتجاذبات الحزبية، فإذا
دخلت السياسة القلاع والثكنات العسكرية فإنها ستفسد السياسة والثكنات معا؛
فالمؤسسة العسكرية التونسية مؤسسة وطنية تعمل لصالح التونسيين جميعا، ولا يجب أن تتدخل في الحياة السياسية أو أي قضايا خلافية أبدا.
وما موقف الجيش من محاولات إقحامه في الصراعات السياسية؟
الحمد لله
أننا لا نستطيع أن نتحدث عن موقف الجيش التونسي من هذا الموضوع؛ لأن الجيش التونسي
لا يتعاطى أصلا أو يبدي رأيا في القضايا السياسية حتى الآن، ونتمنى أن يبقى على
موقفه هذا، فلا يمكن أن نلتمس بطريق مباشر أو غير مباشر موقف المؤسسة العسكرية،
فهي لا تبحث هذه القضايا من الأساس، وهو ما يُطمئن التونسيين بأن تجربتنا الديمقراطية
ستظل سليمة ومدنية، وستظل محمية داخليا وخارجيا بالمؤسسات الديمقراطية، وبالمؤسسات
العسكرية والأمنية كلٍ حسب اختصاصه.
برأيك، هل قيس سعيد يحاول إقحام الجيش في الصراعات السياسية من تلقاء نفسه أم إن هناك جهات ما – سواء كانت في الداخل أو في الخارج – تدفعه لذلك؟
لا أدعي معرفة
عميقة بالرئيس قيس سعيد، لكن أستطيع أن أؤكد أنه يتمتع بشخصية قوية ويصعب وقوعها
تحت أي تأثير داخلي أو خارجي، فهو يتصرف بحسب قناعاته واجتهاداته، قد يخطئ ويصيب
في هذه القناعات، لكنها وليدة رأسه وتفكيره، ولا يخضع لأي نوع من التأثير أو الضغوط
سواء من قوى داخلية أو خارجية، في هذا الأمر أو في غيره.
الرئيس التونسي طالب وزير الداخلية قبل أيام بالتصدي لكل مَن يتعدى على أمن البلاد والمواطنين، مؤكدا أنه لا مجال في تونس لمَن وصفهم بـ"الخونة".. فمَن هم الخونة الذين تحدث عنهم الرئيس؟
لا أحبذ هذه
الطريقة التي استخدمها الرئيس في حديثه، وإلقاء الاتهامات بهذا الشكل، فكان عليه
أن يوضح بشكل صريح، فهو في موقع رأس السلطة في الدولة التونسية، فإن كان هناك خونة
بالفعل فلا يجب الحديث عنهم، وإنما يجب إحالتهم على الفور إلى القضاء حتى يعلم
التونسيون مَن هم الخونة، وكيف خانوا الوطن.
أما خطابه للأجهزة
الأمنية حول ضرورة التصدي للفوضى وقطع الطرقات، فهذا دوره كرئيس للجمهورية، كما أن
الاحتجاجات أو الإضرابات مقبولة ما دامت تحافظ على سلميتها، أما أن تتحول لقطع
الطرقات ومنع الإمدادات أو الوقود عن وجهته الطبيعية في البلاد فهذا لا يمكن
القبول به، ولا يمكن لدولة أن تستمر بمثل تلك التصرفات، وبالتالي فالرئيس قيس سعيد
عليه أن يطالب المؤسسات الأمنية والعسكرية بالتدخل بكل حسم لحماية الأمن العام في
البلاد.
كيف تنظرون للمبادرات المطروحة حاليا في البلاد كمبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل لتنظيم حوار وطني للإنقاذ؟
المبادرة التي
أطلقها الاتحاد العام التونسي للشغل هي المبادرة الأكثر جدية لتنظيم حوار وطني
لبحث سبل تجاوز الأزمة التي تمر بها البلاد، فليس لدينا خيار آخر، فإما الفوضى
والعنف – لا قدر الله – وإما الحوار الوطني؛ فالمؤسسات القائمة – مع احترامنا لها
ولشرعيتها – غير قادرة وحدها على الخروج من هذه الأزمة؛ فالحوار الوطني يعطي دفعة
وقوة إضافية لهذه المؤسسات وللحكومة لكي تنطلق لمعالجة الأزمة وفق خارطة طريق مُتفق
عليها وطنيا، خلال فترة زمنية تتسم بالاستقرار الذي يساعد السلطة التنفيذية على
تنفيذ السياسات والإصلاحات المطلوبة.
وقد توجه
الاتحاد لدعوة الرئيس لتبني الحوار ورعايته، لكن الرئيس لم يتعاط مع هذه الدعوة
بالكيفية المطلوبة؛ فقد تباطأ بالرد على دعوة الاتحاد، وحتى قبوله ما زال ضمنيا،
وأنا أرجو من الرئيس أن يتخلى عن هذه السلبية، ويدعو للحوار على مائدة يجتمع فيها
التونسيون على أوراق عمل واضحة؛ فلسنا في حاجة لحلبة صراع بقدر حاجتنا لمائدة حوار
يلتقي فيها الفرقاء السياسيون والمنظمات الوطنية؛ لبحث المشترك بينهم وتقديم
التنازلات الضرورية، ليست تنازلات شخصية وإنما لمصلحة الوطن.
ونحن في الحزب
الجمهوري كان لنا شرف اللقاء بالأمين العام للاتحاد الذي قدم لنا رسميا نسخة من
المبادرة التي سلمها لرئيس الدولة، ونحن نتفاعل إيجابيا مع هذه الدعوة ونثمن هذا
المسعى الذي يقوم به الاتحاد، وندعو إلى انعقاد هذا الحوار في أقرب الأوقات، لكن
بشرط التحضير الجيد له؛ حتى لا يكون مصدرا لخيبة أمل جديدة.
ما فرص حلول الأزمة واقعيا؟ وماذا لو تأزمت الأوضاع أكثر؟
الفرص حقيقية
لو تعلقت همة كل التونسيين بذلك، نحن إزاء أزمة عميقة ومخاطر اقتصادية جدية، لكن
إمكانية معالجتها لا يتم بعصا سحرية وإنما بسياسات واقعية، وإصلاحات جدية تنفذ
خلال سنوات لا تقل عن ثلاث، لذا علينا التسلح بالروية والصبر، وبالمقترحات العملية
أو السياسيات القابلة للتنفيذ، فنجاح الحوار شرطه عدم تقديم حل حكومة بديلة عن
الحكومة الحالية، لأن هذا الحل سيتسبب في فشل الحوار قبل بدايته، وسينصب الحوار
حول تقسيم الغنائم وليس وضع الحلول، فعلينا تغيير السياسات أكثر من تغيير
الحكومات، وأن نُلزم الحكومة بسياسات جديدة، أما إن فشلنا في عقد الحوار أو الاتفاق
على خارطة طريق – لا قدر الله - فسيؤدي ذلك إلى عواقب وخيمة وتأزم أكثر للأوضاع قد
يُهدد بتفكك الدولة، ويؤدي إلى توترات اجتماعية وفوضى لا يقبلها أي تونسي.
كما أن تونس لا
تستطيع تحمل المزيد من الهزات أو الأزمات، وقد حان الوقت ليتعقل الجميع، ونُدرك أهمية
المحافظة على السفينة التي تقلنا جميعا حتى ترسو بنا على ميناء الاستقرار، ثم
نلتقي في مناسبات وانتخابات جديدة، أما اليوم فعلينا حماية تونس من أي تهديد يؤدي
لانهيار تونس أو تفككها لا قدر الله.
رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي قالت إنها سوف تقاضي راشد الغنوشي، معلنة عن إطلاق ما وصفته بـ"ثورة التنوير" لإنقاذ البلاد رافضة مبادرة الحوار الأخرى.. كيف ترى ذلك؟
السيدة عبير
موسي أو غيرها من المواطنين من حقها أن تقاضي أي أحد؛ فلا أحد فوق القانون مهما
علا شأنه أو كان اسمه، وهذا حق لا يُناقش، وبالتالي عليها أن تقدم مستندات دعوتها أو
اتهامها أمام القضاء، كما يحق لأي شخص مقاضاة عبير موسي إذا كان لديه مستندات
اتهام، وكلها أمور متروكة للقضاء.
أما بخصوص ما
يُطلق عليه "ثورة التنوير وحملة التغيير"، فيجب على مَن يتكلم عن
التنوير أن يعلم بأن هذا المصطلح بدأ في أوروبا عندما طبقت الديمقراطية، والاعتراف
بالاختلاف والعيش المشترك واحترام التعدد، أما مَن لا يؤمن إلا بالإقصاء وحكم
الفرد الواحد والاستبداد، ومَن يُمجد الديكتاتورية، فلا يمكن أن يكون تنويريا. كما
أننا لم نسمع لها – أو لحزبها - صوتا بما ينفع البلاد والعباد في معالجة الأزمة
الاقتصادية والاجتماعية، فحزبها يضع نفسه خارج الحوار الوطني وخارج الوحدة
الوطنية، وخيرا ما فعلوا؛ فالوحدة الوطنية والحوار الوطني لا يمكن أن يُقام مع قوى
التطرف والإقصاء.
رفيق عبد السلام: الثورة التونسية تظل قصة نجاح رغم العقبات
سياسي تونسي يدعو لإيجاد خارطة طريق لإنهاء أزمة البلاد
رفيق عبد السلام: هذا مخطط "قوى الانقلاب الناعم" بتونس